يختار الكولومبيون رئيساً لهم، غداً، في مشهد سياسي شديد الاستقطاب، في ظل مستقبل غامض لعملية السلام في البلاد. وأشارت استطلاعات الرأي إلى احتدام المنافسة بين السياسي اليميني إيفان دوكي واليساري جوستافو بترو، اللذين لديهما وجهات نظر متعارضة بشأن اتفاق السلام الذي وقعه الرئيس خوان مانويل سانتوس مع حركة فارك، أقدم وأكبر جماعات التمرد (السابقة) في أميركا اللاتينية، في نوفمبر 2016. ومن شأن فوز بترو أن يضمن استمرارية عملية السلام، بينما تعهد دوكي بتعديلها، ما أثار القلق من أن العديد من مقاتلي فارك الذين تم تسريحهم، والبالغ عددهم 7000 فرد، قد ينضمون إلى الجماعات المسلحة الصغيرة، بما ينذر باندلاع موجة جديدة من العنف. وأثارت شعبية بترو (58 عاماً)، العضو السابق في الجماعة المسلحة (إم - 19) المنحلة حالياً، وعمدة بوغوتا السابق، احتمالية أن يكون لدى كولومبيا - معقل التيار المحافظ في أميركا اللاتينية - أول رئيس يساري. وتعهد بترو بسياسات من شأنها سد فجوة الثروة، في واحدة من أكثر البلدان من حيث عدم المساواة الاجتماعية في القارة، في مجالات مثل الرعاية الصحية الشاملة والتعليم اللذين ترعاهما الدولة. كما أنه سيزيد الضرائب على الشركات والأثرياء، ويحول التركيز الاقتصادي لكولومبيا من النفط إلى الزراعة. وتعهد دوكي، وهو عضو بمجلس الشيوخ (41 عاماً)، ويحظى بتأييد الرئيس السابق ألفارو أوريبي، تعزيز الأمن وعدم زيادة الضرائب، مع تحذيره من أن الحكم اليساري قد يحول كولومبيا إلى فنزويلا أخرى. والمرشحون الآخرون في هذا السباق هم نائب الرئيس السابق جيرمان فارجاس ليراس، الذي يحظى بتأييد الحزب الاجتماعي للوحدة الوطنية (يمين وسط) الذي ينتمي له سانتوس، ورئيس بلدية ميدلين السابق سيرغيو فاخاردو ؛ والليبرالي أومبرتو دي لا كالي، الذي ترأس فريق الحكومة في مفاوضات السلام مع فارك. وبما أنه من غير المرجح أن يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50% من الأصوات، فمن المتوقع أن تجري جولة إعادة للانتخابات في 17 يونيو. وانتقد دوكي نظام العدالة في مرحلة ما بعد الصراع الذي تمت إقامته لفارك ووجود 10 أعضاء من تلك الجماعة - وهي الآن حزب سياسي - في الكونغرس. وقال أوجوستو رايس، المحلل السياسي في شركة «بودر آند بودر» الاستشارية إن دوكي الذي يعارض أيضاً محادثات السلام الجارية مع جيش التحرير الوطني، قد يخفف من وجهات نظره إذا انتخب رئيساً. ولكن حتى لو فاز دوكي ، فستكون له سلطة محدودة فقط، لأن أي إصلاحات يجب أن تمر من خلال كونغرس منقسم على نفسه. وذكر سانتوس أن المحكمة الدستورية أيدت أيضاً الاتفاق، ودخل جزء منه بالفعل حيز التنفيذ. واختتم حديثه قائلاً: الرئيس القادم سيجد صعوبة بالغة، وأرى أن الرجوع عن الاتفاق سيكون أمراً مستحيلاً. ويرى العديد من الناخبين أن البلاد في مفترق طرق. وقال خايمي، وهو مخرج أفلام وثائقية: هذه أول انتخابات منذ خمسة عقود ليست مغموسة في الحرب.. كولومبيا ستختار ما إذا كانت ستغرق مجدداً في العنف أم ستتغير أخيراً.
مشاركة :