قضايا المرأة كثيرة، قد يتعاطف معها البعض، يعاديها البعض، وقد يتجاهلها البعض الآخر، كل يحكم حسب تأثير الوضع عليه ومن منظوره ومعتقداته، ولكن ماذا عنها؟! أليس لها مشاعر وأحاسيس، فكر ورأي، علم وثقافة، قدرات ومهارات.. تاريخ عريق وعلى هذه الأرض؟! لماذا عليها أن تتحمل التعامل غير المنطقي وأحيانا كثيرة غير الموضوعي حين تظهر أي قضية، حيث يصبح فجأة الكثير مختصا وتحت يده الإحصاءات ونتائج الدراسات التي من خلالها يتحدث وعن ثقة؟! لقد سئمنا.. فعلا لقد طفح الكيل ولم يعد الأمر يحتمل! تدخل في كل شيء من لباسها إلى فكرها إلى الكحل في عينيها.. كل شيء خاص بها مشاع وكأننا في سوق شعبي والكل يزايد.. من يسمح ومن يمنع ومن يحلل ومن يحرم! والذي زاد وأنقص من يربط زيادة عدد المطاعم والمغاسل كدليل على كسل أو تقاعس المرأة السعودية عن القيام بأعمال تثقل من كاهل الكثيرات ولكنهن يقمن بها بصمت وتحمّل يذهل من عايشهن عن قرب وتابع جهادهن اليومي من أجل التوفيق بين العمل والبيت! بأي حق يسمح فرد لنفسه من هذا المجتمع أو غيره أن يفكر بأن المرأة السعودية مدللة كما يظهرها الكثير في الإعلام من صور الصحف والمجلات أو شبكات التواصل الاجتماعية؟! يتحدثون وكأنهم يعرفون تماما من هي المرأة السعودية، من ربة البيت إلى العاملة إلى الموظفة إلى القروية إلى المزارعة! لم أكن أعرف بأن النسبة التي ترتاد المطاعم سواء من الرجال أو النساء هي تمثل جميع المواطنين! لم أكن أعرف أن نسبة من يقضين جل أوقاتهن في الأسواق والحفلات والزيارات وسفريات الترفيه "والشوبينج" تمثل المرأة السعودية! المرأة السعودية تعيش تحت قيود كثيرة لا تعد ولا تحصى، بالرغم من ذلك تعمل وتنتج في جميع المجالات، لم تسمح يوما لأي تحدٍّ أن يوقفها أو يقف حائلا بينها وبين مستقبل أسرتها أو طموحها، والدليل الكثير من السعوديات اللائي دخلن مجالات عدة وأبدعن، بينما الكثيرات غيرهن هن تجسيد حي لقصص نجاح لم يسمع بها أحد ولكن الناتج واضح، أسر قوية وأبناء أصحاء ناجحون في حياتهم الأسرية والعملية. المرأة السعودية هي كل مراسلة تداوم وتعمل بين المكاتب ثم تعود إلى منزلها لتطبخ وتغسل وتكوي، المرأة السعودية هي المعلمة التي تسهر الليل بعد أن تنتهي من التصحيح وتحضير الدروس، لكي تجهز طعام اليوم التالي، المرأة السعودية هي الطبيبة والممرضة التي تستنفد كل طاقتها داخل أروقة المشافي من أجل صحة الغير وتهاجم بشراسة ممن تخدمهم قبل غيرهم! المرأة السعودية هي التي تبيع على أرصفة الشوارع وفي الأسواق المفتوحة وتحت لهيب الشمس وتعود لتهتم بشؤون أسرتها، المرأة السعودية هي التي بالإضافة إلى اهتمامها بطلبات منزلها تقوم بأعمال يدوية من طبيخ وفنون وغيرهما من أجل توفير مورد إضافي كي تسهم في مصاريف أسرتها، المرأة السعودية هي التي تعيل أسرة من الكبير إلى الصغير وحين تطلب لا يسمع صوتها ولا يُصغى إليها، وينظر إليها على أنها ليست أكثر من جهاز صرف آلي! المرأة السعودية هي التي تشتري السيارة التي لا تقودها، وتصرف على حفلات أعراس وهي ليست العروس، وتمول رحلات استجمام لأماكن لا يسمح لها أن تراها! المرأة السعودية هي من يجب أن تصبر وتحتسب وإلا نعتت بأبشع الأوصاف، مسموح لكل من حولها أن يغضب إلا هي، ممنوع عليها أن تكون لديها مشاعر وإلا خرجت عن العرف والتقاليد! نعم هنالك مدللات، نعم هنالك من لا تعرف شيئا اسمه المسؤولية وتعيش حياتها بكل نرجسية، ولكن لماذا نأخذ الأغلبية بجريرة القلة، لماذا نعمم؟! لماذا نحكم على ما نراه واضحا أمامنا على أنه السائد، ونعتبر بأن ما لا نراه غير موجود؟! يا سادة المرأة السعودية لا تريد منكم شيئا، دعوها تعيش.. كل ما تريده أن تعيش بسلام من غير أن تُنَكّد عليها عيشتها مع إطلالة كل صباح ونسائم كل مساء، يا من تعادين المرأة رجاءً ابحثي عن موضوع آخر فهنالك مواضيع كثيرة تستطيعين من خلالها الظهور، يا من أخذتَ المرأة موضوع تفرد من خلال عضلاتك التعبيرية والفكرية وربما النثرية.. شكر الله سعيكم، لقد أصبت الهدف.. جرحت وأدميت.. دمرت بما فيه الكفاية، فاسترح ودع الساحة لها كي تلتقط أنفاسها. المرأة السعودية حفرت الصخر في حين أن غيرها أتته الفرص على أطباق من الذهب والفضة، في كل خطوة كان يجب عليها أن تثبت أهليتها وقدراتها.. تقبلت وصبرت وجاهدت، ولكن إلى متى؟! هل يجب عليها أن تدفع ضريبة كل نجاح وكل خطوة تخطيها وأين.. بين من يجب عليهم أن يكونوا سندها؟! لا تقللون من قدراتها فلقد تعدت مرحلة الاستكانة ودخلت مرحلة الغضب.. تركت الصمت والعيش في الظلال.. إنها نور هذا الوطن، شريانه بل قلبه النابض ولن ترضى بأن تكون أي شيء غير ذلك!
مشاركة :