أحمد أيمن يكتب: فلسفة السقوط

  • 6/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«الجون بيجي في ثانية».. جملة شهيرة يرددها المعلقون قبل نهاية كل مبارة مستعصية تكاد تنتهي بالتعادل السلبي أو قبل نهاية كل مبارة شيقة تحتاج إلى هدف أو أكثر ليتعادل فريق ما أو يفوز على نظيره. ويردد المعلقون هذه الجملة كنوع من بث الأمل والتفاؤل قبل نهاية المباريات سواء كانت شيقة أو مستعصية، إلا أن محمد صلاح -كعادته في تغيير موازين الواقع- حوّل هذه الجملة إلى آخرى «الماتش بيخلص في ثانية».نصف ساعة إلا خمس دقائق كانت كافية لحسم نهائي كييف لصالح ريال مدريد وانتهاء المباراة بالنسبة لجماهير ليفربول والمصريين بعد خروج أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي باكيا على إثر إصابة بالكتف، تعرض لها بعد تدخل عنيف من قبل المدافع الأسباني سيرجيو راموس لاعب الريال على طريقة المصارعة. وبخروج صلاح -كما تعلمون- ينتهي الأمل وتنتهي المباراة وهذا ما حدث بالفعل بعد فوز الريال بالنهائي وتتويجه بكأس الأبطال للمرة الـ13 في تاريخه.انهالت الشتائم والدعوات على المدافع الأسباني بعد عرقلته المتعمدة لصلاح ولا تزال حرب الكوميكس والشتائم مستمرة حتى الآن، كعادة المصريين في مثل هذه المواقف وكنوع من الثأر المحبب لرمزهم المفضل، وعلى الرغم من أن راموس يستحق كل ذلك إلا أن الحدث له زاوية آخرى فلسفية تتمثل في الصراع بين الخبرة (راموس) والحماس الزائد (صلاح)!راموس أخطأ لا يستطيع أحد إنكار ذلك لكن صلاح لم يجيد التعامل مع هذا الخطأ، لم ينحني للعاصفة، لم يسقط على الأرض منذ بداية الالتحام، لم يفهم المخطط، لم يترك الكرة، حتى عند عرقلته ظل ينظر إليها في نهم فالنتيجة كانت تدخل عنيف أسفر عن إصابة تسببت في خروجه وخسارة فريقه، أما راموس فعرف من أين تؤخذ الكتف ونجح في إتمام مخططه بكسر مفتاح لعب فريقه المنافس مستغلا حالة الإصرار والحماس الزائد لديه.في بعض الأحيان يكون السقوط واجبا لالتقاط بعض الأنفاس وكسب المزيد من الوقت للنهوض مجددا والعودة بشكل أقوى، فلا مانع من أن تسقط بكامل إرادتك ما دمت تستطيع الوقوف مرة آخرى بدلا من التحامل والإصرار على المواصلة فتكن النتيجة سقوطا اضطراريا يكلفك الكثير.. قد ينظر البعض للعبارة السابقة على أنها جملة فلسفية لكنها -للأسف- واقع دوما ما يتحقق وتكون الغلبة فيه لعنصر الخبرة فجذوة الحماس سريعا ما تنطفئ.في عالم مواز؛ صلاح يترك الكرة ويسقط في بداية الالتحام لينهض مجددا ويصنع هجمة لفريق ليفربول قد تسفر عن هدف أو لا، لكنه سيظل يحاول مستغلا عنصر السرعة والمهارة لديه، يحاول ويحاول حتى يظفر بهجمة مرتدة يحولها إلى هدف أو يصنع آخر بعرضية متقنة أو يتعرض لعرقلة آخرى داخل منطقة الـ18 فيحتسبها الحكم ركلة جزاء يترجمها اللاعب المصري إلى هدف أو تنتهي المباراة بالتعادل وتذهب للأشواط الإضافية فيخطف هدفا قبل النهاية أو تذهب لركلات الترجيح التي قد تتسم للفريق الإنجليزي ويتوج باللقب الغائب عنه منذ 13 عاما.

مشاركة :