تظاهر موظفو القطاع العام في فرنسا اليوم الثلاثاء، للاحتجاج على إصلاحات مقترحة للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي اعتبروا أنه يشن «هجوما» على الخدمات المدنية وأمنهم الاقتصادي. واليوم هو الثالث من الاضطرابات الواسعة في حركة النقل والتظاهرات التي نفذها موظفو القطاع العام منذ انتخاب ماكرون العام الماضي الذي تعهد خفض الإنفاق الحكومي وتقليص الوظائف وإجراء إصلاحات في قطاعات واسعة. وشاركت جميع نقابات الموظفين الحكوميين الثلاثاء، في مشهد تكاتف نادر من نوعه لم يحصل منذ نحو 10 سنوات في تظاهرة في باريس جمعت 16 ألف شخص. وتخلل المسيرة اشتباكات بين عشرات من المتظاهرين المقنعين والشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع واعتقلت عددا من الأشخاص. كما تظاهر الآلاف في مرسيليا وليون ونانت وغرينوبل وغيرها من المدن. وأثر الإضراب على المدارس ودور الحضانة ورحلات الطيران وبعض مرافق الكهرباء فيما وقعت اضطرابات في حركة النقل حيث شارك بعض الموظفين قبل الجولة المقبلة من الإضرابات التي تبدأ في وقت متأخر الثلاثاء، وتستمر ليومين في الشركة الوطنية للسكك الحديد الفرنسية. وقالت برنانديت غروازون من «الاتحاد النقابي الوحدوي»، إنه «بفضل القطاع العام، جميع النقابات ستكون متحدة»، وأضافت، «هذا يظهر أهمية التحرك». وتعتزم الحكومة الوسطية تطبيق إصلاحات في القطاع العام اعتبارا من السنة القادمة يمكن أن تؤدي إلى استخدام أكبر للعمال المتعاقدين في بعض الخدمات الحكومية واقتطاع 120 ألف وظيفة من 5,6 مليون بحلول 2022. وجمدت الحكومة الرواتب في وقت يستعد وزير الدولة للخدمة العامة أوليفييه دوسوب لإجراءات لخفض النفقات. ويخشى العديد من الموظفين الحكوميين أن تكون الحكومة تعتزم إلغاء وضعهم الخاص ومزايا ضمان توظيفهم مدى الحياة، وهي تدابير تم إبلاغ الموظفين الجدد في الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية بها. وتسبب إضراب نفذه عناصر في الشرطة من أجل مزايا تقاعدهم باضطراب حركة السير في الطريق الدائري المحيط بباريس. لكن الإحصائيات تشير إلى أن الحراك يحاول حشد دعم واسع، حيث أفاد 49 بالمئة بأنهم لا يدعمون الموظفين المضربين وذلك في استطلاع أجراه معهد «فيافويس»، ونشرته صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، فيما أعرب 40 بالمئة عن دعمهم للتحرك.لا تراجع وتتزامن نتائج الاستطلاع مع تلك المرتبطة بالإصلاح في قطاع سكك الحديد الذي أثار أطول سلسلة إضرابات على الإطلاق في الشبكة. وفي استطلاع أجرته شركة «آي فوب»، ونشرته صحيفة «جورنال دو ديمانش» الأحد، اعتبر 42 بالمئة من المستطلعين أن إضراب الشركة الوطنية للسكك الحديد الفرنسية مبرر مقابل 58 بالمئة رأوا عكس ذلك. وينفذ موظفو السكك الحديد إضرابات ليومين من خمسة كل أسبوع منذ الثالث من أبريل/ نيسان، وسيبدأون جولة إضرابات جديدة الثلاثاء. وأثرت تحركاتهم بشكل كبير على خدمة القطارات. لكن ماكرون تعهد عدم التراجع وتطبيق وعوده بإصلاح السكك الحديد وتقليص النفقات الحكومية، وهو جزء من برنامجه الانتخابي. والقطاع العام في فرنسا من الأكبر في أوروبا مقارنة بحجم اقتصادها، ولم تتمكن البلاد من تحقيق التوازن في ميزانيتها منذ السبعينيات، ما أدى إلى دين عام بنسبة تقترب من 100 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. لكن النقابات تتهم ماكرون، المصرفي السابق، بالسعي إلى تدمير الخدمات العامة التي تعد مصدرا أساسيا للوظائف وتوفير سبل المعيشة في العديد من مناطق البلاد. ونظم الموظفون الحكوميون نحو 130 إلى 140 تظاهرة في مختلف المدن الفرنسية الثلاثاء، فيما تأمل النقابات بأن تكون المشاركة أكبر من التحرك الأخير في 22 مارس/ آذار، الذي حشد 300 ألف متظاهر في أنحاء البلاد. وتأتي المسيرات قبيل حراك دعت إليه السبت عشرات الجمعيات والأحزاب اليسارية والنقابات لدعم الموظفين المضربين ودفع ماكرون إلى التراجع.
مشاركة :