كانت الثورة البلشفية في روسيا سنة 1917م الشرارة التي اشعلت الثورات العديدة والصراعات المديدة في العالم حتى نهاية حقبة الستينات والتي بشّرت بميلاد الشيوعية!.. ولم يكن العالم العربي غافلاً عن حوادثها فكانت الشيوعية في أوج نشاطها حين تألفت الأحزاب في ذاك الزمان وبالأخص في بلاد الرافدين. كتاب السياب هو أشبه بالسيرة الذاتية لأحد شعراء العراق وأحد أشهر شعراء التفعيلة أو الشعر الحر في العالم العربي وهو في هذا يحكي قصته أو رحلته في الحياة القصيرة التي عاشها وخصوصاً في شرّة الشباب التي لم يتجاوزها كثيراً فالسياب لم يعش طويلاً فقد أسلم الروح في المستشفى الأميري بالكويت في سنة 1964م إثر مرض عضال، وهو من مواليد 1926م فهو إذا توفي وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، يقول من قصيدة (نفس وقبر) وهو على سرير المرض: وكتابه (كنتُ شيوعياً) هو عبارة عن مقالات نشرها في صحيفة الحرية سنة 1959م تحتوي على أربعين مقالة على شكل حلقات أسبوعية، بأسلوب عفوي في الكتابة أكثر منه منظم ومنقّح وبأسلوب ينزل إلى العامية أحياناً في بعض الألفاظ وربما لكونه شاعراً فقد يجوز له ما لايجوز لغيره!.. وهو بعد صاحب مخزون أدبي وافر في الشعر من خلال قراءاته الجانبية!.. وهو في هذا الكتاب أو المقالات يستعرض سيرته وسيرة الحزب الشيوعي في العراق في العقد الرابع والخامس الميلادي من القرن الماضي بعد أن انتسب له فترة من الزمن ويعطي صورة قاتمة لهذا الحزب آنذاك وبشعة في طريقته وأسلوبه ومعاملاته وكيف يعيش أفراده بين اللهو والخداع والكذب والتضليل، يعترف السياب في كتاباته بكل صغيرة وكبيرة وبكل لفظة قبيحة كانت أو حسنة حتى السباب والشتم لم يدّخرها حياءً ولم يقتطعها من قاموس الكتاب تورية عن أصحابها فهو اعتراف بكل معنى الكلمة وقد صبّ جام غضبه على كل شيوعي في العالم وكل حزب يحمل هذا الاسم وأفكاره وربما جنح كثيراً إلى الظلم ففجر في خصومته لهم، حيث إن عين السخط تبدي المساويا وقد أبدت وأمعنت وجعلت كل مساوئ الدنيا في هذا الحزب وأفراده، ثم تحدث عن اتصاله بالأحزاب الشيوعية الآخرى خارج العراق كحزب تودا الشيوعي الإيراني ثم يصف من يلتحق به من الجهلة وصغار السن وهم لايعلمون حقيقة الحزب وغاياته الدنيئة والقائمين عليه وقد شهدوا حفلات الإعدام وخصوصاً بالأخ الأكبر؛ كما يقول أورويل يوسف سلمان (فهد) رئيس الحزب ومطاردة السلطات لأفراد الحزب في كل مكان وزجّهم في غياهب السجون لما يتمتعون به من حس متميز في إثارة الفوضى وقيادة المظاهرات والسجن أكثر من مرة كان من نصيبه مع هروب خارج البلد وقد طُرد من عمله أيضاً بسبب قصائدة الشعرية في الحكومة ومناصرته الحزب والتي بدأها بتوزيع المنشورات في بداياته حتى استمرأ عليها حين بزغ في كتابة الشعر فكان لسان الحزب الذي يسطو على أعدائه وفكره الذي يريد من الناس أن يعتقدوه فإذا اختلف معهم قلب ظهر المِجنّ ولم يسعفه الوقت حتى يرى حزب (البروليتاريا) الشيوعي ينهار إنهياراً تامّاً في روسيا في بداية التسعينيات ولو راهن على ذلك لكان منتصراً وهو في قبره!. ** ** - زياد بن حمد السبيت
مشاركة :