«العلاج المناعي».. انتصار على ألم الأورام الخبيثة

  • 6/3/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: راندا جرجس تعد الإصابة بالأورام الخبيثة، من الأمراض التي تحتاج لكفاح وصبر من المريض؛ حيث إن وجود الخلايا غير الطبيعية لها آثار جانبية خطرة، وكذلك جميع أنواع العلاجات، التي تم اكتشافها حتى الآن، تترك أيضاً العديد من المخاطر على كافة أجهزة الجسم، ما يجعل المرضى بحاجة إلى الدعم النفسى من كافة المحيطين بهم، وتشجيعهم على مواجهة المرض والانتصار عليه، وبحسب توقعات منظمة الصحة العالمية.إن حالات الإصابة بالسرطان في زيادة مستمرة لتصل إلى 21 مليون مصاب بالسرطان بحلول عام 2030، وبالمقابل سيشهد العالم تطوراً في أساليب التشخيص المبكر، وسبل العلاج، ما سينتج عنه زيادة في نسب أعداد الناجين من مرض السرطان. العلاج المناعي يقول الدكتور فلاح الخطيب، استشاري أمراض الأورام، إن العلاج المناعي للسرطانات الخبيثة هو عبارة عن استخدام خلايا من الجسم في مهاجمة أي شيء غريب يدخل إليه سواء كانت بكتيريا أو فيروسات، التهابات وغيرها، وبما أن الخلايا السرطانية تتكاثر وتنتشر بسرعة كبيرة، دون رؤيتها أو رصدها، ولذلك اكتشف العلماء أدوية تسمى (check point ) أو نقطة الاتصال، وهي قادرة على كشف الغطاء عن الخلايا والتفرقة بين الخلايا السرطانية والأخرى الطبيعية، وقد أثبت العلاج المناعي فاعليته في علاج بعض الأورام مثل سرطان الجلد؛ حيث إنه في الماضي القريب لم يكن للمصابين به أمل في الشفاء منه؛ نظراً لعدم وجود علاج لحالتهم، وأصبحت هناك نسبة استجابة عالية، وفي حالات سرطان الرئة يتم استخدام العلاج الكيميائي إذا كانت نسبة مؤشر الإصابة أقل من 50% أما إذا كانت أعلى فيتم التدخل بالعلاج المناعي، وهكذا مع جميع أنواع السرطانات الخبيثة، كما أثبتت الدراسات أن هذا العلاج مناسب لجميع الأعمار بداية من سن الـ15 فيما فوق. مضاعفات ونتائج يشير د. فلاح إلى أن العلاج المناعي لا تظهر نتائجه على المريض بشكل سريع مثل معالجات السرطانات الأخرى، وهو عبارة عن حقن دوائية تؤخذ على شكل جرعات كل فترة من أسبوع إلى أربعة أسابيع، ويمتد ظهور النتائج إلى شهر أو شهرين، ولكن لا يجب توقيف العلاج في حال عدم الاستجابة؛ حيث إن هناك بعض الحالات يمكن أن يسبب هذا العلاج تهيجاً بالأنسجة، وكذلك لا يجب الانخداع عند حدوث تقدم في الشفاء، ولهذا يكون الفيصل في تقييم حالة المريض هي المتابعة بعمل الفحوص والتحاليل حتى يصل لمرحلة استقرار المرض أو الشفاء منه.يستكمل: أن الأدوية المناعية كباقي العلاجات، يمكن أن يكون لها تأثيرات جانبية على الإنسان، ففي بعض الحالات يمكن أن يظهر التهاب في الجسم كله، مثل الجلد، الكلى، الرئة، الأمعاء والمعدة، وتعد أغلب المخاطر هو خمول الغدة الدرقية؛ ولذلك يجب على الطبيب المعالج عمل الفحوص بشكل دوري. العلاج الكيميائي يذكر الدكتور طارق خوري مختص المعالجة الكيميائية للأورام، أن الأدوية الكيميائية هي مادة سامة قاتلة تهدف للقضاء على كافة الخلايا غير الطبيعية والخبيثة الموجودة بجسم الإنسان، يتم إعطاؤها بمقادير علاجية محددة، بفواصل زمنية معينة، والجدير بالذكر أن هذا العلاج يمكن أن يسبق الجراحة أو بعدها؛ حيث أن