انقسمت الصحافة في مصر حول زواج فاتن حمامة من عمر الشريف. التمس لها البعض العذر، وأكد حقها في الحب والزواج، في حين هاجمها البعض الآخر بضراوة، ليس للزواج في حد ذاته، بل لزواجها من عمر الشريف تحديداً. وبينما دافعت صحف مثل «أخبار اليوم» و«الكواكب» عن فاتن، انتقدتها صحف ومجلات أخرى. غير أن «أهل الفن» التي كان يرأس تحريرها الكاتب الصحافي وكاتب السيناريو إبراهيم الورداني، اتخذتها هدفاً للهجوم المتواصل، ونشرت في العدد 45 الصادر في 19 فبراير 1955، تحقيقاً فريداً من نوعه في الصحافة المصرية، حول زواج الفنان عموماً، مهما بلغت نجوميته، أو حتى مغامراته في الحب. استطلعت مجلة «أهل الفن» رأي كبار مفكري مصر وكتّابها في زواج فاتن حمامة من عمر الشريف، وكتب كل منهم رأيه في الأمر، عبر ذلك التحقيق: في البداية كان اللقاء مع «أمير الصحافة المصرية» محمد التابعي، الذي قال: لقد شاهدت فاتن لأول مرة في العام 1938، قبل ظهور فيلمها الأول «يوم سعيد» في عشاء ضم المخرج محمد كريم والمطرب محمد عبد الوهاب والطفلة فاتن ووالدها، ويومها تنبأت أمام الحاضرين بأنها ستصبح ممثلة كبيرة، وستتزوج على الأقل مرتين! ومرت الأعوام وأصبحت الطفلة فاتن حمامة ممثلة... وممثلة كبيرة، وتزوجت مسلماً أول مرة، ثم مسيحياً أسلم من أجلها ثاني مرة، واجتمع «بلح» مصر على «تين» الشام، ما أعجب الدنيا. أما الكاتب مصطفى أمين رئيس تحرير «أخبار اليوم» فتحدث بأسلوب ساخر قائلاً: «تزوجت فاتن حمامة من زميلها الممثل عمر الشريف، وفاتن حمامة لها كامل الحرية، وعمر الشريف له هذه الحرية، وكلنا أحرار، هكذا يقول ميثاق هيئة الأمم المتحدة الذي شهدت «أخبار اليوم» توقيعه منذ أعوام، عندما أوفدت ثلاثة من كبار مخبريها لحضور التوقيع التاريخي المذكور. والزواج مسألة شخصية بحتة لا تعني أحداً غير الزوج والزوجة، لكن هذا الزواج بالذات كانت له ظروف خاصة، وقد كلفت دار أخبار اليوم منذ ثلاثة أسابيع 7316 محرراً ومحررة من محرريها في مصر والشرق الأوسط، بأن يجمعوا تفاصيل هذا الحادث العجيب. وطارت مارسيان اللوزي إلى الكونغو البلجيكية، وطارت خيرية لمقابلة زوجة «كاباكو» سلطان «بابايو» وطارت إيزيس فهمي لتقابل مدام «شيانج كاي شنج» التي تلازم زوجها في «فرموزا»، واجتمعت كل خيوط الحادث عندي، لكني آثرت عدم النشر لا كرهاً من السبب، والآن وقد تم الزواج أقول رأيي، وهو أنني أؤيد فاتن حمامة في زواجها.. أؤيدها وألعنها». أما الكاتب فكري أباظة فتحدث بكلام مراوغ، لم يحدد فيه موقفاً واضحاً، حيث قال: عجايب... غريبة... مش معقول... مش مصدق... مش مصدق إزاي فاتن حمامة تتزوج عمر الشريف؟ لكن الصحف نشرت الخبر، ونشرت صور العريس، وقد علمت من تحرياتي في الأوساط الفنية أن الزواج كان مقرراً من ثلاثة أيام، وقالت الجاسوسة الحسناء إنها تشك في المسألة، ثم تقرر الزواج. مبروك... ألف مبروك... أنا مؤيد... وأنا معارض... وأنا محايد... أنا!! ثم تحدث الكاتب الكبير عباس محمود العقاد قائلاً: «هؤلاء «الكارل ماركسيون» -نسبة إلى كارل ماركس- يطلعون علينا كل يوم ببدعة جديدة، وما أكثر البدع، طلعوا علينا منذ أشهر بخطابات تافهة بذيئة يتهجمون فيها عليّ وينكرون