أجرى الحوار جاسم عباس | الحنين إلى الأيام الخوالي يبقى الجامع المشترك بين الرعيل الأول ومن عاش في الكويت، في عصر ما قبل النفط او في مرحلة الاستقلال وما بعدها. في هذا اللقاء رحلة من الذكريات ومع الماضي، نغوص في ثناياه، فنبحث وننقّب عنه، مع الذين عايشوه، تسجل لهم صفحات من عبق التاريخ؛ ففيه رسالة وعبرة للأجيال. إرثنا يعيد لنا الحنين للماضي الذي لا ننساه، تراثنا عبق الماضي، تمضي الأيام وتبقى ذكرياتها التي تعيدنا إلى حكايات وأعمال الآباء والأمهات الذين لم يستريحوا فاختاروا الهند والسند والمحيطات، وواصلوا عملهم عبر الصحاري والبلدان، ولم نستلهم منهم إلا تلك الذكريات الطيبة ونحن لا نريد إلا ان نعتصر من تراثهم ما ينهضنا إلى ماضينا، كلماتهم وجهودهم وابتكاراتهم تعلقت بالقلب وبالروح، وما زالت مؤثرة من أيام طفولتنا. التقينا جدة ناصر التي رأت وسمعت الكثير من النصائح وعملت مع والدتها، وعرفت الأمهات وجهودهن. قالت: تذكرنا الأيام بأن الأم تاريخها عظيم في المجتمع القديم وان شاء في مجتمعنا الحالي، عندما كنت أشاهدها قبل الشروق تسبق الشمس في طريقها إلى البئر والمطبخ المتواضع، وإلى حوش الغنم والدجاج، لا تهدأ إلا مع شروق الشمس الصاعد. أشاعت الأم البهجة والانجاز خلال النهار إلى منتصف الليل تحققت كل أعمالها، كعمل الدم في الجسم دورها كان في التعليم والطبخ والتربية بنت الماضي للمستقبل، فنحن ان شاء الله صور مجددة للآباء والأمهات، وكما قال الإمام علي بن أبي طالب (ع) لولده الأكبر: «وجدتك بعضي، بل وجدت كلي، كأن سيئاً لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني، اي بني اني وان لم أكن عمرتُ عمراً من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم». مواد الاشتعال وقالت جدة ناصر: لقد تعرضوا لموج الماء في البحر والموج التراب في الصحراء لأجل الحياة واستمراريتها ولأجل أسرهم حتى أوصلوا لنا ثقافة صافية لأبنائهم من هذه الثقافات عرفت الأم ومعها زوجها وأبوها أدوات الاشتعال قبل ان يعرفوا الأجهزة التي بين أيدينا، أمنا مشت إلى ساحة الصفاة على قدميها لتحصل على حطب الحمض من بائعات تلك الشجيرة التي كانت وقوداً لاشعال النار للطبخ، وكانت تشتري هذه الأم شجيرة الحماط الشائكة التي تسمى أيضاً شجرة (الداب) تأوي إليها الثعابين أيضاً للوقود. وأضافت من مواد الاشتعال قديماً (الفحم) الخشب المحروق كان يجلب من أفريقيا يستعمل للتدفئة خاصة لعمل الشاي، فكانت الوالدة تشعل الفحم في الدوة في الحوش حتى يصبح جمراً ثم تدخلها إلى الغرفة، كنا نضع الجراد والكستنة (البلوط) والبطاطا الصغيرة والطراثيث بجانب كوري الشاي مستغلين بذلك الحرارة، وبعض من هذه الجمرات كنا نضعها في المبخر، وكنا نخلط مسحوقاً مع الملح في تنظيف الاسنان فيكسبها لمعاناً ويعالج اللثة، وأيضا لشرب الكدو (الشيشة)، وكانت الواحدة تتردد على سوق الفحم خلف سوق واجف لشراء الفحم، وكنا نردد هذا المثل: «أخضر في البر أسود بالسوق أحمر بالبيت». وقالت: البوتوغاز هو السعف كان يجلب من العراق وايران، والعرفج من الصحراء، على ظهور الجمال، كان السعف (جريد النخل) هو الوقود المجفف، ويقول المثل: «يا شين السعف على البعارين»، ومنه اربع مواد: خوص وشوك وكافور وكرب، وكل حزمة السعف تسمى «بنه»، اذا قطع السعف من جذوعه، وأما اذا قطع من دونها فتسمى «غفاف». والعرفج هو نبات سهلي. ومن أدوات الاشتعال ايضاً الكاز، هو النفط الابيض، ويسمى كيروسين، كان يجلب من الهند وعبادان، وكان