في الحلقة الرابعة، يواصل الفنان القدير جاسم النبهان حديثه الشائق عن مسيرته المسرحية من خلال فرقة المسرح الشعبي، وخوضه أولى تجاربه الإخراجية عام 1979 عبر «العاجل يقول أنا»، أما أول بطولة له كممثل فكانت في مسرحية «العلامة هدهد» عام 1970، التي أسهمت في شهرته أيضاً. وتحدث عن نقطة التحوّل في مشواره، التي تكمن في «مغامرة رأس المملوك» وقد اعتبرها مرحلة البلوغ الثقافي والمهني، وقد فتحت له الباب للعمل مع المخرج أحمد عبدالحليم كمساعد مخرج وبطل ومخرج منفذ لمسرحية «المتنبي يجد وظيفة». ولفت إلى تجاربه الرائعة مع القطاع الخاص، المسرح الكوميدي الكويتي من خلال مسرحية «دقت الساعة» وهي تأليف مشترك لسعد الفرج وعبدالأمير التركي وإخراج الأخير، التي تنبذ الطائفية، وتنادي بعدم التفرقة، وتعزز الوحدة الوطنية، حيث جسد خلالها شخصية «عبدالله» المتدين. وأكد النبهان أن «الباب الموصد»، تُعد التجربة التلفزيونية الحقيقية الأولى له، التي عُرضت على شاشة تلفزيون الكويت عام 1965، وهي من إخراج العراقي خالد أمين. حول أهم المحطات في حياته ومشواره الفني... كان لنا معه هذا الحوار: • ماذا يعني لك المسرح الشعبي؟ - انضممت إلى فرقة المسرح الشعبي، منذ عام 1964، وإلى اليوم، وأنا فخور جداً بهذا الانتساب، ولم يكن من أجل المال أو الشهرة، بل لممارسة هوايتي، وشغفي الداخلي كي أصل إليه، فوجدت أعضاء الفرقة يشاركونني الشغف نفسه سواء كانوا أكبر مني سناً أو من جيلي، ونهلت من خبراتهم، خصوصاً عبدالرحمن الضويحي وعبدالله خريبط وعبدالعزيز المسعود وأحمد الصالح رحمهم الله جميعاً، وإبراهيم الصلال أطال الله في عمره، فالحب كان يجمعنا، حب المسرح والكلمة التي نقدمها على الخشبة وما نقدمه من هم وحس قومي. • ما أبرز المهام التي اضطلعت بها مع الفرقة؟ - في موسم 1968 - 1969، أصبحت عضواً في مجلس إدارة فرقة المسرح الشعبي، وتوليت منصب أمين الصندوق، ثم مناصب أخرى كمشرف فني، ونائب الرئيس، ورئيس مجلس الإدارة. • متى أسند إليك دور البطولة؟ «العلامة هدهد»، كانت العمل السادس لي مع فرقة المسرح الشعبي، تأليف صالح موسى، إخراج إبراهيم الصلال، وعُرضت في 10 مايو 1970 على مسرح كيفان. وقد أسند لي لأول مرة بدور البطولة، وأطلق هذا العمل شهرتي، وهو من تمثيل: إبراهيم الصلال، وأحمد الصالح، وعائشة إبراهيم، وطيبة الفرج، وأحمد مساعد، وأحمد عمر العامر. أول تجربة إخراجية • متى تصديت للإخراج المسرحي؟ كانت أول تجربة إخراجية لي مع المسرح الشعبي من خلال مسرحية «العاجل يقول أنا»، تأليف فوزي الغريب، وعُرضت من 29 أكتوبر 1979 إلى 17 نوفمبر من العام نفسه على مسرح كيفان، من تمثيل: أحمد الصالح، ومريم الصالح، وإبراهيم الحربي، وعصرية الزامل، وجاسم الصالح. و»3 في 3»، تأليف رضا علي حسين، وعُرضت في 9 سبتمبر 1981 على مسرح كيفان، تمثيل: أحمد الصالح، وعبدالعزيز النمش، ودخيل الدخيل، وجاسم الصالح، وعبدالله السيفان. و»زوجة من سوق المناخ»، تأليف إبراهيم العواد. وعُرضت في 22 أغسطس 1982 على مسرح كيفان، تمثيل أحمد الصالح، وإبراهيم الحربي، وغادة وهبي، وعبدالرحمن الضويحي، وأحمد مساعد، ورضا علي حسين، وعبدالله السيفان. ومسرحية «يداً بيد» التي عُرضت في مارس 2004، تأليف انعام سعود، وعُرضت المسرحية في مهرجان محمد عبدالمحسن الخرافي للإبداع المسرحي. وقد حصدت جائزة أفضل ممثل دور أول عن مشاركتي هذه المسرحية. • كيف تصديت لإخراج 3 مسرحيات في أماكن مختلفة؟ - قدمت من إخراجي «زوجة من سوق المناخ»، و»3 في 3»، وكمخرج منفذ لـ «المتنبي يجد وظيفة»، خارج الكويت برؤى إخراجية مختلفة، فأخرجت ثلاثة عروض في ستة أيام وفي بيئات مختلفة: الأول على المسرح الروماني وتميّز بشكل مختلف وتخطيط مغاير لخمسة وأربعين ممثلاً، الثاني في المونوستير في قلاع المرابطين العربية وتميز باستغلالي المكان كله، والثالث في العلبة الإيطالية. مع الفرق الأخرى • ماذا عن مشاركاتك مع الفرق الأخرى؟ شاركت مع فرقة المسرح الكويتي ممثلاً، بناءً على طلب من المخرج المصري سعد أردش، الأستاذ في قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، للانضمام إلى فريق مسرحية «رسائل قاضي إشبيلية»، وهي من تأليف ألفريد فرج، وعُرضت في 20 مارس 1978، على مسرح كيفان، وعُرضت أيضاً في دولة الإمارات، تمثيل: سعاد عبدالله، ومحمد المنيع، وخليل زينل، وعبدالله غلوم، وحسين نصير، وأحمد مساعد، وحسين الصالح الحداد، وشريدة الشريدة. استفدت كثيراً من هذه التجربة مع الفنان سعد أردش، فهو مدرسة أيضاً في عالم المسرح، وتخيلت نفسي أنني دخلت المعهد العالي كطالب، لكن في الجانب الميداني، في هذه المحطات كافة عمّقت تجربتي النظرية والعملية، لا سيما أن البروفات كانت تستغرق ثلاثة أشهر. نقطة تحوّل • كنت تردد في أكثر من مناسبة أن مسرحيتي «مغامرة رأس المملوك» و»المتنبي يجد وظيفة» هما نقطة تحوّل في مشوارك، لماذا؟ - «مغامرة رأس المملوك» هي مرحلة البلوغ الثقافي والمهني إذا صحّ التعبير، وقد فتح لي عملي مع المخرج أحمد عبدالحليم كمساعد مخرج وبطل ومخرج منفذ لمسرحية «المتنبي يجد وظيفة» أبواباً جديدة نفذت من خلالها إلى عالم المسرح، الذي لا حدود له، وأكملت المسيرة بين الإخراج والتمثيل. كاريكاتير صلاح جاهين • ما أصداء عرض «رأس المملوك»؟ - «مغامرة رأس المملوك» للمسرح الشعبي، التي لم تعرض في موطنها سورية، لكنها قدمت في الكويت، وبلغ صداها في تونس عندما عُرضت هناك مدة ثلاثة أيام على خشبة المسرح البلدي الذي امتلأ بالجمهور، وهو يسع 1200 مقعد. وفي اليوم التالي لآخر عرض لنا، ذهبت مجموعة كبيرة من التونسيين إلى السفارة الكويتية لدى تونس، لتعبر عن شعورها وانطباعها عما شاهدته في ذلك العرض على خشبة المسرح، لفرقة المسرح الشعبي الكويتي، الذي برهن على أن الفنان الكويتي يمارس حقه في إبداء الرأي على المسرح وهذه هي الديمقراطية الحقة، إنها ردة فعل غير عادية. وكذلك عندما عرضت في القاهرة، في اليوم التالي رسم صلاح جاهين كاريكاتيراً في جريدة الأهرام، إذ أشاد بالمسرح الشعبي الكويتي وكان رافعاً سيفه عالياً والمسرح المصري مقيداً، كما أن الفنان عادل إمام «زعل» وكتب في لوحة كبيرة أنه سبق أن قدم هذا العمل للرقابة ولم تجزه له. فكيف تقدمه فرقة كويتية؟! زكي طليمات • ماذا قال عنك الرائد المسرحي زكي طليمات؟ - بعد انتهاء العرض الذي قدمته في مصر، الذي حضره حمد الرجيب، وزكي طليمات وكبار المسرحيين في مصر، صعد طليمات إلى الخشبة، وقال ثمة حكمة في الحياة هي «كل شيء بالمراس يعلم»، وها هو قد مارس وعلم، وهذا ما أعطاني دفعة قوية إلى الأمام، كنقطة تحوّل كبيرة في مسيرتي المسرحية. «دقت الساعة» • وما هي مسرحياتك مع الفرج والتركي؟ خضت تجارب مسرحية رائعة مع المسرح الخاص، من خلال المسرح الكوميدي الكويتي (للكاتب الراحل عبدالأمير التركي)، مع مسرحية «دقت الساعة»، التي تنبذ الطائفية، وتنادي بعدم التفرقة، وتعزز الوحدة الوطنية، حيث جسدت خلالها «عبدالله» المتدين، وقدمت في الموسم المسرحي (1985– 1986)، وهي تأليف مشترك لعبدالأمير التركي وسعد الفرج، وإخراج التركي. ثم مع نفس الكاتبين في مسرحية «حامي الديار» (1986)، من إخراج عبدالأمير التركي. «ريتشارد الثالث» • ماذا عن تجربة «ريتشارد الثالث» التي عُرضت في مسرح شكسبير بلندن؟ - هذه المسرحية كانت عربية بامتياز، ولم تكن كويتية فقط، تصدى لها المخرج الكويتي المتميز سليمان البسام، وما أعطاني ثقة وقوة خصوصاً أنها عرضت في أكبر العواصم العربية، ثم على خشبة أعرق المسارح الأوروبية، إذ عرضت على مسرح وليام شكسبير نفسه، ولم تكن التجربة مكررة أو كلاسيكية، بل طرحت بروح تلائم القضايا العربية. • ما انطباع النقاد حولها؟ - أحد النقاد الفنيين الكبار في صحيفة «نيويورك تايمز»، كتب بأنه سمع أن فرقة كويتية - عربية ستعرض مسرحية لشكسبير، وتساءل ماذا ستقدم هذه الفرقة لمسرحية كتبها شكسبير منذ 400 عام، ومن باب الفضول ذهبت لحضور العرض، وكتب بالحرف «لقد وجدت شكسبير يخاطبني بمفردة هذا اليوم»، ما يعني أننا قادرون كعرب على الوصول إلى العالمية والمنافسة أعرق الفرق. بدايته مع التلفزيون • ما أول عمل درامي تلفزيوني لك؟ - قدَّمت في بداية تمثيلي أمام الكاميرا العديد من السهرات التلفزيونية (تمثيليات) في ستينيات القرن المنصرم، حيث كانت تُجرى بروفات مكثفة لقراءة العمل، قبل التصوير، وهو متعب جداً في تلك المرحلة، لعدم وجود عملية مونتاج، إذ يتم تصوير المشاهد دفعة واحدة، وإذا أخطأ أحد الممثلين، يُعاد تصوير التمثيلية من البداية، وهو ما يستغرق الكثير من الوقت، لذا كان الممثل جاداً من حيث حفظ الحوار والحركة، ما أدَّى إلى تطوير قدرات الممثل، وحرصه على القراءة المتعمِّقة، وحفظ حوار شخصيته قبل الولوج إلى التصوير. بيد أن السهرة التلفزيونية «الباب الموصد»، تُعد التجربة التلفزيونية الحقيقية الأولى لي، التي عُرضت على شاشة تلفزيون الكويت عام 1965، وهي من إخراج العراقي خالد أمين، وشاركت في بطولة العمل رائدة المسرح الكويتي الفنانة مريم الصالح. ومن أهم أعمالي التلفزيونية، سباعية «نساء في شعاع النبوة»، عُرضت عام 1979، والشخصيات التي تناولها المسلسل هي: أسماء بنت أبي بكر، وأم سليم الأنصارية، والخنساء، وسفانة بنت حاتم الطائي، وأم