أنني كاتب كتاب الشرق وشاعر الشرق الذي لم يعرف له نظير، وكنا نتلقى هذه الخطابات بما هي حرية به وجديرة من الازدراء والقهقهة، لكن هذا ماركس جديد... «ماركسية» جديدة في صورة جديدة. هي زواج الممثل عمر الشريف من فاتن حمامة، وكنا نود أن نعلق على هذه «البدعة» لكننا لا نرتاد دور السينما حين تعرض شاشتها أفلاماً مصرية، لأن وقتنا موزع بين القراءة والإنتاج ومحاولة رفع مستوى اللغة العربية. ولهذا نمر بهذه البدعة كما مررنا بغيرها! أما الكاتب الكبير سلامة موسى فتحدث دفاعاً عن «ظاهرة» فاتن حمامة قائلاً: خيل إلي أن مصر قد تخلصت من تضاريسها التي تفاعلت في غضون تاريخها اليابس المشقق، وأنا أطالع اسم فاتن حمامة، خيل إليّ أن هذه الممثلة تنتمي إلى اسم أمها لا أبيها وهو اسم «حمامة» كما هي الحال في الصين، وسررت وغبطت بلادي على أنها تجاري بلداً ولدت فيه النهضة منذ آلاف السنين... ثم علمت أن تضاريس مصر لا تزال تتفاعل في غضون تاريخها، وأن «حمامة» اسم والد الممثلة لا والدتها، وذعرت لأننا لا نجاري الصين البلد التي ولدت فيها الصناعة منذ القدم. إن مصر لن ترتقي إلا إذا صنعت... ومصر لن تنهض إلا إذا كانت علوية، تنظر إلى علٍ... لا تحتية تنظر إلى تحت، وقد كان الرأسماليون يهزأون بآرائي، ثم تحققت جميعاً وبدأنا نكون علويين. وأخيراً، قال الأديب والصحافي إحسان عبد القدوس رأيه في زواج فاتن: باختصار ووضوح عز الدين ذو الفقار صديقي، وفاتن حمامة كانت زوجته، ثم طلقت وتزوجت ومن حقها اليوم أن تبتسم وتقول: «أنا حرة». لم تمر خمسة أشهر على التحقيق المطول الذي نشرته المجلة، إلا وأعادت فتح الموضوع، وفي العدد 63 الصادر بتاريخ 25 يونيو من العام نفسه، أجرى محرر المجلة أمين عبد المؤمن، حواراً مطولاً من أربع صفحات مع زوج فاتن السابق، المخرج عز الدين ذو الفقار، دار معظمه حول علاقته بطليقته وزوجها الجديد عمر الشريف. روى فيه ذو الفقار روايته الخاصة حول مشاكله مع فاتن وصولاً إلى قصة طلاقهما، ولم ينكر فيه أنه لا يزال يحبها رغم الطلاق وزواجها من عمر. ورغم أن الإشاعات رشحته للزواج من واحدة من الفنانتين الشابتين إما سميرة أحمد، أو كوثر شفيق، فإنه أنكر أنه يفكر في الزواج في الفترة الراهنة، مؤكداً أنه لم يكن في حياته سوى فاتن حمامة وابنته نادية ذو الفقار، وأن علاقته بزوجته السابقة على خير ما يرام، بدليل رؤيتها منذ أسبوع فقط، في فندق «وندسور» بصحبة ابنتهما نادية، كما اتفقا على ذلك. ذكاء فنانة لم تشأ فاتن حمامة أن ترد سواء على التحقيق الذي نشرته المجلة قبل خمسة أشهر، أو حوار عز الدين ذو الفقار، في هذا العدد، كي لا تسكب «بنزيناً على النار» وتزيد الأمر اشتعالاً، ويصبح خبر زواجها من عمر الشريف مادة خصبة للصحافة، تملأ به صفحاتها. فكانت من الذكاء لتحرص على ألا تثير مشكلة مع الصحافة، أو تخوض معركة، قد تخسر فيها كثيراً من أسهمها الفنية، وبعض جمهورها. من ثم، قررت أن تبتعد خلال هذه الفترة، فسافرت إلى باريس بصحبة الشريف لتمضية شهر عسل جديد، إلى حين مرور العاصفة. بذكاء الفنانة الواعية، استطاعت فاتن حمامة خلال فترة قصيرة أن تستعيد قلوب الجماهير، رغم الظروف القاسية التي تمر بها، وفي