الشارقة: علاء الدين محمود في مجموعتها السردية «مأوى الغياب»، الصادرة عن دار سرد للنشر، عام 2018، تأخذ الكاتبة المصرية منصورة عز الدين القراء في عالم من الخيال والغرائبية بأسلوب سردي ولغوي مختلف ومميز، وتطرح المجموعة في ذات الوقت أفكاراً فلسفية، بل تلعب على رؤى ومفاهيم وضعها فلاسفة وأدباء كبار بحجم: «كافكا»، «بورخيس»، «كالفينو»، «نيتشة»، و«جاك دريدا»، وغيرهم من الذين برعوا في صناعة المفاهيم الأدبية والفلسفية. وتنتمي المجموعة إلى ما يعرف بالمتتالية القصصية، وهي عبارة عن قصص يجمعها سياق سردي ونفسي واحد متداخل ومتسلسل، وذات مضمون مشترك، ثيمتها واحدة وتجري أحداثها في أماكن وأزمنة قد تكون متفرقة ومتباعدة، وهي تختلف عن الرواية؛ إذ إن المتتالية لا تتبع التسلسل الطبيعي للرواية فأحداثها متشظية، ولا تخضع لمنطق السرد في القصة القصيرة والرواية. وعلى الرغم من العوالم الخيالية للمجموعة التي تتكون من 15 قصة، لكنها تأخذ من خراب الواقع موضوعاً لها، فهي تطرح أسئلة الوجود والزمان والمكان، والوجود البشري وأسراره الغامضة، وتبحث في المشترك بين البشر، وتأتي قوة السرد من خلال الترابط بين كل قصة والتي تليها بحيث إن كل واحدة هي عبارة عن متاهة تقود إلى الأخرى في رحلة بحث عن الحقيقة واليقين. وجدت هذه المجموعة استحساناً كبيراً من قبل القراء، بل إن كثيراً منهم على دراية بإنتاج الكاتبة السردي السابق، فراحوا يقارنون بين هذه المجموعة وأعمالها السابقة، ورأى كثيرون أن الكاتبة استطاعت أن تضع بصمة خاصة في عالم السرد، وتشير إحدى القارئات إلى جمعها الفريد بين التقنيات السردية والرؤى الفلسفية وتنوع المواضيع، وتقول: «في نصوص المجموعة تعدد يضعك أمام تفسيرات مختلفة وقراءات متشعبة، فالكاتبة اقتبست في بداية المجموعة اقتباساً قصيراً من جاك دريدا، لكنه يلقي بضفافه على كل نصوص المجموعة، وهكذا تلعب الكاتبة مع الكلمات لعبة سردية ممتعة، تكتب ثم تنفض ما كتبته وتحيله إلى موت مؤقت، لتعيد إحياءه مرة أخرى في نص تالٍ». فيما تحدث قارئ آخر عن العوالم العجائبية للكاتبة ويرى أن الكاتبة استطاعت أن تقتحم متاهات عالم مليء بالغموض والأسرار والغرابة، بمقدرة فائقة على الوصف والالتقاط، وصنع لحظات تأملية تضع القارئ بصورة مباشرة أمام التفكير في القضايا التي فجرتها. بينما تتابع قارئة ذلك العالم السحري الذي تناولته الكاتبة وإسقاطه على الواقع بحجج فلسفية وجمالية، وتقول: «جمال المتتالية القصصية للكاتبة يبرز في خلط الفنون بسحر اللون، والشكل، والرائحة، بصورة تبدو كحفر بارز على حجر فرعوني قديم يجاور مسرح روماني». فيما يشير قارئ آخر إلى تلك القطع الشاعرية التي احتوتها المجموعة السردية، حيث برعت الكاتبة في مسألة الاقتباسات، ومحاورة مقولات الفلاسفة والأدباء، واستطاعت أن تنتج مقولات خاصة معطرة باللغة الأدبية الرفيعة.
مشاركة :