حكومة عابرة للطوائف

  • 5/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صادق ناشر منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، التي شهدها العراق في الثاني عشر من الشهر الجاري، وأفرزت خريطة نيابية جديدة، والكتل السياسية في البلاد تقوم بإجراء مشاورات واسعة؛ بهدف تشكيل حكومة تخلف حكومة حيدر العبادي، التي لا تزال في مهمة تصريف أعمال، على ضوء النتائج التي حملتها الانتخابات.كانت نتائج الانتخابات قد حملت ثلاث كتل رئيسية إلى واجهة المشهد؛ بحصولها على أعلى الأصوات؛ وهي كتلة «سائرون»، التي يقودها مقتدى الصدر، و«الفتح» بقيادة هادي العامري و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، إضافة إلى عدد من الكتل، التي سيضطر زعيم أكبر كتلة في البرلمان، وهو الصدر إلى التحالف معها؛ لتشكيل حكومة متجانسة تكون قادرة على نقل العراق من مربع الأزمات والفساد إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومن أبرز هذه القوى كتلة «الحكمة»، التي يقودها عمار الحكيم، إضافة إلى مكونات كردية.وتبقى هوية العراق وعروبته وسيادته من القضايا التي تنتصب أمام التحالف الجديد، وكان مقتدى الصدر أكثر وضوحاً في هذه المسألة؛ عندما أشار إلى أن القرار العراقي سيبقى داخلياً وبعيداً عن أي تأثير قادم من الحدود، فتحت «خيمة العراق» وسيحضر الجميع بمختلف توجهاتهم السياسية والاجتماعية والمذهبية، أي أنها ستكون حكومة عابرة للطوائف، وكان الصدر ماهراً سياسياً عندما ضم في تحالفه الكبير «سائرون» مرشحين جدداً من مختلف الاتجاهات والمشارب، وأسست بذلك لمفهوم المواطنة في العراق؛ حيث جلس فيها العراقيون جنباً إلى جنب في مركب واحد يحتضنهم دون السؤال عن الدين أو الطائفة أو القومية أو العقيدة.يراهن كثيرون على الائتلاف الحكومي المقبل أن ينهي المحاصصة الطائفية، التي كانت سبباً في دمار العراق وانتشار الفساد، وهي القضية التي رفعها مقتدى الصدر شعاراً له في الانتخابات الأخيرة، وأكسبته ثقة الشارع الشعبي، التواق إلى ممارسة مختلفة عن تلك التي سادت خلال مرحلة ما بعد احتلال العراق، وإذا ما واصل معركته الأساسية في هذا المسار، فإنه سيؤسس إلى عهد جديد في بلد عانى ظاهرة الفساد بشكل كبير؛ التهم ثرواته وحوله إلى بلد فقير.التفاهمات والتحركات التي تدور بين الكتل السياسية؛ لتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة العبادي ترتكز في الأساس على استيعاب الكفاءات، التي تزخر بها البلاد، فقد كان أداء الحكومات السابقة كفيلاً بتقديم شهادة سلبية عن الطريقة التي دارت فيها سياسة الدولة العراقية، التي كان للتدخل الخارجي النصيب الأكبر فيها..، فاللاعبون في العراق كثر، منهم من الجوار، كإيران، على سبيل المثال، ومنهم من هو بعيد كحال الولايات المتحدة الأمريكية، التي كان احتلالها للعراق السبب الرئيسي في أزماتها.من هنا يمكن الإشارة إلى أن حماية القرار العراقي من أي تأثير خارجي، يعد الهدف الذي تجمع عليه الكتل السياسية، التي تتحاور في الوقت الحاضر؛ لتشكيل حكومة جديدة تخلف الحكومة السابقة، وإن كان لا يزال العبادي المرشح الأقوى للبقاء على رأسها، إلا أنه لن يكون مطلق اليد، كما كان سابقاً، فوجود كتلة كبيرة ذات حضور طاغ في الساحة العراقية، ونقصد بها كتلة الصدر، ستكون صداً منيعاً أمام الفساد الذي ميز الحكومة السابقة. Sadeqnasher8@gmail.com

مشاركة :