ظل حملات شنها بعض الصحف، ووسط أنباء تحدثت عن تكوين جمعية باسم «جمعية مقاطعة أفلام فاتن حمامة». لكن ذلك لم يحدث، بل كانت أعمالها تعرض بنجاح كبير، ووصل الأمر إلى إطلاق اسمها على محطة «المترو» المجاورة للعمارة التي تسكنها، فباتت تشعر بسعادة لم تعشها سابقاً، كأنها في حلم جميل لا تريد أن تستيقظ منه. كذلك الشريف. غير أنها لاحظت أن ثمة مشكلة بدأت تطل برأسها من عيني زوجها، من دون أن يصرح بها. بدأ عمر الشريف يشعر بأنه لا يزال في أول الطريق وزوجته في القمة، خصوصاً أنها صاحبة أعلى أجر في مصر، بين النجوم والنجمات، وزاد المشكلة تعقيداً أن كل من حولهم، والجمهور ينسبونه إليها ولا ينسبونها إليه، فيقال عمر الشريف زوج فاتن حمامة وليس فاتن حمامة زوجة عمر الشريف. على أن فاتن بدت حريصة جداً على أن تتغلب على هذه المشكلة كي لا يشعر بها زوجها، وصارت تدفعه إلى الأمام بكل ما تستطيع، وتؤكد له أنه معها على القمة. كذلك حرصت على أن تنتقل، إلى البيئة التي ينتمي إليها، وتعودت أن تتكلم الفرنسية مع صديقاتها وأصدقائها، مثلما يفعل الشريف مع أسرته، وأصبحت تمارس هواياته، وتعلمت لعبة «البريدج»، بل استطاعت أن تتفوق فيها بسرعة، وأصبحت تشكل مع الشريف ثنائياً كان يفوز غالباً بالمراكز الأولى في بطولة مصر. حتى أنها عندما خسرت في إحدى المرات بطولة الجمهورية في «البريدج» من الجولة الثانية قالت: * أنا بمارس «البريدج» كهواية وواجب... هواية لأني حبيت اللعبة بعد ما تابعتها ولعبتها مع عمر وأصحابه، وواجب علشان جوزي. عاد يوسف شاهين يعرض على فاتن «صراعاً» جديداً يجمعها مجدداً بالشريف، غير أنه هذه المرة في الميناء من خلال فيلم «صراع في الميناء» ليكون التعاون الثاني الذي يجمع الرباعي فاتن وعمر مع يوسف شاهين والمنتج جبرائيل تلحمي. شارك البطلين التمثيل كل من أحمد رمزي، وحسين رياض، وتوفيق الدقن، وفردوس محمد، فيما تولى القصة محمد رفعت، والسيناريو يوسف شاهين، والحوار السيد بدير. جسدت فاتن دوراً جديداً عليها أيضاً لم تقدمه سابقاً. أدت شخصية «حميدة»، فتاة شعبية «بنت بلد» تعيش بالقرب من ميناء الإسكندرية، تنتظر عودة ابن خالتها «رجب» الذي يجسد دوره عمر الشريف، الذي يرجع إلى الإسكندرية بعد رحلة سفر طويلة أمضاها على ظهر إحدى البواخر، سعياً إلى توفير المال من أجل إتمام زواجه بها. لكن مع مرور الأيام تدُب في قلب «رجب» مشاعر الغيرة حينما يشك في وجود علاقة تجمع بينها وبين «ممدوح»، ابن صاحب شركة النقل البحري، وهو ما تزامن مع مشاكل عدة بين مالك الشركة والعاملين بها. وعندما يحتدم الخلاف بين «رجب وممدوح» بسبب حميدة، ويقرر كل منهما الانتقام من الآخر، يفصح صاحب الشركة عن السر الذي أخفاه طيلة حياته، بأن رجب وممدوح أخوان، وهو والدهما. تأكيد النجومية حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، انتقل بعمر الشريف إلى مكانة أخرى مختلفة في مصاف النجوم. فقد كان نجاح الفيلم الذي سبقه «أيامنا الحلوة» فاتحة خير على الفنانين الثلاثة الذين شاركوا فاتن حمامة بطولته، فأصبح كل منهم في مرحلة مختلفة من النجومية. وراح كل منهم يشارك فاتن البطولة منفرداً في فيلم من أفلامها. بعد أن قدمت