في التدبر والتمعن بصيرة للمؤمن وإن على المؤمن أن يكون ذا بصيرة حتى يصل لمراتب اليقين، وإن الظاهر غير الباطن والباطن سر للظاهر دائمًا، فعلى سبيل المثال إن الإنسان باطن وظاهر لكنه ظاهر أمام الناس، نحن نراه ظاهرًا وعند موت الإنسان نقول اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرًا، ما نملك ولا نعرف إلا ما كان ظاهرًا لدينا وأن هذا الإنسان كان ظاهره حسن مؤمن لا نعلم غير ذلك، بطبيعة البشر والحياة التي يسير عليها البشر اليوم هناك فضولية فيهم، هناك من لا يعرفونه لكنهم يسمعون عنه، فإذا ما جاء خبر للسؤال عنه قالوا كذا وكذا في هذا الإنسان، من أين عرفتم عنه، من الأخبار وبعضهم يشير للثقاة، هذا ليس كلام هذا ليس يقين واليقين علم والعلم حقيقة والحقيقة وجدان موجود، وأما الذي يتقول البشر على بعضهم البعض هذا عبث وغيبة ونميمة وفتنة بعضه من بعض، أيها الإنسان لتدرك حقيقة الأمور بالحقيقة، المهم لدينا ظاهر وباطن والباطن أمر مجهول، لا يعلم به إلا الله. رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يشير إلينا كيف تكون صناعة الإنسان على بعدين الأول أن يعمر الحياة، الثاني أن تعمر به الحياة الهدف وحده، إنهما هدفان متلاقيان، والآخرة لا تصلح إلا بصلاح الإنسان في الدنيا والدنيا لا تصلح إلا بخلق الآخرة، الإسلام لا يريد آخرة ولا يعطي جنةً من غير دورٍ في هذه الحياة وإذا كان لإنسانٍ دور عبادي بالمعنى المصطلح فقط من صلاة وصوم وحج ودعاء فإنه دور ناقص لا يكسب جنة عالية، مطلوب من هذا الإنسان أن يترك بصمات الإيمان وبصمات العدل والتقوى على هذه الحياة، ويحّول من الحياة مدرسةً للأجيال القادمة تنطق بعدل الله، تنطق وبحكمته وبعلمه وبلطفه، فالدنيا والآخرة سبيلان منسجمان لا يكاد يكون هناك حكم من أحكام الشريعة يتراءى لنا انه يصلح الدنيا إلا وهو يصلح الآخرة، و لا حكم من أحكامها يتراءى لنا انه لصلاح الآخرة، إلا وهو يعالج مشكلات الدنيا، فالمسألة في الإسلام مسألة تكامل ومسألة تنسيق، ومسألة انسجام وتناغم بين ما هي السعادة في الدنيا وبين ما هي السعادة في الآخرة، وأخطأ في فهم الإسلام من فهم أن تتوفر سعادة في الدنيا وخاصة على المستوى الاجتماعي بعيدة عن خط السعادة في الآخرة. هنالك نظرة واقعية يقينية حقيقية في الحياة، من أجل هذه النظرة خلقنا ووجدنا في الدنيا، نحن كائنات ينبغي لنا العيش وبث العيش، يعني أنت تعيش بسلام فأجعل أخاك الإنسان يعش بسلام، وأن يعيش أخاك المسلم والمؤمن بسلام أن لا تتعدى على حقوقه وشرعية حياة، أنا أؤكد هذا المعنى في جميع محاضراتي وأقول أتركوا الغيبة، أتركوا الفتن، لا تتكلموا على الناس لأنكم لا تعرفون ذواتهم أنتم تعرفونهم ظاهرًا، ولعل الله يفضلهم عليكم وأنتم لا تعلمون فلماذا هذا الحقد على الناس والبغض من دون سبب. المعرفة الإنسانية تؤهلنا لمعرفة الله ومن عرف الله لم يعرف غير الله ومعرفة الله تعطي الإنسان معرفة بالحياة، ما إن تكون لك هذه المعرفة في الحياة فإنك ستجد كل حركاتك السابقة ناقضة وكل ظنك بالناس ناقص، فأحسن معشرك وأخلص لله وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
مشاركة :