قطر ربحت من الحصار وتجاوزت تداعياته

  • 6/3/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة - الراية: أكد خبراء أن قطر لم تنجح في مواجهة تداعيات الحصار المفروض عليها منذ الخامس من يونيو 2017 فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى إكساب اقتصادها قوة ومناعة كبيرتين، وباتت البلاد أكثر اعتمادًا على الذات من ذي قبل. وقالت الجزيرة نت في تقرير إخباري لئن كانت الأسابيع الأولى للحصار قد خلقت صدمة، فإن دولة قطر عملت على احتوائها بالسرعة المطلوبة خاصة ما تعلق بتوفير الاحتياجات الضرورية وضمان استقرار الاقتصاد في مواجهة أي هزة، والاستمرار في توسيع القاعدة الإنتاجية لقطاع النفط والغاز وجذب الاستثمارات الخارجية. وأكد تقرير الجزيرة نت أن كل أزمة يصاحبها حصار أو مقاطعة تخلق صعوبات كثيرة في مقدمتها الآثار الاجتماعية وانقطاع طرق النقل وحركة الأفراد وتعطل التجارة وارتفاع التكاليف، لكن قطر كما يقول الخبير المالي والمصرفي قاسم محمد قاسم شجعت الاستثمار بمشاريع الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمنت بذلك التوسع الفوري في صناعة منتجات الألبان والثروة الحيوانية إلى جانب تطوير الأنظمة الزراعية لمواجهة تحدي المناخ. وفي شهر أبريل الماضي أعلن وزير الطاقة والصناعة محمد بن صالح السادة أن طاقة قطاع الصناعات الغذائية زادت أكثر من 300% في ثمانية أشهر من بداية الحصار. وقال وقتها إن عدد المصانع التي افتتحتها قطر خلال ثمانية أشهر منذ الحصار والأزمة الخليجية يساوي عدد المصانع التي افتتحت وبدأت الإنتاج في السنتين السابقتين. وأكد أن تدشين ميناء حمد شكل عاملاً حاسمًا في كسر الحصار المفروض على قطر من السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر، عبر فتح خطوط ملاحة جديدة لمدّ البلاد بما تحتاجه من متطلبات العيش وتنفيذ المشاريع، كما يقول مراقبون. وبعد ثلاثة أشهر فقط افتتحت قطر واحدا من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط على مساحة تفوق 28 كيلومترا وبطاقة قصوى تبلغ 7.5 ملايين حاوية. ونقلت الجزيرة نت عن الرئيس التنفيذي للشركة القطرية لإدارة الموانئ عبد الله الخنجي قوله إن الحصار شكل دفعة قوية لميناء حمد الدولي ليسرع من وتيرة العمل فيه، وهو ما تجلى في فتح خطوط ملاحية سريعة وصلت الآن إلى 23 خطاً ملاحياً بين ميناء حمد وموانئ أغلب الدول التي تربطها علاقات تجارية مع قطر، بالإضافة إلى قرب افتتاح خطوط أخرى. وقال الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في شركة فورترس للاستثمار مصطفى فهمي للجزيرة نت «لعل أهم ما ربحته قطر هو استقلالها الاقتصادي الكامل إذ كانت مكبلة خلال العقود الماضية بسبب العلاقات التجارية بدول الحصار». وأضاف أن الحصار فتح شهية قطر على العديد من الشركاء الاقتصاديين والتجاريين الإستراتيجيين الجدد بعيدًا عن الحساسيات القديمة بسبب العلاقات مع دول الحصار وعلى رأسها تركيا وإيران. وأكد أن ذلك فتح آفاقا قوية للغاية للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع تلك الدول، ما جعلها تسد الفجوة التي تركتها دول الحصار في السوق القطري. وقالت الجزيرة نت في تقريرها إن قطر استطاعت أن ترفع من حجم صادراتها نحو الخارج بشكل قوي، كما زات وجهات الصادرات القطرية إلى أكثر من ستين دولة. وتشير أحدث البيانات الرسمية إلى ارتفاع الفائض التجاري لقطر بنسبة 49.3% في أبريل