نرى مظاهر الإسراف في الطعام على الموائد خلال شهر رمضان المبارك. وتعد صفة الإسراف من الصفات المذمومة التي نهى الإسلام عنها، حيث قال الله تعالى في المسرفين «ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأنعام: 141)، وتتجلى معاني القرآن عن الإسراف في الطعام والشراب في قوله تعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأعراف: 31).بينما يرى البعض أن شهر رمضان المبارك هو فرصة «للم الشمل»، تجتمع فيه الأسرة السعودية على مائدة إفطار واحدة، ويمارس الجميع طقوسا مليئة بنفحات روحانية تميزه عن غيره، ورغم تلك الأجواء المميزة إلا أن هناك جانبا سلبيا تشهده اقتصاديات وميزانيات الأسرة السعودية، وهو إهدار الطعام في شهر الصيام. ووفقا للإحصاءات والأرقام يهدر السعوديون أطنانا من بواقي الإفطار والسحور، بالتخلص منها في القمامة، وتتكرر هذه الظاهرة كل عام رغم النداءات المستمرة بالبعد عن التبذير، لنظل أمام أزمة تستوجب الحل السريع.هذا وقد كشفت آخر الإحصاءات أنه يتم إهدار نحو 1.3 مليار طن من الغذاء سنويا حول العالم، بتكلفة تزيد على تريليون دولار، وتعد الدول العربية من أكثر الدول إهدارا للطعام، خاصة في شهر رمضان، إذ تذهب أطنان من الطعام للنفايات. فيما أكد مسؤولون في منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة «فاو» أن الفرد الواحد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يهدر 250 كجم من الطعام الصالح للأكل سنويا، ويزداد المعدل بشكل خاص في شهر رمضان. ووفقا لآخر الإحصاءات تحتل المملكة قائمة الدول العربية الأكثر هدرا للطعام، إذ يهدر المواطن السعودي 427 كجم من الطعام سنويا، وتتبعها الإمارات، بواقع 196 كجم، وذلك وفقا لدراسة أعدها مركز «باريلا» للطعام والتغذية.جدير بالذكر أن هناك بعض المواطنين يعدون شهر رمضان فرصة كبيرة لتغيير النمط الشرائي للأفضل، واتخاذ قرارات بعدم شراء مستلزمات غير ضرورية، فيما يرى آخرون أن الشهر يحتم على رب الأسرة أن يخصص ميزانية أعلى من بقية الشهور، كون رمضان فرصة لتبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، كما أبدى مواطنون تخوفهم من ارتفاع الأسعار لزيادة الطلب على المواد الغذائية.في الختام، تشير الإحصاءات إلى أن الإنفاق خلال شهر رمضان يتضاعف، وقد يصل إلى 3 أضعاف عما هو عليه في الأشهر الأولى، وذلك وفقا لأسعار السلع وحجم الاستهلاك والتبذير، ويقدر الخبراء مصروف رمضان بأنه يعادل مصروف 3 أشهر، ولكن يجب أن نؤكد حقيقة مؤكدة، وهي أن هدر الطعام مرتبط بعادات وسلوكيات السعوديين منذ مئات السنين، فالكل يحاول أن يقتصد، إلا أن «الدعوات الرمضانية» تتطلب الكثير، فالكل يستعرض نفسه في الطعام على الموائد الرمضانية، خاصة أمام المعازيم، وخاصة إذا كانوا من أهل الزوج أو الزوجة، فمازلنا نعيش بنظرية «الكرم الحاتمي».
مشاركة :