عثمان حسن بين الأدب والفلسفة، تبرز بين الحين والآخر، العديد من المسائل التي تحتاج لنقاش من قبل المثقفين، كتاباً وشعراء، وفلاسفة كذلك، ولقد عرف القارئ العربي نماذج عدة من الكتَّاب الذين مزجوا بين الأدب والفلسفة، ومنهم على سبيل المثال «جان بول سارتر» المعروف بوصفه فيلسوفاً وجودياً، وقد مارس الكتابة الأدبية كذلك من خلال قصصه ورواياته التي اختبر من خلالها، أو لنقل حملها بغنى فلسفته ك «الحائط» و «الغثيان» و «طريق الحرية» وكذلك أعماله المسرحية.إن الكتابة الأدبية بنكهة أو ب «طعم» فلسفي، إن جاز التعبير، فيها قدر كبير من بعد النظر، من أجل الالتحام بالحياة، ومعرفة وتأمل أسرارها، وهو سبيل إلى تجديد خبرة الكاتب، والوقوف على تخوم التجربة الإنسانية، ويجوز كذلك أن نعتبر الشعر من المجالات التي تحتمل نوعاً من الفلسفة، والكتابة هنا، هي حصيلة خبرة الكاتب وتميز تجربته، وذات الكلام يمكن أن يقال في تجربة الكتابة المسرحية، حيث يلتقي الفكر مع الكتابة، بوصف المسرح ابن التجربة الإنسانية، ولنقل التجربة التي جاءت من خلال حرية الفكر والإبداع في المجالات كافة، ولا يمكن بالضرورة أن تنجز كتابات مسرحية إبداعية من دون شرطها الفكري أو الفلسفي، ومجمل الأسئلة التي تطرحها الحياة، وهذا لا يعني أن الكتابة للمسرح أو الكتابة الشعرية، يجب أن تنخرط في الفلسفة البحتة، التي هي مجال يتعلق بالفلاسفة وحدهم، وما دمنا بصدد معرفة المسافة بين الأدب والفلسفة، فمن المهم للقارئ أن يتعرف إلى الفيلسوف الكبير «فولتير»، وكتابه الأهم «رسائل فلسفية» وهو كتاب فكري وصف بأنه يتميز بقدر من السخرية، ولفولتير أيضاً رواية «كانديد والتفاؤل» وهي من نوع الأدب الساخر حيث تقوم على فكرة أن العالم مملوء بالشر وأن الإنسان عليه أن لا يسرف بالتفاؤل، وهو ما سبق ما انتقده جان جاك روسو، الذي وجه لفولتير رسالة نعت عمله بالعمل المتشائم، وينتقد «فولتير» في الرواية قسوة العالم وحجم الشر وانعدام القوانين الأخلاقية.وهكذا فإن المسافة بين الأدب والفلسفة، قريبة إلى حد كبير، شرط أن لا تطغى الفلسفة على الأدب، وأن يظل الأدب بدوره رشيقاً، طريفاً، وممتعاً ومفكراً أيضاً. ohasan005@yahoo.com
مشاركة :