لا تزال تحذيرات المفكر الكبير فرج فودة تتردد وسط هذه الحالة التي تعيشها مصر في حربها ضد موجات الإرهاب والتطرف، ويسمع صداها القاصي والداني، ولا تزال مصر تدفع ثمن ما حذر منه الرجل غاليا، تحاربه بكل قوة ولا ينتهي، فلقد لاقت دراساته ومؤلفاته اهتماما كبيرا على المستوى التثقيفي للقارئ البسيط وأيضا على المستوى الأكاديمي، عمل بالسياسة، وناضل ضد الأفكار الظلامية للجماعات المتطرفة.فودة، والذي تحل ذكرى اغتياله اليوم الجمعة على يد الجماعة الإسلامية، حيث ولد بالقرب من مدينة دمياط في 20 أغسطس من العام 1945، التحق بكلية الزراعة وحصل على شهادة البكالريوس ثم الماجستير والدكتوراة، احترف الكتابة، واهتم بالقضايا الدينية والسياسية. وقف فرج فودة ضد التفسيرات البشرية للدين، وضد احتكار طائفة معينة لفهمه، واستغلاله لمصلحة شخصية، وتجسدت فيه روح المدنية المصرية ورقيها، فلقد نشأ بعد نكسة 1967 تياران فكريان، الأول يرى ضرورة التمسك بالتقدم العلمي العالمي والحضارة الحديثة للانتصار في الصراع الإسرائيلي، والثاني يرى أن أسباب الهزيمة تكمن في البعد عن تعاليم الدين وضرورة العودة للتمسك بتفسيراتهم المغرضة والمتطرفة، فعارض فودة التيارات الدينية والأصولية متسلحا بقيم العلم والحضارة الحديثة مما شكل ضده جبهة قوية وعنيفه تقف لمهاجمته.رحب فودة ببعض الأمور التي قام بها الرئيس الراحل أنور السادات مثل انتصاره في أكتوبر المجيد، وإبرام إتفاقية السلام كامب ديفد، والانفتاح الاقتصادي، وعودة الأحزاب النيابية من جديد، وعارض بشدة تحالف الأحزاب السياسية مع الجماعات الدينية.ألّف فرج فودة عددا من الكتب، حقق شهرة كبيرة، ونال قبولا لدى القراء والتنويريين، كما سبب صداعا للمتطرفين والغرهاب بنقد حججهم وأباطيلهم، ومما كتبه: "قبل السقوط" (1984)، و"الحقيقة الغائبة" (1984)، و"الملعوب" (1985)، و"الطائفية إلى أين؟" (1985) بالاشتراك مع يونان لبيب رزق وخليل عبد الكريم، و"حوار حول العلمانية" (1987)، كما كتب العديد من المقالات التي أثارات جدلا واسعة بعدد من الجرائد القومية بالإضافة للجرائد المستقلة والمعارضة، تحدث فيها عن مبادئ الدولة المدنية، وعن العلمانية والوحدة الوطنية وحقوق الإنسان.وفي 8 يونيو من عام 1992 تمكن شابان ينتميان إلى الجماعة الإسلامية، يستقلان دراجة بخارية من تسديد طلقات الرصاص تجاه فرج فودة أثناء نزوله من الجمعية المصرية للتنوير، وأصيب فودة غصابات بالغة مات على إثرها، تاركا ورائه مؤلفات عظيمة تعمل باستمرار على مواجهة الفكر المتطرف.
مشاركة :