الماضي عنه قبل عام، مسجلاً ما قيمته 14.7 مليار ريال (4 مليارات دولار). وأكدت الجزيرة نت أن الخطوط الجوية القطرية لعبت دورًا مهما في تأمين الاحتياجات الضرورية للبلاد، إلى جانب الميناء،حيث أضحت الشركة -يقول رئيسها التنفيذي أكبر الباكر- ركيزة إستراتيجية أساسية للأمن الغذائي في دولة قطر، رغم ما سببه الحصار من آثار سلبية. لكن ذلك لم يمنع الباكر من أن يؤكد في خطاب سابق أمام البرلمان الأوروبي أن الخطوط القطرية تكبدت خسائر بسبب الحصار. وقال التقرير إن دول الحصار حاولت الإضرار بالاقتصاد القطري وبمقوماته الأساسية وفي مقدمتها قطاع النفط والغاز، غير أنه وبعد مرور سنة من الحصار شهد هذا القطاع زيادة كبرى في الإنتاج وتوسعات بالخارج. وقال الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد شريدة الكعبي بداية الشهر الماضي إن الشركة العملاقة ستمضي قدمًا في إستراتيجيتها لزيادة الإنتاج والاستحواذ على أصول أجنبية مثلما تفعل شركات النفط الكبرى رغم الحصار المفروض على قطر منذ يونيو الماضي. ومن حيث الإنتاج تسعى قطر لزيادة طاقتها الإنتاجية للغاز إلى مئة مليون طن سنويًا من المستوى الحالي البالغ 77 مليونا لتعزيز مركزها كأكبر مصدر للغاز في العالم. وقبل أسابيع قالت شركة قطر للبترول إنها وجّهت دعوة إلى مجموعة من الشركات العالمية لتقديم عروضها للمشاركة في تطوير وتشغيل مجمع عالمي جديد للبتروكيميائيات في مدينة راس لفان الصناعية شمالي البلاد. أما خارجيًا فقد فازت قطر للبترول منذ أشهر بعقود للاستكشاف البحري ومشاركة الإنتاج في خمس مناطق بالمكسيك، وبحقوق للاستكشاف النفطي في أربع مناطق بالمياه العميقة في البرازيل، بالإضافة إلى حقوق استكشاف في جنوب أفريقيا وبلدان أخرى. ورغم محاولات دول الحصار التأثير على القطاع المصرفي والمالي لقطر، والتلاعب بالعملة المحلية، فإن هذه المحاولات باءت بالفشل باعتراف صندوق النقد الدولي الذي قال إن القطاع المصرفي القطري تجاوز الآثار السلبية للحصار المفروض على الدوحة. وزادت الأصول البنكية بقطر لتبلغ 1.4 تريليون ريال (379 مليار دولار) بنهاية شهر فبراير الماضي بارتفاع سنوي بلغ 9%. واستطاعت قطر التغلب على الحصار بفضل عوامل من بينها ثروة قدرت بـ350 مليار دولار في صورة احتياطات البنك المركزي وأصول جهاز قطر للاستثمار. أما على صعيد البورصة القطرية فقد استطاعت جذب أكثر من مئة صندوق خارجي بعد الحصار، وفق تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي للبورصة راشد المنصوري. كما شهدت سوق الأسهم توسيع نسب تملك الأجانب في الشركات المدرجة إلى 49%، وقد تزامن ذلك مع إطلاق قطر سلسلة تشريعات لجذب الاستثمارات الخارجية. ومن أهم الآثار الإيجابية للحصار -يقول الخبير المصرفي محمد قاسم- تحرير المواطن من الخوف من مخاطر الاستثمار والصبر على الأزمات من جهة، وتسريع الحكومة لعملية إصدار التشريعات لدعم دور القطاع الخاص من جهة أخرى. وأضاف الخبير في السياسات النقدية خالد الخاطر فيصف الحصار بكونه شكّل «جرعة تحصين ضرورية لإكساب الاقتصاد القطري المناعة والقوة اللازمتين». وقال في مقال خص به الجزيرة نت إن الحصار لم ينجح في تحقيق أهدافه حتى الآن فقط، بل أتى بنتائج عكسية، فبدل أن يضعف الحصار الاقتصاد القطري فقد أدى إلى تقويته ودفعه إلى الاعتماد أكثر على الذات وعلى التنويع، لذلك أصبح أكثر استقلالية وأقل انكشافا على دول الحصار.

مشاركة :