المتعهد بالتوصيل والتوزيع على الاهالي «حسن كاز»، ينقل بواسطة براميل تنقلها الحمير في عربات خاصة، وفي البيوت والدكاكين يوضع الكاز بالكواطي (جمع كوطي) اي غالون، وبعض الاسر كانوا يضعون الكاز في البطل (قنينة)، وكان يستخدم لإنارة المصابيح ووقوداً للجولة (وهي موقد صناعي يشعل بالكاز) ولإشعال الحطب، واغلب البيوت لديها غالون فيه «طلمبة» مصنوعة من التنك للتعبئة. وأضافت: من أدوات الاشتعال «خثى – مطال» وهو روث البقر، كان اهلنا في الكويت يجمعونه ويجففونه في الشمس ليتخذوه وقوداً او سماداً للأرض، والجله (اليلة) هو بعر الجمال، كان اهل البادية يجمعونه ويعبئونه في اكياس من الخيش يحملونها الى ساحة الصفاة، حيث يشتريه الناس، خاصة الخبازين، ليستعملوه وقوداً. والكرم خشب يجلب من الهند ويتخذ وقوداً، والكرم هو ما تبقى من جذع الشجر، والكرب هو رأس سعف النخل يقطع ويتخذ وقوداً، وكان يستورد من العراق وايران، والواحدة تسمى «كربه». أجهزة الاشتعال وقالت جدة ناصر: لي مع الماضي ذكريات عديدة شاهدتها مع والدتي وجدتي منها: عندما يشتد الحر تكون المهفة (المروحة البدائية) جاهزة تنسج من الخوص، ولا يخلو بيت من هذه المهاف، كنا نحركها بأيدينا لنحصل على الهواء، وكانت المساجد تمتلئ بـ «المهاف»، وحتى المحسن (الحلاق) يمتلك من هذه المهاف للجالسين، واما المحلق والحلاق فلديهما مروحة خاصة من القماش تعلق في السقف وفيها حبل يشده الجالس ويتحرك الهواء، وسميت «مهفة المحسن». وأضافت: مجمر (ميمر او مبخر) وعاء من الفخار يوضع فيه الحجر لحرق البخور، والمجمر الكبير للتدفئة، ومن مواد الاشتعال المشبة، وهي طبق كبير مستدير من الخوص يشبه السفرة، كان هذا الطبق يستعمل للتهوية على النار يقصد اشعالها، والمكبس أيضاً وعاء فخاري يصنع محلياً يستعمل لحرق البخور، والنوع المزخرف الملون كان يجلب من الهند والعراق وإيران ومسقط، والمكبس في اللغة هو موضع الحطب المشتعل بالنار، أو ما نقتبس به النار. أضافت جدة ناصر من هذه الذكريات فقالت: المحراث من الأجهزة المهمة، وعادة تكون بجانب الموقد، يستعمل المحراث لتحريك اليمر (الجمر) تحت القدر، وأيضاً يحرك نار التنور والتاوة لتهييج النار، خاصة داخل التنور، وجمع المحراث «محاريث»، وأضافت وهناك «المطبخاني»، وهو موقد نقال كان يصنع من الطين أو من قاعدة حديدية مغطاة بالطين من الداخل يعلوه اثنان من (المراكي)، الواحدة «مركه أو مركى»، وهو طوق مستدير له ثلاثة أرجل أو أربعة يتكئ عليها، توضع فوقه القدور والأباريق وتشتعل تحته النار، ويسميه العرب «كانون»، ونحن في الكويت (الحضر) نسميه «مركى» واتذكر أهل البادية يسمونه «مركب»، وجمعه «مراكي» وأصل الكلمة «متكأ». ومن أجهزة الاشتعال ذكرت جدة ناصر: البخاري ويسمى الصوبة أو الدفاية، وهو مدفأة تعمل بالكاز (الكيروسين)، فيها خزان أسفلها، وبها فتيلة من القماش تمتص الكاز فيسهل اشتعالها، ومن الممكن زيادة حرارتها أو تخفيضها، وتستخدم هذه المدفأة في فصل الشتاء، وكنا نضع فوقها كيتلي به ماء ليستفاد منه عند الحاجة، وكنا نضع أيضاً خبز لتحمش (محمص)، وميزة هذه المدفأة (الصوبة أو البخاري) انها سهلة الحمل والنقل. وتذكرت شواية السمك، كنا نشوي السمك عليها سابقاً، ومازالت بعض النساء يستعملن هذه الشواية في بيوتهن على التاوة أو على تنكة (صفائح من الحديد). وذكرت جدة ناصر الموقد (موضع النار)، وهو عبارة عن حفرة تحيط بها ثلاثة حجارة، يوضع فيها الحطب وتشعل فيه النار، ويوضع القدر على