«أراك جازان».. سواك وغذاء وعطر

  • 5/22/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعد منطقة جازان (جنوب السعودية)، مصدراً ممولاً لجميع الأسواق المحلية من عود سواك الأراك، الذي يزداد الطلب عليه خلال شهر رمضان المبارك، اقتداءً بسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي رغّب فيه. وتمتاز شجرة الأراك المعمرة التي تنتشر في جازان، وتُسمى علمياً بـ«سالفادورا بيرسيكا» أو «شجرة الأسنان» بأنها دائمة الخضرة، وتنتمي إلى الفصيلة الأراكية، وهي طيبة الرائحة، ولا يزيد ارتفاعها على أربعة أمتار، وأوراقها خضراء بيضاويّة الشكل تخلو من الشّوك، بينما أزهارها صفراء مخضرّة، وأغصانها غضّة تتدلّى إلى الأسفل، وجذورها تكون عميقة وممتدة إلى مسافات كبيرة تحت الأرض. ويتم استخراج السّواك – بحسب تقرير لوكالة الأنباء السعودية - من جذور شجر الأراك، التي يبلغ عمرها السّنتين أو الثّلاث، وهي عبارة عن ألياف كثيفة وناعمة تشبه الفرشاة، ويتم استخدامها من طريق قطع رأس السواك، وإزالة القشرة الخارجيّة للجزء المراد استخدامه منه، باستخدام المقصّ أو السّكّين، وترطيبه قليلاً لاستخدامه في الاستياك. وتشهد أسعار السواك ازدياداً ملحوظاً من تجارها، استعداداً لتوفير الكميات الكافية منها في رمضان المبارك في جميع المناطق، وبخاصة المدن الرئيسة، مثل: الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وغيرها من المدن. وترتفع ربطة السواك في شهر رمضان من ١٠٠ريال في الأوقات العادية من العام إلى ٣٠٠ ريال للنوعيات الممتازة من سواك الأراك، التي تستخرج من بعض المحافظات التي عرفت بجوده السواك بها. ولا يتوقف عطاء شجرة الأراك على تقديم عود السواك فحسب، بل إنها تعد مصدراً أساسياً لرعي الماشية بالمنطقة، وبخاصة الإبل، التي تعرف بـ«الأركية» و«العادية»، إذ تعتمد الإبل الأراكية على الأراك بشكل أساسي في رعيها، فيما يعتبر الأراك غذاءً ثانوياً للإبل العادية، التي تفضل شجر السلم والسمر. ويستخرج من شجرة الأراك نوعان من الثمار، يحرص أهالي جازان على تناولهما خلال الموسم الذي يتوافران فيه، ويعرف النوع الأول بـ«الغيلة» وهو عبارة عن حبات صغيرة الحجم ذات اللون الأحمر والثاني يعرف بـ«الكباث» وهو يتخذ اللون نفسه لكنه أكبر قليلاً من الغيلة في الحجم، إذ يقترب من حجم حبة العنب، إضافة إلى بعض الثمار مثل «الحدل» الذي استخدم في السابق بديلاً عن الرغيف أوقات قلة المطر وتأخر الموسم الزراعي، و«الحدر» الذي يقدمه مربو الأغنام لماشيتهم ويعد مدراً للحليب ويضفي نكهة عليه، وكذلك «العكش» و«الدغابيس» التي تعد بمثابة الفاكهة التي ارتبطت بهذه الشجرة. وتوجد علاقة بين الإنسان في منطقة جازان وشجرة الأراك منذ القدم، حيث يعتمد الإنسان اعتماداً كلياً على ما تنتجه الطبيعة من خيرات أشجارها ونباتاتها البرية، في حين أن شجرة الأراك أو السواك واحدة من هذه الأشجار ذات الاستخدامات الطبية والجمالية. وكانت «الأراك» مصدراً لجزء من الأخشاب التي تبنى بها منازلهم «العشاش» ومصدراً للغذاء في أوقات قلة المطر بما تقدمه من ثمار، إضافة إلى مصدر دواء، إذ تستخدم أوراقها بعد طحنها لعلاج الإسهال، من خلال وضعها على رأس المريض، ومصدر للطيب والزينة، إذ تطرح شجرة الأراك بعد هطول الأمطار ما يعرف بـ«الكدة» التي تمتاز برائحتها الطيبة، وتستخدمها نساء جازان بوضعها في خزانات الملابس، أورشها على الملابس والجسم، أو تطييب الشعر بمثابة نوع من أنواع العطور والبخور التي عرفها أهالي جازان. وأصبحت شجرة الأراك في الوقت الحاضر من الأشجار التجارية التي تعمل الدول على تكثيرها لبيع السواك، الذي يُستخرج منها، كما يُزرع لغايات استصلاح التربة، إذ يعمل على تثبيت التربة الرملية. وتتمتع مكونات وأغصان شجرة الأراك بعدد من الخصائص الفعالة التي أجمع عليها كثير من الأخصائيين في طب الأسنان، إذ تحوي أغصانه على مركبات طبيعية تقضي على الجراثيم والبكتيريا الموجودة في الفم، وتُحافظ على صحة الأسنان وتمنع تسوسها، كما تُسهم الأغصان المأخوذة من شجرة الأراك في إعطاء الفم أنفاسا منعشة، وتُساعد في شد أنسجة اللثة المرتخية، وعلاج التقرحات الفموية وتقرحات اللثة، كما تمتاز ألياف أغضان الأراك بانها ألياف ناعمة ولينة وعطرة الرائحة ولا تتسبب في أية خدوش أو أذى للثة، كما تفعل ألياف فرشاة الأسنان الصناعية.

مشاركة :