الشهيدة رزان النجار.. عصفورة فلسطينية اغتالها غدر الاحتلال

  • 6/2/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كان بين رزان أشرف النجار، ابنة العشرين ربيعا، وبين موعد الإفطار على سفرة العائلة رصاصة قاتلة استوطنت صدرها لتعلن رحيلها الى ربها، وليستوطن الحزن قلوب كل من عرفها وشاهدها وهي تسارع إلى إنقاذ الجرحى وتقدم الاسعافات لهم وسط إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع، بجرأة غير مسبوقة كما يقول زملاؤها، منذ اليوم الأول لانطلاق فعاليات مسيرات العودة في الثلاثين من مارس/ آذار. الكلمات الأخيرة كعادتها خرجت رزان من بيتها ووجهتها الحدود الشرقية لبلدتها التي أحبت خزاعة لإكمال مشوارها في إسعاف المصابين جراء عمليات الاستهداف الاسرائيلي للمشاركين في مسيرة العودة وكسر الحصار. قبل خروجها من البيت لممارسة عملها الإنساني والوطني في إنقاذ المصابين، خطت رزان بعض الكلمات على صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي: “راجع ومش متراجع، وارشقني برصاصك ومش خايف، وأنا كل يوم حكون بأرض سلمي وبأهلي حاشد،مستمرون جمعة من غزة إلى حيفا” . ولم تدر أن هذه الكلمات ستكون الأخيرة لها وستبقى ذكرى متبقية لها في قلوب وعقول من عرفوها وخبروا شجاعتها وبسالتها في انقاذ المصابين. “بدأت رزان التطوع كمسعفة في صباح يوم الأرض (30/3) وهي الجمعة الأولى لمسيرات العودة،وكانت حينها المسعفة الوحيدة على خطوط التماس “نقطة الصفر”، قبل نصب النقاط والخيام الطبية وحضور المسعفين من مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية، والتحاق عشرات المسعفات بنقاط الرعاية الطبية الأولية. لا تعرف الانحناء لم تدرك رزان التي وصفها الكثيرون بأنها نموذج مشرف للمرأة الفلسطينية، أن النهاية تقترب وأن قناصا إسرائيليا بات يترقبها، وما إن اقتربت لإنقاذ أحد جرحى المواجهات امس الجمعة حتى اطلق هذا القناص رصاصة اخترقت صدرها لترتقي شهيدة رغم محاولات المسعفين إنقاذها. طلبوا منها الانحناء قليلا “فالرصاصة في طريقها إليك، فكان جوابها هي اختارتني لأني لا أعرف الانحناء، فلماذا أغير طريقي” . يقول المسعف أحمد قديح، كانت رزان تسبقنا في إنقاذ الجرحى، وكنا نحسدها على جرأتها، وهذه الجرأة هي ما استفزت جنود الاحتلال، فكنا نخاف أن يقدم قناصة الاحتلال على استهدافها وقد أخبرناها أكثر من مرة بذلك . ويتابع قديح كانت دائما ترد أن واجبنها يحتم علينا المخاطرة، فأرواح المصابين أمانة في اعناقنا، لكن ما خشيناه وقع فقد أصابت رصاصة رزان. إصرار على الواجب ما إن تداعى الخبر حتى تربع اسمها على عرش صفحات التواصل الاجتماعي حزناً وغضباً على جريمة قتل المسعفة النجار والتي لم تغب يوماً عن مسيرات العودة، رغم محاولات إقناع البعض لها بالتراجع خوفاً علي حياتها بعد الإصابة الأولى التي تعرضت لها في الجمعة الرابعة من مسيرات العودة والتي كانت تحت عنوان جمعة الشهداء والجرحى . لم تكمل رزان تعليمها بفعل الأوضاع المادية التي تعيشها أسرتها، لكن ذلك لم يمنعها من أن تكون عنصراً فاعلاً في مجتمع تتفاقم أزماته وتتصاعد معاناته، فتعلمت كيف تعالج قلوب الناس وأوجاعهم، حيث حصلت على العديد من دورات التمريض والإسعافات الاولية، فكانت