الجراح قادر أن يزيل الأورام التي تراها العين فقط، وفي كثير من الحالات تكون هناك خلايا متناثرة، يقضي عليها العلاج الكيميائي أو كما يُسمى «العلاج المتمم»؛ للقضاء على الخلايا السرطانية المتبقية في منطقة تشكل الورم أو أي خلايا خبيثة، هاجرت وتموضعت بأعضاء أخرى داخل الجسم، وفي بعض الحالات يكون هو العلاج الأساسي مثلما يحدث في حالات المرحلة الرابعة من السرطان، عندما يكون المرض منتشراً بأعضاء مختلفة، ولا يمكن التدخل الجراحي إلا في حالات بسيطة ولأسباب محددة. تأثيرات العلاج الكيميائي يفيد د.طارق أن معظم الأورام السرطانية الخبيثة، تحتاج إلى التدخل بالأدوية الكيميائية باستثناء بعض الحالات التي يكون فيها الورم مازال بالمراحل الباكرة؛ حيث يكون الاستئصال الجراحي وحده كافٍ في العلاج، ولكن بالإجمال يتم الاستعانة به في المراحل الثانية والثالثة والرابعة من المرض، وبما أن العلاجات الكيميائية هي أدوية جهازية تطارد الخلايا الخبيثة في كل أنحاء الجسم، يتم إعطاؤها عن طريق الفم أو الحقن، وتسير مع الدورة الدموية في جسم المريض، وتقتل كل الخلايا، فهي تترك الكثير من المضاعفات والمخاطر؛ حيث إن هذا الدواء لا يميز بين الخلايا الجيدة والسرطانية، ما ينتج عنه قتل الخلية غير الطبيعية وتعطيل وظيفة الخلية السليمة، ولكنها تعاود نشاطها بعد فترة، ولذلك تكون التأثيرات الجانبية عادة مؤقتة، مثلما يحدث مع بصيلات الشعر، خلايا الأنبوب الهضمي، المعدة، الفم، المريء، البلعوم، القولون، ومع انتهاء وقت المعالجة ترجع الخلايا الطبيعية للتجديد والنشاط مرة أخرى، في مدة تختلف باختلاف العضو الذي تضرر، وتستغرق مدة العلاج في الحالات الخفيفة أسبوعاً أو ثلاثة أسابيع، والشديدة عدة أشهر، أما في المراحل المتقدمة فيظل المريض يأخذ هذه الجرعات لفترات طويلة، بحسب استجابة الجسم، ومتابعة الخلايا السرطانية، قدرة الدواء على السيطرة على الورم، ثم ويعود الجسد للتعافي. العلاج الشعاعي يوضح د.طارق أن العلاج الشعاعي هو ركن فاعل ويعطي نتائج سريعة، في معالجة الأورام السرطانية، وهو له دور مهم وأساسي في علاج الجهاز العصبي المركزي، كأورام الدماغ والحبل الشوكي وأورام البروستات، وسرطان الثدي، ويترافق العلاج الشعاعي عادة مع الأدوية الكيميائية ويتبع العلاج الجراحي في كثير من الحالات، وهو عبارة عن أجهزة تشبه التي تستخدم في الأشعة المقطعية، ويعد الهدف منه التحكم الموضعي في الخلايا السرطانية، فمثلاً في حالة سرطان الثدي يتم تسليط جرعة عالية من الأشعة على المنطقة المصابة فقط، لمدة عدة دقائق تخترق الأنسجة وتصل للخلايا السرطانية؛ لتطهير المنطقة تماماً والقضاء على أي بقايا يمكن أن تسبب انتكاسة مرة أخرى في المستقبل، وقد تم تطوير العلاج الشعاعي بحيث يتقلص حجم الضرر على الأجهزة المجاورة للمنطقة المصابة، وأصبح تركيز الأشعة على سماكة منطقة معينة من الجسم، وبشكل عام يكون الأكثر تأثراً هو الجلد؛ حيث إنه أول حاجز بوجه الأشعة، قبل أن تصل الأشعة للهدف المراد تطهيره، مسبباً للحروق التي تتراوح درجاتها من الخفيفة إلى الشديدة، وكلما زادت مدة العلاج الإشعاعي زادت المضاعفات والتأثيرات الجانبية. أساليب الدعم النفسي تشير الدكتورة حنان حسين استشاري الطب