النار، وهناك يوضع الطين مع الأحجار لتثبيت الموقد، وفي اللغة جمع موقد «مواقد»، والمستوقد موضع النار، والوجار أو الوجاغ موقد في الديوانية تصنع فيه القهوة العربية، وهو عبارة عن حفرة في الأرض لها سور مستطيل، يوجد في طرفه مكان للايقاد، وفي الطرف الآخر ترص أباريق ودلال القهوة، ويسمى ايضاً (وياغ) وهي كلمة محرفة من التركية (وجاق) وتعني الموقد، وفي الوجاغ قضيبين أو ثلاثة على جانبيه، وتوضع فوقها الأباريق ومن تحتها النار. ومن أجهزة الاشتعال: التنور هو إسطوانة فخارية أو طينية مفتوحة من طرفيها تدفن في حفرة خاصة طرف إلى أعلى الأرض والآخر في الأرض، ويسهل إيقاد هذا الفرن (التنور) من الأعلى يحمى بالحطب أو الفحم أو الكرم، ويدخل العجين للخبز من فتحته، وهذه العملية التي تسمى الإحماء نحن في الكويت نسميها (نجيم التنزر). وقالت: الهدف الرئيسي من التنور في المنزل هو إعداد الخبز للعائ#x200d;لة، وشوي أنواع السمك كالنقرور والصبور، لإنضاج الهريس في قدر كبيرة، والتنور يحتاج استعمال (الملزكة) لإعداد الخبز وهي عبارة عن قطعة خشبية مستديرة مغلفة بقطعة من الخيش وتبطن بالليف، يفرش عليها العجين، والمنصبة من أجهزة الاشتعال هي مجارة الموقد وعددها ثلاث متساوية، توضع القدر فوقها والدوة أو المنقلة أو كانون يوضع فيها الفحم للتدفئة أو لتسخين الشاي والقهوة والحليب، وهي مصنوعة من الحديد، وأرضيتها من الطين لكي لا تتسرب الحرارة إلى الحديد، والأسرة الميسورة منقلتها من النحاس الأصفر، والتسمية هندية (دوان)، وقالت: كثيراً ما كنا نلعب بالنار ونعبث بها، أمهاتنا يحذرن بأن من يلعب بالنار سيبول في فراشه. والباكدير موقد صغير من الحديد له مقبض يوضع فوقه الفحم المراد اشتعاله، والكلمة فارسية باد بمعنى هواء وكدير بمعنى مسك أو وقف أي ماسك الهواء، وغالباً يستعمل كأساس لاشتعال الدوة أو لحرق تبغ الكدو (الشيشة) بعد الانتهاء من تدخينه، وتربك المعاريس والسراي والكنديري وجولة أم كلاص، كل هذه الأدوات كانت تستخدم بنفس طيبة مستبشرة مهي شايلتهم الدنيا (تعبير الفرح والسرور). خبز خبزتيه يالرفلة إكليه ● فلان خبز أيدي ● خبز خبزتيه يالرفلة إكليه (الرفلا هي الخرقاء من النساء لا تحسن صنع الخبز أو تدبير البيت) ●عط الخباز خبزه ولو أكل أو باق نصه ● من يلعب بنور رأسه بالتنور (النبور قطع زجاجية ملونة تكسرها البنات، ويلعبن بها وأصلها بلور) ● التاوة تعيب على المتصبة (يضرب المثل للأخرق يعيب غيره وهو أولى أن يعاب. ● الجدر ما يركب إلا على ثلاث (مركا ل ثلاثة أرجل) أو ثلاثة حجرات لكي لا يقع الجدر. ● أيام أمهاتنا حاجاتهن تخترع: «الحاجة أم الاختراع». ويقول المثل أيضاً: الحاجة تفتق الحيلة. ● يا شين السعف على الجمل. غطاوي جدة ناصر ● جملنا بالأرض بارك وذيله في السماء يعارك (النار) – شنو الشيء لا حقينها ذكاره ياخذون قلبها ويغلون جثتها خسارة (محار اللؤلؤ) ● شيء إذا قطعت رأسه طار (قطار = ق + طار) ● اسمه على جسمه (البيض والبرتقال) ● خرقة تطفح بالدسم وتمسح صباحة ترزح فوق النار تلفح (صرة من القماش لدهن التاوة) ● بقمتها وسيقانها يغوصونها يمكيجونها بالخبز ويزهلكونا طعمه جدامكم يحطونها تتنتفونها وتمصمصونها وتعضعضونها (الباجة) ● من أمك وأبوك لا هو أختك ولا أخوك (أنت) ● شيء مشوي ومن صاده شواه (الفحم) ● شيء خيره في بطنه وشره في ظهره (القدر أو التاوة) ● شيء يمشي وما يتحرك وما يتحرك من مكانه (آلة الخياطة)حطب العرفجكرب النخيل من الوقودالدوة (المنقلة)
مشاركة :