حكيم، وأم أيمن، وهند بنت عتبة. وهي من إنتاج تلفزيون الكويت، وتأليف منذر الشعّار ومحمد حسن عبدالبر ومحمد حسني، وإخراج محمد السيد عيسى، شارك في التمثيل، من الكويت: سعاد عبدالله، وأحمد الصالح، وجوهر سالم، وعبدالإمام عبدالله، وإبراهيم الحربي، وعبدالله السيفان، ومن البحرين عبدالله ملك، ومن مصر عايدة عبدالعزيز وفاطمة التابعي وسمية الألفي. خلال تلك الفترة كانت معظم الأعمال التلفزيونية إما سباعيات (سبع حلقات)، أو تمثيليات سهرة في جزأين أو جزء واحد، فلم تكن هناك أعمال تلفزيونية من ثلاثين حلقة، كما هو حاصل الآن، ويتم تصوير الأعمال إما في استديو 800، أو استديو 500. الدوبلاج الطويل بدأ مع المسلسل الكرتوني «الرجل الحديدي» يشير النبهان إلى أن عملية الدبلجة في الكويت بدأت منذ نشأة التلفزيون، حيث كانت الكاميرات موجودة داخل الاستوديو، ولا تخرج منه، لأن المشاهد الخارجية تصوّر سينمائياً، بكاميرا 16 ملم، وإذا عادوا إلى الاستوديو يقومون بدبلجة الحوار، الذي كان مباشراً وحياً، بالمحافظة على الحوار نفسه، وتحريك الشفاه، ومع «تيليسينما» يتم مزج الحوار مع فيديو الصورة، بعد ذلك بسنوات. أما أول دوبلاج طويل، كان من خلال المسلسل الكرتوني «الرجل الحديدي»، ومعه الفنان الراحل علي المفيدي ونجم عبدالكريم وفلاح هاشم وعصمت محمود ومجموعة كبيرة، ويقع مكان التسجيل في مكتب تجاري في الكويت العاصمة، حيث تسجل الشخصيات بأصواتهم من خلال النص المكتوب، مع تشغيل بكرة السينمائية للعمل. ثم تطوّر الأمر فيما بعد من «الرجل الحديدي» الذي أسهم في شهرته مع زملائه في العالم العربي وقتذاك، وصولاً إلى الكثير من المسلسلات الكرتونية التي تولت إنتاجها مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي أعمال رائعة منها (أوسكار)، (توم سوير)، (عدنان ولينا)، حيث مثلت النبهان صوتياً شخصية «القبطان نامق»، مع الكثير من نجوم الكويت. والملاحظ أن هذه الأعمال لا تزال راسخة في عقول وقلوب الجمهور الشباب في الخليج، نظراً لجديتها والموضوع المطروح فيها قريب من الناس، لوجود رواية وكاتب نص وسيناريو. وعلى الرغم من أن تلك الشخصيات كرتونية لكنه ورفاقه يشعرون كأنها حقيقية تعيش بينهم، ويعود ذلك إلى درجة الإقناع النابعة من دراسة مستفيضة لإنتاج عمل كرتوني قريب من الواقع، ويصف النبهان نفسه أنه من المحظوظين في المشاركة في هذه الأعمال، وخوض غمار التجربة الرائعة، على أيدي أناس متخصصين، أمثال الأستاذ د. فائق الحكيم، الذي كان متمرساً لهذا العمل منذ أن كان في الولايات المتحدة الأميركية، واستقطبته مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك في الكويت، وفي نفس الوقت، اللغة المستخدمة فيها، اللغة العربية (السهل الممتنع)، وهذا كان الهدف أيضاً في برنامج «افتح ياسمسم»، الموجه إلى الأطفال، للفئة العمرية من عمر سنة ونصف السنة إلى ستة أعوام، حيث يتخاطب العالم العربي من المحيط إلى الخليج بهذه اللغة العربية المبسطة والسهلة، كي نتحاشى اللهجات التي تفرقنا، واللغة العربية هي من تجمعنا.
مشاركة :