لبنان: تجميد العمل بمرسوم التجنيس يفتح الباب أمام الأخذ بالاعتراضات

  • 6/4/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

توقعت مصادر وزارية ونيابية لبنانية وقف السجال الإعلامي والسيــاسي حول مرسوم التجنيس الذي سمح بمنح الجنسية اللبنانية لمئات من الأشخاص، إفساحاً في المجــال أمام الذين يملكون معلومات تتعلق بالمستفيدين من صدور المـــرسوم ولا يستحقون الجنسية للتــــقدم بهـــا إلى المديرية العامة للأمـــــن العام في وزارة الداخلية للتثبت منها وليبنى على الشيء مقتضاه. وقالت المصادر النيابية والوزارية نفسها لـ «الحياة»، إن ما صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية يتجاوز مسألة إصدار المرسوم بالطرق القانونية وأيضاً صلاحيات رئيس الجمهورية ميشال عون في هذا الخصوص إلى تبديد الهواجس من أي نوع كانت لدى القوى السياسية التي اعترضت عليه، ولوحت بالطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة، لا سيما أن الشائعات كانت تكاثرت في شأن استحقاق بعض الأشخاص الجنسية اللبنانية التي منحت بموجبه. ولفت إلى أن مجرد صدور مثل هذا البيان عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية يعني أن الأشخاص المستفيدين من مفاعيله سيضطرون للانتظار ريثما تنتهي المديرية العامة للأمن العام من التأكد من المعلومات حول عدد من الأشخاص المشمولين بمنح الجنسية اللبنانية. وبكـــلام آخر، رأت المصادر عينها أن مجـــرد إحالة ملف المشمولين بالحصـــول على الجنسية اللبنانية يعنــي تلقائياً أن تنفيذ المرسوم سيجمد على الأقل في المدى المنظور، على رغم أن بعض هؤلاء سارع إلى التقدم من المديرية العامة للأحوال الشخصية بأوراقهم ومعاملاتهم الخاصة تمهيداً للحصول على إخراجات القيد. خلل إداري وأكدت المصادر أن الاعتراضات لا تتعلق بالصلاحية الممنوحة لرئيس الجمهورية في هذا الشأن، بل على أن هناك خللاً إدارياً كان يفترض تفاديه من خلال تكليف المديرية العامة للأمن العامة مهمة التقصي عن الأشخاص المشمولين بالمرسوم والتثبت من الأسباب الموجبة التي تستدعي منحهم الجنسية. وبالتالي سيصار إلى تعليق الإفادة من صدور المرسوم إلى حين انتهاء اللواء عباس إبراهيم من مهمة التدقيق في المعلومات الشخصية والسياسية الخاصة بأسماء الذين يفترض فيهم الإفادة من المرسوم. وسألت المصادر عن الأسباب الموجبة التي كانت وراء منح هؤلاء الأشخاص أو بعضهم الجنسية اللبنانية، وأيضاً المعايير والشروط التي يفترض أن تتوافر فيهم. وقالت إن ورود بعض الأسماء في المرسوم كان وراء تصاعد موجة الاعتراض، وتحديداً المحسوبين على النظام في سورية أو كانوا سابقاً في عداد فريقه المالي والاقتصادي. وأوضحت أن الجنسية اللبنانية تمنـــح عادة لأسباب اجتماعية وإنسانية أو لأخرى تتعلق بتأدية الممـــنوحين خدمات كبرى للبنان من المــــواقع التي كانوا يشغلونها سابقاً أو حاليــاً، بمن فيهم أولئك الذين يبدون استعدادهم للاستثمار في لبنان أو تنفــــيذ مشاريع يمكن أن ترفع من منسوب فرص العمل للبنانيين شرط التقـــصي عن مصادر ثرواتهم وأيضاً عن ملفاتهم الشخصية في البلدان اـلوافدين منها أو من بلدانهم الأصلية. مقاربة المسألة وأكدت أنها لا تؤيد الفكرة القائلة بأنه سبق للرئيس السابق ميشال سليمان أن أصدر مرسوماً قبل انتهاء ولايته الرئاسية قضى بمنح الجنسية لعدد من الأشخاص، فكيف يُمنع الرئيس الحالي من ممارسة حقه الدستوري في هذا الخصوص من خلال إصدار مرسوم مماثل؟ وقالت إنها ضد المقارنة في مقاربة هذه المسألة، من دون أن تعفي سليمان من مسؤوليته حيال الأخطاء الناجمة عن المرسوم الذي أصدره. واعتبــــــــرت أن المـــــوقـــف من المرسومين الحـــالي والسابق لا يمنع حق الرأي العـــام اللبناني أو القوى السياسية من أن تبدي ملاحظاتها، خصوصاً مع ما يتردد من أكثر من طرف سياسي من أن التدقيق قبل إصدار المرسوم كان ضرورياً وإلا لما تقررت إحالة كل هذه الملاحظات والاعتراضات على المديرية العامة للأمن العام التي هي صاحبة الاختصاص للنظر في طلبات الحصول على الجنسية اللبنانية. ومع أن المصادر الوزارية والنيابية تُجمع على أن لا خلفية لموقفها من مرسوم الجنسية على خلفية الخوف من أن يُحدث هذا المرسوم أي تغيير في البنية الديموغرافية (السكانية) أو السياسية في لبنان، بمقدار ما أنها تحرص على التثبت من القرائن التي تقدم بها الذين استفادوا من المرسوم. لذلك، فإن مرسوم الجنسية يخضع حالياً للتدقيق، وهذا من شأنه أن يدفع المعترضين عليه إلى التريث تمهيداً لأن يتقدموا بكل ما لديهم من ملاحظات وأسباب موجبة أملت عليهم الاعتراض على بعض الأسماء، وهم من المعروفين في عالم الاقتصاد والمال والنفط، إضافة إلى أن من بينهم بعض من يعمل حالياً في أكبر المصارف اللبنانية. «جُهّزً قبل الانتخابات» وعليه، فإن التدقيق في بعض الأسماء الواردة في المرسوم من شأنه أن لا يقــحم الحكومة العتيدة، التي تدور مشاورات لتأليفها، في مشكلة سياسية هي في غنى عنها، خصوصاً وأن معظم الجهات المعترضة تتداول حالياً في معلومات استحصلت عليها من مصادرها الخاصة، وفيها أن المرسوم كان جُهز قبل إجراء الانتخابات النيابية لكن تقرر تأجيل إصداره إلى ما بعد إنجاز هذا الاستحقاق لئلا يصار إلى استعماله كورقة سياسية في مجال التنافس الانتخابي. ويبقى السؤال هل يصار في ضوء التدقيق في الملفات الشخصية والسياسية والاقتصادية للمستفيدين من المرسوم إلى حذف بعض الأسماء استناداً إلى المعلومات التي سيتقدم بها كل من لديه اعتراض إلى المديرية العامة للأمن العام، ليثبت أنه كان على حق في الموقف الذي اتخذه، ولو أن بعض الذين قد يعاد نزع الجنسية منهم استحصلوا على إخراجات قيد لبنانية تؤهلهم حمل جواز سفر لبناني، خصوصاً أن أحداً من المعترضين لم يدخل في سجال حول صلاحيات رئيس الجمهورية في إصدار المرسوم، باعتبار أن لا غبار على صلاحياته. وبالطبع سيحمل الأسبوع الطالع بدءاً من اليوم توافد المعترضين إلى وزارة الداخلية للحصول على نسخة رسمية لمرسوم التجنيس تتضمن الأسماء الكاملة للمستفيدين منها، تمهيداً للبدء في التقصي عن بعضهم بالتلازم مع المهمة الموكلة إلى اللواء إبراهيم. فهــــل سيؤدي الاحتكام إلى مرجعية المديرية العامة للأمن العام للبتّ في هواجس المعترضين على المرسوم، إلى التفاهم على تسوية لتنقيته من الشوائب تبقي على بعض الأسماء الواردة فيه بعد تبيان أسباب الخلل التي اعترته، وبالتالي يؤخذ بنصيحة مرجع رسمي بارز بتجميده إلى حين صدوره في نسخة منقحة تحفظ لرئيس الجمهورية حقه في إصداره من دون أن يُحدث أي لغط، كما حصل في المرسوم في صيغته الأولى؟

مشاركة :