بغداد - هدّد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان مجدّدا باجتياح عسكري لمناطق عراقية، بهدف مطاردة عناصر حزب العمّال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة إرهابيا، في تكرار للسيناريو الذي تنفّذه القوات التركية في شمال سوريا حيث تحتل أجزاء منها بدعوى التصدّي لفصائل كردية مسلّحة. وقال أردوغان “إذا تطلب الأمر سندخل إلى سنجار وقنديل”. وينطوي كلام أردوغان على تهديد بانتهاك سيادة العراق. وتطالب أطراف سياسية عراقية حكومة بغداد باتخاذ موقف حازم حيال التهديدات التركية، والانتهاكات الفعلية التي تتمثّل في وجود قوّة تركية في قاعدة بعشيقة شمالي الموصل، دون موافقة السلطات العراقية. غير أن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي تبدو في حالة ضعف شديد وغير قادرة على الردّ على الانتهاكات التركية سوى ببعض المواقف اللفظية، خصوصا مع انشغالها الكبير بما يجري من صراع على نتائج الانتخابات النيابية التي جرت مؤخّرا. ومن جهته أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الجمعة، أن القوات التركية توغلت بعمق 30 كيلومترا في شمال العراق، مشيرا إلى أنها قد تستهدف حزب العمال الكردستاني في منطقة جبال قنديل. بن علي يلدريم: الوجود العسكري طويل الأمد في العراق ضروري بالنسبة إلى تركيا بن علي يلدريم: الوجود العسكري طويل الأمد في العراق ضروري بالنسبة إلى تركيا وأكد يلدريم أن قوات بلاده المتواجدة حاليا داخل الأراضي العراقية ستواصل تقدمها دون تردد حتى تحييد هؤلاء العناصر، مضيفا أن كل الخيارات مطروحة. كما أعلن يلدريم أن الوجود العسكري طويل الأمد في العراق ضروري بالنسبة إلى تركيا، معتبرا أنه لا ينتهك السيادة العراقية إذ أن السيادة على حدّ تعبيره “أمر واحد والحياة والأمن شيئان مختلفان”. وذهبت تركيا في مارس الماضي حدّ الإعلان على لسان رئيسها عن بدء تنفيذ عمليات عسكرية لملاحقة عناصر حزب العمّال الكردستاني في قضاء سنجار بشمال العراق. وسارعت الخارجية العراقية حينها إلى استدعاء السفير التركي في بغداد للاستيضاح بشأن ما ورد على لسان أردوغان. ويذهب البعض إلى القول إنّ لدى تركيا ضوءا أخضر من إيران ذات التأثير في القرار العراقي بملاحقة المسلّحين الأكراد داخل الأراضي العراقية لما في ذلك من مصلحة مشتركة لأنقرة وطهران. ويلازم أكراد العراق شعور قوي بأنّهم باتوا متروكين لمصيرهم بالكامل حيال التهديدات التركية لهم داخل إقليمهم وخارجه، وذلك من خلال عدم مبالاة الدولة العراقية بالتهديدات التركية لأراضي كردستان، بينما تلمس تركيا وجود ضوء أخضر من حكومة بغداد للمضي بعيدا في ملاحقة الحزب داخل الأراضي العراقية. وتقول المصادر الكردية إنّ الموقف الحقيقي لحكومة بغداد هو إطلاق يد تركيا في أراضي الإقليم بناء على الوفاق الثلاثي العراقي الإيراني التركي بشأن ضرب الأكراد وتحجيم دورهم ومكانتهم بعد الاستفتاء الذي أجري على استقلال إقليم كردستان في شهر سبتمبر الماضي. وأظهرت تركيا خلال الفترة الماضية توجّها غير مسبوق نحو التصعيد ضدّ الأكراد خصومها التاريخيين، وبعد تحقيقها بعض التقدّم على حسابهم داخل الأراضي السورية بدأت تتجه بشهيّة مفتوحة إلى توسيع عملياتها لتشمل أراضي عراقية لم تكن القوات التركية تصل إليها من قبل، ومنها قضاء سنجار بشمال العراق حيث يتمركز مقاتلون من حزب العمّال الكردستاني. وتمثّل سياسة أردوغان العنيفة إزاء الأكراد جزءا من توجّهه الأيديولوجي الذي يمزج بين التشدّد الديني والقومي في نفس الوقت. ويلقى خطاب أردوغان المتشدّد حيال المسألة الكردية رواجا بين أنصاره. ولا ينفصل تهديده باجتياح أجزاء من شمال العراق عن الحملة الانتخابية التي يخوضها كمرشّح للانتخابات الرئاسية المبكّرة المقرّرة للرابع والعشرين من يونيو الجاري. وقال أردوغان في تجمع انتخابي في نوشهير وسط تركيا “سنذهب إلى أماكن تمركز جميع من يزعجون بلادنا”. وتعهد بضرب عناصر حزب العمّال في قنديل وسنجار وحتى في قضاء مخمور بالعراق إذا أقرت بغداد بعجزها عن إيجاد حل لذلك.
مشاركة :