ألقى الدكتور حمزة بن سليمان الطيّار إمام وخطيب جامع الراجحي بحي الجزيرة؛ خطبة الجمعة عن بر الوالدين ومرضى ألزهايمر. وقال إن شهر رمضان ومَوْسِمِ المسارعةِ إلى مَرضاةِ الملِكِ العَلَّامِ؛ شهرٍ تتَسامَى فيه النُّفوسُ للتَّزكيَةِ، وتُعالَجُ فيه القلوبُ للتَّنْقِيَةِ، تُتْرَكُ فيه الملَذَّاتُ، وتُرْتَكَبُ فيه المشَقَّاتُ، ويُتَنَافَسُ فيه في الإحسانِ والبِرِّ، وبَسْطِ أيادِي الخيْرِ، وإن بِر الوَالديْنِ منَ الفُروضِ العيْنِيَّةِ، ومن أفضلِ الأعمَالِ البدنيَّةِ، ولا يخلُو أيُّ مسلمٍ من دِرايةٍ بذلك. وأضاف فضيلته أنَّ الوالديْن يَمُرَّانِ بمراحِلَ عُمُرِيَّةٍ مُتفاوتَةٍ من كُهولةٍ وشيخوخةٍ، كما تتَنَوَّعُ أوْضاعُ حياتِهما؛ فقد يكونانِ ثَرِيَّيْنِ لا يُعْوِزُهُمَا شيْءٌ من مُتَطَلَّبَاتِ الحياةِ، لكن كل ذلِك لا يَحُطُّ عن كاهلِ الولَدِ واجبَ بِرِّهِما؛ فهُو من الواجباتِ التي لا تَسْقُطُ، وهي بحسَبِ الطَّاقةِ. ويكْفِي في ذلك إيجابُ بِرِّ الوالديْن الكافريْن على ولدِهما المسلمِ. وأكد الطيار وجوبُ الإنْفَاقِ على الوالدين إن كانا فقِيرين، ووجوب رعايَتِهِما إن كانا مريضيْنِ أو عاجزيْن. وقد أوصَى اللهُ بالوالدين إحْسانًا في كثيرٍ من الآياتِ، وصيةً عامَّةً تشملُ جميعَ الأحوالِ التي كانُوا عليها. ولأهميةِ بِرِّهِمَا في حالةِ العجزِ، خصَّهُ بالتَّنْصِيصِ عليهِ في آيةِ الإسْراءِ فقالَ: (وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا). وتعرض فضيلته لمرض ألزهايمر، قائلًا: "إنه من أسوأِ ما يتعرَّضُ له الإنسانُ؛ ما يَسْتَدْعِي العطفَ عليْه منَ المجتمَعِ عمومًا، وبالأخصِّ من ولدِه. ومرْضى ألزهايمر من أشدِّ المرضى احتياجًا للرأفَةِ والرِّعايةِ؛ فهم قد سُلِبُوا بعضَ أهمِّ خصائصِ الإنسانِ، وهو التفكيرُ والتدبيرُ. ومن ابْتُلِي والداهُ بهذا فقدْ تأكَّدَ عليْه مزِيدُ بِرِّهما، وخفضِ جناحِ الذُّلِّ لهما؛ لما تقتضِيهِ تلك النازلةُ الفادحةُ". وتابع الطيار: "معلومٌ أنَّه يُبْتَلى بمرضِ ألزهايمر مَن لا ولدَ لَه، أو من ليْس بمقْدُورِ ولدِهِ أن يتَكَفَّلَ بمُتَطَلَّبَاتِ حالتِهِ، أو مَن ابْتُلِي بعُقوقِ أولادِه له، وإهمالِهِمْ لرعايتِه؛ فمِنَ الواجبِ تعاوُنُ المجتمَعِ على العنايةِ بهؤلاءِ. وقد وفَّقَ اللهُ -تعالى- بعْضَ الخيِّرينَ في هذا البلَدِ المبارَكِ، فأنشؤُوا جمعيةً خاصَّةً تُعنَى برعايَةِ مَرْضَى ألزهايمر تحتَ مُسَمَّى (الجمعيةِ السعوديةِ الخيريةِ لمرضِ ألزهايمر) وهي جمعيةٌ رسميةٌ نظاميةٌ يُشرِفُ عليها أهلُ الصِّدق والأمانَةِ، وأهلُ الشهامة". وأكمل: "اللهُ -تعالى- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)؛ فدعْمُ هذهِ الجمعِيَّةِ، وتقديمُ المساعدَةِ لها، وبذْلُ الغَالي والنفيسِ في تمْويلِ أنْشِطَتِها، مِنْ أعظمِ أنْواعِ البِرِّ، وأجلِّ أنواعِ الإحسانِ؛ فهو إحسانٌ دينيٌّ شرعيٌّ، وتكافُلٌ وطنيٌّ مُجتمعِيٌّ؛ لتعلُّقِهِ بالعنايَةِ بفئةٍ غاليةٍ، وطائفةٍ ساميةٍ هُمْ كبارُ السِّنِّ الذين رغَّبَ الشرعُ الحنيفُ في توقيرِهِم؛ فكلُّ من أعطاهُ اللهُ القدرةَ على دعمِ هذه الجمعيةِ بأيِّ نوعٍ من أنواعِ الدعمِ قلَّ أو كثُر، فلا يتأخَّرْ لحظةً في ذلك".
مشاركة :