النفسي، إلى أن الجميع يرى الإصابة بمرض السرطان محنة وتهديداً حقيقياً للأمن والسلامة، ولكن العقود السابقة شهدت تطوراً كبيراً في أساليب وطرق العلاج وأصبح الشفاء من هذا المرض ممكناً؛ حيث أصبح هناك عصبة من البشر يطلق عليهم «الناجون من السرطان» وهم في ازدياد مستمر؛ ولذلك أصبح الاهتمام بدراسة التداعيات النفسية لمرض السرطان أمراً في غاية الأهمية، وغدا توفير أساليب الدعم النفسي الفاعلة للمرضى ضرورة قصوى، كما أشارت الدراسات العلمية إلى أن آثار الإصابة بالسرطان لا تقتصر على الجزء المصاب من الجسم فقط، وإنما تتخطاها إلى الحالة النفسية للمريض والمحيطين به، إضافة إلى التغير الذي يطرأ على شكل المريض وصورته الخارجية كما في الأورام الظاهرة مثل أورام الرأس والرقبة وأورام الثدي مثلاً، أو نتيجة الاستئصال كالبتر كما في حالات أورام العظام والعضلات، أو من مضاعفات العلاج مثل الآلام والإعياء والغثيان، كذلك يصحب الإصابة بالسرطان تدهور في الأداء والنشاط العام فلا يستطيع المريض القيام بأنشطته اليومية، ويعاني صعوبة في التركيز وضعفاً في الذاكرة ومشاكل جنسية، ما يضاعف إحساسه بالإعاقة وفقدان الفاعلية وقيمة ولذة الحياة فيتولد عند المريض شعور بفقد الأمان واليقين والخوف والقلق على المستقبل والحزن واليأس أحياناً. التعامل مع المرض تذكر د.حنان أن الإصابة بالسرطان من الناحية السيكولوجية هو محنة يمكن أن تنطبق عليه جميع نظريات علم النفس التي تشرح كيفية تعامل الإنسان مع المحن عاطفياً وإدراكياً وسلوكياً، بحسب نظريات علم النفس يتبع الإنسان واحداً من الأربعة أساليب التالية:-* روح المحارب: فهو يميل إلى مواجهة المرض والتأقلم معه.* اليأس والقنوط: حيث يميل إلى الإذعان والاستكانة في انتظار النهاية.* القلق المفرط: في هذه المرحلة يتحول المرض إلى هاجس يتحكم في كل حياته ويصيبه بالتشتت وعدم القدرة على المواصلة.* الإنكار: وهو الوقت الذي يتناسى المريض واقعه تماماً، ويستمر في حياته وكأنه لم يعلم بحقيقة مرضه.تتابع: أظهرت الدراسات أن الأسلوب الأول هو الوحيد من بين الأربعة الذي يقترن بحالة نفسية متزنة وصحية فهو يشتمل على إدراك الحقيقة كما هي دون تهويل أو تهوين، ثم تقبلها، ثم تحليل الصعوبات والتبعات، ثم البحث عن حلول واقعية، ثم القيام بها، وأخيراً الرضا عن النفس لما قام به في مواجهة محنته مهما كانت النتائج. اضطرابات نفسية تفيد د.حنان بان الأبحاث أشارت إلى أن 25%: 30٪ من مرضى السرطان يصابون بأحد الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات عدم التأقلم واضطرابات القلق والهلع والاكتئاب واضطرابات الجسدنة ويكون الأناس الأكثر عرضة للإصابة هم من لهم تاريخ مرضي سابق أو من يفتقدون الدعم الأسري والمجتمعي، ومن لا يتلقون الدعم النفسي المتخصص، وعلى الرغم من هذه النسبة العالية من الاضطرابات النفسية في مرضى السرطان، إلا أن نسبة ضئيلة جداً منهم تجد طريقها إلى العلاج النفسي المتخصص وغالباً ما يكون السبب هو طبيب الأورام المعالج الذي يفشل في اكتشاف الحالات التي تنطبق عليها «محكّات تشخيص الاضطرابات النفسية» والتي تستدعي العلاج، ويطمئن للقناعة بأنه من الطبيعي أن يشعر المريض ببعض القلق أو الاكتئاب. برامج سلوكية تؤكد د.