أول الحاضرين في خيام العودة . تقول والدة رزان، التي احتضنت ما تبقى من حاجياتها التي تلطخت بالدم، إن ابنتها كانت وردة الدار، محبوبة من الجميع؛ أقاربها وجيرانها وأقاربها وكل من عرفها .. تتابع: “في كل جمعة يزيد خوفنا وقلقنا عليها، لكنها كانت تصر على الذهاب إلى الحدود الشرقية وكانت تقول عن واجبي الانساني يتطلب مني ذلك، حيث كانت تعود إلى المنزل وثيابها مليئة بدماء الشهداء والجرحى”. وأضافت الوالدة المفجوعة بفقدان ابنتها ، خرجت رزان من المنزل صباح الجمعة وقد أخبرتني بأنها ذاهبة لصديقاتها، لكنها اتجهت للحدود، وهناك القتلة كانوا بانتظارها وأطلقوا الرصاص عليها بشكل مباشر من قبل القناصة. تضيف بحسرة: قتلوا ابنتي حبيتي ولن أتمكن من رؤويتها مرة أخرى، أين المجتمع الدولي وأين المنظمات الدولية وأين حقوق الانسان، ابنتي كانت تنقذ المصابين ولم تحمل سلاحا!   مفعمة بالحياة والأمل يقول أشرف النجار، والد الشهيدة رزان ، إن ابنته كانت مفعمة بالحياة والأمل والنشاط، وكانت تصر على أن يكون لها دور إيجابي في المجتمع ، خاصة بعد عدم تمكنها من إكمال تعليمها الجامعي بفعل الظروف المادية، وقد نجحت في ذلك من خلال النشاطات والخدمات الإنسانية التي كانت تقوم بها خاصة في المناطق المهمشة والتي تعاني من الانتهاكات الإسرائيلية. وأضاف والدها وعلامات الحزن والحسرة ترتسم على ملامح وجهه : لم تغب رزان يوماً عن مسيرات العودة، وكانت أيقونة فلسطينية تتنقل في مناطق الخطر لإنقاذ المصابين، وكان خوفنا يزداد عليها يومياً خصوصاً في ظل ما نسمع عن جرأتها ومخاطرتها بنفسها لإنقاذ الجرحى، وبالفعل كنا نطلب منها عدم التقدم باتجاه الجنود وكانت تطمنا بهز الرأس لكن ما تقوم به على الأرض هو العكس . وفي إحدى اللقاءات قالت المتطوعة رزان التي تعتبر أصغر متطوعة في مجال الإسعاف الميداني ضمن مئات العاملين في إسعاف وعلاج المصابين على حدود قطاع غزة،انا مستمرة في إنقاذ الجرحى وقد بدأت المشوار من هذا المكان حيث مخيم العودة شرق خانيونس وسأنهيه هنا،وهو ما كان بالفعل فصدقت فارتقت شهيدة أثناء واجبها الانساني . جريمة حرب استهدفت قوات الاحتلال الاسرائيلي مجموعة من المواطنين العزل شرق خان يونس أمس الجمعة، وحاول فريق المسعفين الذين يلبسون المعاطف الطبية البيضاء التقدم لإخلاء المصابين، ثم توجه فريق المسعفين لإخلاء المصابين رافعاً كلتا يديه تأكيداً على عدم تشكيله اي خطر على قوات المحتل المدججة بالسلاح.، حيث قامت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على صدر الزميلة رزان النجار واصابت عدد اخر من المسعفين. ونعى الفلسطينيون على كافة المستويات الرسمية والشعبية والفصائلية ملاك الرحمة المسعفة المتطوعة رزان النجار مؤكدين أن ما حدث جريمة اسرائيلية جديدة تستهدف المدنيين الابرياء والطواقم الطبية. وقالت وزارة العدل الفلسطينية: “إن استهداف فتاة مدنية وهي تؤدي واجبها الإنساني في إسعاف المصابين وترتدي السترة المخصصة وشارة الإسعاف، ليدل بشكل صريح على إمعان هذا الاحتلال المجرم في غطرسته وعربدته واستهتاره بكل القوانين والأعراف الدولية، ضاربا بها عرض الحائط، ومستندا إلى غطرسة الحليف الأمريكي الذي يسنده في كل جرائمه وإرهابه”.

مشاركة :