قبل يوم من ذكرى أهم احداث حياته، رحل الإذاعي المصري الكبير احمد سعيد مؤسس ومدير شبكة صوت العرب الاسبق عن عمر يناهز 92 عاماً بعد صراع مع المرض، الإذاعي الذي ذاع صيته في الوطن العربي هو من قام بإذاعة البيانات الكاذبة على اثير الراديو إبان نكسة 1967، فكان يعلن نتائج غير حقيقية على ارض الواقع بتفوق الجيش المصري واقترابه من الوصول إلى تل ابيب وفق مصادر عسكرية. درس احمد سعيد الحقوق بجامعة القاهرة ليبدأ فور تخرجه عمله بالإذاعة عبر برنامج «صوت العرب» الذي كان يذاع عبر اثير إذاعة القاهرة قبل ان يقرر الرئيس عبدالناصر اطلاق اذاعة صوت العرب لتخاطب العرب من المحيط للخليج حيث تولى إدارتها على مدار اكثر من 13 عاماً نجح خلالها في تحويلها لوجهة العرب المفضلة لدرجة أن الرئيس عبدالناصر تلقى تقارير اكثر من مرة تفيد بأن عددا ليس بالقليل من المستمعين العرب يصفون الراديو بـ «صندوق أحمد سعيد» بصوته المميز ومواقفه الوطنية. وامتلك سعيد مسيرة إعلامية كبيرة عرف خلالها بمقاومته للاحتلال الانكليزي ودعمه لثورة 1952 وحركات التحرر العربية، فكان اول من اذاع بيان الثورة الجزائرية على اثير موجات الراديو، وبسبب مرافقته للرئيس عبدالناصر في إحدى زياراته للندن اثير جدل كبير حوله بسبب تشجيعه للمقاومة ومواقفه السابقة التي اعتبرتها المملكة المتحدة بمنزلة التحريض على قتل الجنود الانكليز، كما انه صاحب برنامج «تسقط معاهدة 1936» وهو البرنامج الإذاعي الاول الذي احتجت عليه لندن رسمياً في الاذاعة المصرية. لعب أحمد سعيد بالميكروفون دوراً مهماً في رصد العمليات الفدائية التي يقوم بها الشباب في مدن القناة، كما ساهم في ادخال القالب الوطني للدراما الاذاعية فكانت صوت العرب من اوائل الاذاعات التي قدمت هذه الاعمال منها «في بيتنا رجل» فيما ارتبط بعلاقات جيدة مع الفنانين. استقال احمد سعيد من «صوت العرب» في سبتمبر 1967 بعد اسابيع من النكسة، فيما تحول إلى رمز لإذاعة الاخبار الكاذبة في وسائل الإعلام، وفضل الابتعاد عن المشهد الإعلامي مكتفياً بدور المراقب الذي لم يمنعه التوقف عن ممارسة المهنة من متابعة تطوراتها. في حواراته الصحافية المحدودة بعد سنوات من اعتزاله، يرفض سعيد تحميله مسؤولية إذاعة البيانات الخاطئة إبان النكسة، مؤكداً أن جهاز الاعلام تملكه الدولة والذي يعمل بهذا الجهاز لا يستطيع ان يخالف السياسة المرسومة للدولة وان العملية الاعلامية يحكمها الدستور والقانون. كان سعيد يرد على اتهامه بنشر البيانات الكاذبة بأن تحميله المسؤولية بمفرده ظلم لأنه كمذيع لم يكن في جبهة القتال وإنما يتلقى البيانات من القيادة العسكرية ولا يحق له أن يعدل او يناقش في هذه المعلومات الواردة في البيانات، ولكن دوره يقتصر على إذاعتها فحسب.
مشاركة :