حنان أنه توجد برامج علاج نفسي متنوعة أثبتت فاعليتها، منها الفردي أو الجماعي، وتستند أغلبها إلى نظريات العلاج السلوكي والمعرفي، و من أهمها تدريب لمساعدة للمريض على التأقلم الصحي مع المرض كما ذكرنا من قبل، كما يعد «ييرتكن» نموذج (ACT) إلى ثلاثة أركان أساسية للمرونة النفسية التي تسهم في التكيف الصحي عند مواجهة تحديات مثل تشخيص السرطان، أو العلاج، أو البقاء على قيد الحياة؛ حيث تمثل هذه الأركان الجزء المعرفي من هذا النوع من العلاج، وهو كالآتي:-* التواجد: يتدرب المريض على أن يستحضر إحساسه بالمكان والأوان الحالي ولا ينغمس في التفكير في الماضي أو المستقبل، فهو يستطيع أن يدرك ويحلل ما يفكر فيه أو يشعر به عاطفياً أو يدركه بحواسه الخمس في تلك اللحظة، ويساعده هذا التدريب أن يبقى دوماً واعياً ومراقباً على نفسه، ما ينمي الشعور بالواقع كما هو دون تهويل أو تهوين.* الانفتاح: حيث يشجع هذا النوع من العلاج المريض أن يصارح نفسه بما يختلج داخله من مشاعر مهما كانت وأولاً بأول فلا يسمح لها بالتنامي داخله وهو يمنع نفسه من التفاعل معها حتى تنفجر بعد طول كبت.* القيام بما يهم: يشجع هذا النوع من العلاج المريض على أن يدرك جيداً قيمه الشخصية وأن يتصرف وفق ما تمليها عليه.* الالتزام: هو الجزء السلوكي من العلاج، وهو القيام بسلوكيات متناغمة مع قِيم المرء مثل الأكل الصحي وممارسة الرياضة فيما يخص قِيَمه عن الصحة، والتعبد وممارسة الطقوس الدينية فيما يخص قِيَمه الدينية وهكذا. إرشادات نفسية تبين د. حنان أن مريض السرطان يحتاج أحياناً إلى العلاج النفسي الدوائي باستخدام مضادات الاكتئاب ومضادات القلق المختلفة والتي يحددها الطبيب النفسي والذي نوصي بأن يكون ضمن الفريق الطبي المعالج لمريض السرطان؛ حيث إن هذه العقاقير تعمل عن طريق تعديل مستوى الموصلات العصبية بين الخلايا في المخ والتي يؤدي اختلالها إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة مثل محفزات السيروتونينو النورابينيفرين وأحياناً محفزات الجابا، كما ننصح ببعض الإرشادات التي تساعد في إتمام الشفاء، كـ:* أن يكون الطبيب والمعالج النفسي من العناصر الأساسية عند تشكيل الفريق المعالج لمرضى السرطان.* أن يكون التحري عن وجود أعراض نفسية باستخدام استبيانات مقننة من عناصر الفحص الدوري والروتيني والمتابعة لمرضى السرطان حتى نستطيع اكتشاف الحالات التي تحتاج إلى العلاج النفسي وتقديم العلاج المناسب لها.* أن نسعى ونشجع ونشارك كمتخصصين في تكوين كيانات مجتمعية يكون هدفها توفير الدعم النفسي والتوعوي لمرضى السرطان وذويهم مثل الجمعيات الأهلية وما إلى ذلك. العلاج الهرموني يعد العلاج الهرموني من التقنيات الشائعة في محاربة مرض السرطان؛ حيث إنه يعتمد على إعطاء الجسم هرمونات خارجية مثل الستيرويدات أو مضاداتها التي تعمل على تثبيط نمو بعض أنواع السرطان، أو موت خلاياه في بعض الحالات، وهو يستخدم في علاج أورام الثدي، البروستاتا، الرحم، المبيضين، كما يتم الاستعانة به لعلاج الأعراض المصاحبة للإصابة بالأورام الخبيثة أيضاً، مثل المعروفة متلازمة الأباعد الورمية، فقدان الشهية، كما أثبتت فاعلية العلاج الهرموني كمثبطات فاعلة لأمراض الأروماتيزم.

مشاركة :