مع عمر الشريف بطولة «صراع في الميناء»، شاركت أحمد رمزي بطولة «القلب له أحكام» ومعهما كل من زينات صدقي، وعبد السلام النابلسي، وعبد الفتاح القصري، وسراج منير، وستيفان روستي، وسميحة أيوب، وميمي شكيب، وكوثر شفيق، التي تزوجها عز الدين ذو الفقار. تولى القصة والإخراج حلمي حليم، والسيناريو علي الزرقاني وحسن توفيق، والحوار السيد بدير. بعده شاركت مع عبد الحليم حافظ بطولة فيلم «موعد غرام»، وشاركهما البطولة كل من زهرة العلا، وعماد حمدي، ورشدي أباظة، ومن إنتاج رمسيس نجيب ووحيد فريد، قصة بركات وإخراجه، وسيناريو يوسف عيسى وحواره. ورغم نجاح الفيلم فنياً وجماهيرياً، فإن إيراداته تراجعت حتى توقفت، ليس لسبب فيه أو في أبطاله، لكن بسبب الأوضاع السياسية التي طرأت فجأة على البلاد. وبعدما فشلت جهود مصر مع «البنك الدولي» لتمويل مشروع بناء السد العالي، رأى الزعيم جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس فرصته الوحيدة في الحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالي. أعلن في 26 يوليو 1956 قرار تأميم شركة قناة السويس. ومع نجاح مصر في إدارتها، على خلاف ما خططت وروجت له دول الغرب، إلى جانب فشل الضغط الدبلوماسي على مصر، تبددت علل إعلان الحرب على الأخيرة، فوضعت فرنسا خطة لاستخدام القوة العسكرية ضد مصر بالاتفاق مع بريطانيا وإسرائيل أُطلق عليها «برتوكول سيفرز». وأملت هذه الدول في تحقيق مصالحها من تلك الضربة التي قامت بها ضد مصر في 29 أكتوبر، والتي تصدى لها بكل بسالة أبناء بورسعيد. ورغم الحصار والدمار الذي أحدثه العدوان، فإن مصر استطاعت أن تنتصر سياسياً، وفي 3 نوفمبر من العام نفسه وجه الاتحاد السوفياتي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا، وأعلن فيه تصميمه على محو العدوان. كذلك استهجنته الولايات المتحدة، فأدى هذا الضغط الدولي إلى وقف التغلغل الإنكليزي الفرنسي، وقبول الدولتين وقف إطلاق النار ابتداء من 7 نوفمبر، وفي 19 ديسمبر أنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنكليزية من بورسعيد في 22 ديسمبر، وفي 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس. غيرة وألم ورغم الظروف المحيطة بهما، فإن فاتن والشريف كانا قادرين على اقتناص السعادة، والدفاع عن حقهما في الحب، حتى أنهما أصبحا لا يفترقان طوال الوقت، في البيت أو العمل، أو حتى في السهرات والحفلات الخاصة. وعلى عكس الواقع والسينما، إذ يغار البطل على حبيبته، وجدت فاتن نفسها تغار وبشدة على زوجها عمر الشريف، تغار من مجرد أن تراه يقف يهمس إلى فنانة، أو يضحك لإحدى سيدات المجتمع في واحدة من الحفلات التي يحضرانها، أو يراقص إحداهن في إحدى الحفلات. وفي ملهى «قصر المنتزه» بالإسكندرية، عندما طلب الشريف إحدى السيدات الموجودات للرقص، ما كان من فاتن إلا أن تركت الملهى وانصرفت على غير عادتها، فغادر خلفها مباشرة واحتد الخلاف بينهما، وانتهى سريعاً. غير أن المشكلة أن أحد الصحافيين صودف وجوده بالملهى، لتفاجأ فاتن بخبر منشور في جريدة «الأهرام» بالواقعة، فراحت تنهال عليها المكالمات الهاتفية التي تريد أن تستوضح الأمر، وهل هي فعلاً تغار على عمر الشريف إلى هذه الدرجة؟ للخروج من المأزق، بادرت فاتن بسرعة بالاتصال بالمحرر الذي كتب الخبر، وراحت توضح له الأمر، وترد على أسئلته التي استفزت الشريف، الذي جلس إلى جوارها صامتاً، وعلامات الغضب على وجهه. وما إن أنهت المكالمة، حتى انفجر ثائراً: = أنا مش فاهم انت مهتمة أوي ليه كده باللي يتنشر في الصحافة واللي ما يتنشرش؟ * لأننا لازم نصلح صورتنا قدام الناس؟ = وليه الناس مشغولين بينا أوي كده. أحنا مش مشغولين بحد. ما سيبونا في حالنا. * ماهم لو سابونا في حالنا أحنا مش هايبقالنا وجود. أحنا عايشيين بالناس دي... ومن غيرهم ولا حاجة. = متهيألي أنا فاهم قصدك كويس. لكن أنا بتكلم عن حياتنا الشخصية. دي بتاعتنا لوحدنا. * الفنان مش ملك نفسه يا عمر. = وأنا عمري ما هاكون ملك حد. قال عمر الشريف جملته الأخيرة بصراخ الثائر، ثم هوى بيده في قوة وعصبية على لوح زجاجي في النافذة، ليتفجر الدم بغزارة منها، فقفزت فاتن تصرخ مستغيثة تستدعى الطبيب، الذي أمر بمجرد حضوره بنقل عمر إلى المستشفى ليخضع لجراحة مستعجلة، فحضرت سيارة الإسعاف التي نقلته فوراً إلى مستشفى «مبرة محمد علي» فيما الدم يسيل غزيراً من ذراعه، وفاتن حمامة إلى جواره في حالة هلع وخوف واضحين، ودموعها تنهمر. فنظر إليها وسط آلامه وابتسم قائلا: = ماتخافيش هابقى كويس. * ما تتكلمش علشان ماتنزفش. = ماكنتش أتصور أن الموضوع ممكن يتطور لحد كده.. هاهاها. * بتضحك! = كنا خايفين أن الصحافة تكتب خبر حوالين إشاعة مش حقيقية. دلوقت هايلاقو موضوع يكتبوا فيه... وليه وازاي وإيه السبب؟ * ماتقلقش من أي حاجة. أنا هاتصرف. في الحال أجريت لعمر الشريف جراحة سريعة، وعندما انتهى ذلك كله، طلبت فاتن أن تعود مع عمر إلى البيت، لكن الطبيب المعالج أكد لها أنه لا يمكن أن يسمح له بمغادرة المستشفى قبل خمسة أيام على الأقل، ولا بد من نقل دم إليه، بعدما فقد كثيراً من دمائه. لكن ذلك يمكن أن يسبب لهما مشكلة، إذا ما وصل الخبر إلى الصحافة. إلا أن فاتن لم يكن أمامها سوى الموافقة، إنما كان عليها أن تتخذ التدابير اللازمة، كي لا يصل الخبر إلى الصحافة، وتتأكد الإشاعات التي تتحدث عن غيرتها من علاقات عمر. فنبهت على الخدم: * أي إنسان يسأل عني، سواء بالليل أو بالنهار يتقال له إني في الاستوديو، أستوديو إيه؟ احنا مانعرفش... وبرضه أي حد يسأل عن الأستاذ عمر، يتقال له أنه خرج ومارجعش لحد دلوقت، ولا نعرف هايرجع امتى... ويتسجل في النوتة اسمه وتلفونه. كانت هذه الأوامر في منزلهما، أما بالنسبة إلى المستشفى، فقد شددت، سواء على الممرضات أو عامل الهاتف، وفي صيغة رجاء حار للأطباء: * أي حد هايسأل عني سواء كان مخرجاً أو فناناً أو صحافياً... وتحديدا صحافياً، يتقال له فاتن حمامة مش موجودة في المستشفى على الإطلاق، ولو سأل عن عمر... الأستاذ عمر ماجاش هنا ولا نعرف عنه حاجة. = حاضر انت تؤمري يا مدام فاتن. * أرجوكم يا جماعة. دي حاجة بسيطة ومش عايزة الصحافة تاخد خبر بيها. لأنهم بيعملوا من الحبة قبة. قبل أن تنصرف فاتن من المستشفى، لمحت صحافياً يقف مع إحدى الممرضات يتهامسان، فتوقعت أن عاصفة جديدة من الإشاعات ستهب عليها! البقية في الحلقة المقبلة
مشاركة :