* السؤال: ما حكم التعامل بيعاً وشراءً بالعملة الإلكترونية التي تسمى "بتكوين"؟ المفتي: مفتي الديار المصرية، الدكتور شوقي علام الفتوى: "البتكوين" من العملات التي طُرِحت للتداول في الأسواق الماليَّة في سنة 2009م، وهي عبارة عن وحداتٍ رقَمية مُشَفَّرة، ليس لها وجود فيزيائي في الواقع، ويمكن مقارنتها بالعملات التقليدية؛ كالدولار، أو اليورو مثلا. والصورة الغالبة في إصدار هذه العملة أنها تُستخرج من خلال عمليَّة يُطلق عليها "تعدين البتكوين" "Bitcoin Mining"؛ حيث تعتمد في مراحلها على الحواسب الإلكترونية ذات المعالجات السريعة عن طريق استخدام برامج معينة مرتبطة بالشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت"، وتُجرى من خلالها جملة من الخطوات الرياضية المتسلسلة، والعمليات الحسابية المعقدة والموثقة؛ لمعالجة سلسلة طويلة من الأرقام والحروف، وخَزْنها في مَحَافِظَ "تطبيقات" إلكترونية بعد ترقيمها بأكوادٍ خاص، وكلما قَوِيت المعالجة وعَظُمَت، زادت حصَّة المستخدم منها وفق سقف مُحَدَّد للعدد المطروح للتداول منها. وتتم عمليات تداول هذه العملة من محفظة إلى أخرى دون وسيط أو مراقب، من خلال التوقيع الرقَمَيّ، عن طريق إرسال رسالة تحويل مُعَرَّف فيها الكود الخاص بهذه العملة وعنوان المُستلم، ثم تُرْسل إلى شبكة البتكوين حتى تكتملَ العمليةُ، وتُحْفَظَ فيما يُعرف بسلسلة البلوكات من غير اشتراطٍ للإدلاء عن أي بياناتٍ أو معلوماتٍ تُفصح عن هُويَّةِ المتعامل الشَّخصيَّة. وهذه الوحدات الافتراضية غيرُ مغطَّاةٍ بأصولٍ ملموسة، ولا تحتاج في إصدارها إلى أي شروطٍ أو ضوابطَ، وليس لها اعتماد مالي لدى أي نظامٍ اقتصادي مركزي، ولا تخضعُ لسلطات الجهات الرِّقابية والهيئات الماليَّة؛ لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية "الإنترنت" بلا سيطرةٍ ولا رقابة. ولا يجوز شرعا تداول عملة "البتكوين" والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع من الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول. كما أن التعامُلَ بهذه العملة التي لا تعترف بها أغلب الدول، ولا تخضع لرقابة المؤسسات المصرفية بها والتي على رأسها البنوك المركزية المنوط بها تنظيم السياسة النقدية للدول وبيان ما يقبل التداول من النقود من عدمه - يجعل القائم به مفتئتا على ولي الأمر الذي جَعلَ له الشرعُ الشريفُ جملةً من الاختصاصات والصلاحيات والتدابير ليستطيع أن يقومَ بالمهام الخطيرة والمسئوليات الجسيمة. وجَعَل تطاولَ غيرِه إلى سَلْبِه شيئا من هذه الاختصاصات والصلاحيات أو مزاحمته فيها من جملة المحظورات الشرعية التي يجبُ أن يُضرَب على يَد صاحبِها؛ حتى لا تشيعَ الفوضى.
مشاركة :