سوسن دهنيم كثيراً ما يلجأ الشاعر إلى صوته الداخلي، يحرك مشاعره الأولى، وربما ذاكرته المرتبطة بطفولة عصية على النسيان أحياناً.في ديوانها الشعري الرابع «ربما هنا»، تلجأ الشاعرة الإماراتية خلود المعلا إلى كل تلك الذكريات وبعض أحلام الطفولة، تتصفح ماضيها كما تلون حاضرها. تستحضر طفولتها لتلقي بظلالها على «الآن»، علّه يغدو أجمل وأكثر نضارة.في نصوصها تحلم كما في طفولتها، التي قد تكون طفولة أيّ منا، بتجميع الوسائد وصناعة سلّم من أي شيء قد يرتفع ليوصلها إلى السماء. في المجموعة تتناقض أحاسيس الشاعرة المعلا، بينما تتشابه أمنياتها وتجتمع في نقطة واحدة: الحب! فهي تحب الحب، وتحب العالم من حولها، وتتمنى في أكثر من قصيدة لو أن بإمكانها أن تكون عوناً لمن حولها، إذ تحلم بعالم مليء بالصدق والمحبة، عالم لا مكان فيه لمتعب، أو محروم، أو متألم.في النصوص الأربعين من الديوان الشعري، الكثير من الجمل الشعرية الصادمة. وبرغم التباين بين ما بدأت به الشاعرة وما ختمت به من نصوص من حيث الطول، إلا أن هذه الصدمات تبدو واضحة في النصوص الأخيرة، إذ امتازت بكونها شذرات شعرية مكثفة اللغة، حادة الفكرة، وكأنها أرادت أن توصل مشاعرها باختصار بليغ، خصوصاً أنها كانت تتحدث عن ذات الشاعرة وما يعتريها من أحاسيس تجاه نفسها وجسدها وما حولها من أشياء.وبرغم كل الحب الذي تنادي به المعلا في ديوانها، إلا أنها تعيش وحدة وغربة وشعوراً بالخذلان والوجع، مشاعر ذكرتها بشكل مكرر، حتى باتت ثيمة أساسية في الديوان. تتحدث عمّن هجروها ومن خذلوها من أصدقاء وأحبة، عن قلبها الوحيد وروحها التي تهفو إلى الخلاص.وبرغم هذه المشاعر الملّحة، إلا أنها لاتزال تتشبث بالأمل، بالنور المتجسد شمساً ذكرتها ما يقارب تسع مرات خلال نصوصها فضلاً عن الوميض والنور والهالة وغيرها من الكلمات التي تقهر بها الظلام المتجسد في أي مشاعر سلبية.في المجموعة جو واحد من حيث المعنى، يحلم بأمنية واحدة وإن تعددت أوجهها: الخلاص بالحب. وفيه مستوى يكاد يكون ثابتاً من حيث اللغة التي استطاعت أن تؤسس للمعلا خطاً واضحاً يضعها في الصف الأول من كتاب قصيدة النثر في الإمارات، من حيث القبض على المعنى باقتدار وذروه في مشاعر القارئ ليتلبسه ويعيد تشكيله كما يشاء. sawsanon@gmail.com
مشاركة :