قدمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ردها المفصل على أفكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن إصلاح أوروبا ساعية لتجنب خلاف مدمر مع باريس في وقت يتزايد فيه القلق بشأن إيطاليا وتتصاعد فيه التوترات عبر الأطلسي. ومع اقتراب موعد قمة الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، التي وعدت ميركل وماكرون بتقديم خطة مشتركة خلالها لإصلاح أوروبا، أجرت المستشارة الألمانية حديثا صحفيا مفصلا للغاية يوم الأحد تناول إصلاح منطقة اليورو فضلا عن السياسات الدفاعية وسياسات اللجوء. وواجهت ميركل انتقادات حادة في الأسابيع الأخيرة لعدم تفاعلها مع ماكرون الذي اعتمدت حملته على تعهد بإصلاح أوروبا وقام بوضع الخطوط العريضة لرؤيته الطموحة في عدة خطابات أدلى بها على مدى عام. وتزايدت الضغوط على الاتحاد الأوروبي لإظهار موقف موحد بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وفرض تعريفات على صادرات الصلب والألومنيوم الأوروبية. وألمانيا، وهي أكبر مصدر، أكثر عرضة لصراع تجاري مع الولايات المتحدة وقال العديد من المحللين إن تهديدات واشنطن أعطت ميركل، الحذرة بطبعها، دافعا أكبر للتواصل مع ماكرون. وقال هنريك اندرلن مدير معهد جاك ديلورز في برلين ”هذه خطوة تنم تماما عن شخصيتها… إنها في وضع دفاعي، يقول الناس إنها لن تفعل أي شيء لكنها تطرح حينئذ شيئا مفاجئا“. عرضت ميركل في حديثها مع صحيفة فرانكفورتر ألجماينه سونتاج تسايتونج بوضوح موقف ألمانيا من عدد من القضايا: – أيدت فكرة تحويل آلية الإنقاذ الأوروبية إلى صندوق نقد أوروبي يقدم قروضا قصيرة الأمد للدول التي تعاني من ضغوط اقتصادية. وقالت إن صندوق النقد الأوروبي يجب أن يكون قادرا على تقييم مدى استطاعة الدول الأعضاء الوفاء بديونها و“الأدوات المطلوبة للحفاظ على ذلك إذا تطلب الأمر“ – في إشارة إلى إعادة هيكلة الديون وهو ما ترفضه فرنسا.– أيدت طرحا تدريجيا لميزانية استثمار لمنطقة اليورو قائلة إنها يمكن أن تدرج في ميزانية الاتحاد الأوروبي أو أن تظل خارجها. – دعت إلى وضع معايير مشتركة للجوء، وقوة شرطة حدودية أوروبية ووكالة هجرة أوروبية يمكنها تقييم طلبات اللجوء. وأيدت ”نظاما مرنا“ يمكن خلاله أن تقدم الدول التي ترفض استقبال لاجئين إسهامات في مجالات أخرى عوضا عن ذلك. – أيدت فكرة ماكرون بشأن تشكيل قوة تدخل أوروبية ذات ”ثقافة عسكرية استراتيجية مشتركة“ مما يفتح الباب أمام دور دفاعي ألماني أكثر نشاطا. كانت ميركل ممزقة على مدى أشهر بين التوصل إلى تسوية مع ماكرون وبين إرضاء المحافظين المتشددين في الداخل الذين يتهمون الرئيس الفرنسي بالسعي لاتحاد تعوض فيه الدول التي ترفض الإصلاح بالأموال الألمانية. وعزز انتخاب حكومة شعبوية متشككة في الاتحاد الأوروبي في إيطاليا الأسبوع الماضي هذه الشكوك. ويقول ماكرون وحلفاؤه إن أوروبا ستظل عرضة لخطر التعرض لصدمات خارجية ما لم تعدل قواعدها وهياكلها بشكل جذري. ودعا إلى ميزانية لمنطقة اليورو أكبر بكثير مما دعت إليه ميركل في حديثها وحث أوروبا على أن تتسم بجرأة واستقلالية أكبر فيما يتعلق بالسياسات الدفاعية في تحول يثير تخوف الألمان القلقين من الصراعات. وقال فيليب مارتن المستشار السابق لماكرون ورئيس مجلس المحللين الاقتصاديين الفرنسيين لرويترز ”الأمر الجيد هو أن ميركل قالت لأول مرة شيئا محددا عما يدور بذهنها“.
مشاركة :