أياً كان رأي المعارضين يظل برنامج لقيمات لعبد المجيد الكناني, ظاهرة صحية, إذا علمنا أن الإبداع لا بد أن يوازيه خط نقدي, والخط النقدي ليس بالضرورة أن يكون أكاديميا, يمكن أن يكون بطرائق شتى, كأن يكون ساخرا مثلما يفعله الكناني في برنامجه. نقر ونؤكد أن الصحف الفنية غيبت دور النقد ـ أتوقع عن عمد ـ لأسباب عدة, ليس المجال لذكرها حتى لا نقع في (النوايا), سوى من لمحات نقدية صريحة وعميقة للزملاء/ رجا المطيري، وعبد الرحمن الناصر وطارق الحربي فهم أكثر حضورا في المتابعة النقدية وأكثر دراية بدهاليز الإنتاج والمنتجين، وأكثر من تناول الأعمال الدرامية المحلية نقدا عن قرب شديد. أتذكر زمان أيام فورة الأدب والشعر والقصة القصيرة والرواية والحداثة كان هناك خط نقدي يوازي الإبداع الأدبي وكان خطا نقديا جادا, الأمر الذي لا يجرؤ أحد من أنصاف الأدباء أن يدخل المجال دون أن يكون متسلحا باللغة والثقافة والموهبة, وإلا أوقفته مقالات نقدية جادة, لكوكبة من النقاد الذي درسوا المنهج النقدي في جامعات غربية عريقة وبعضهم مكتبة تسير على الأرض, أمثال: عبد الله الغذامي, سعد البازعي, سعيد السريحي, معجب الزهراني, محمد العباس, حسين بافقيه, عالي القرشي ...إلخ. كانت الصحف ومن بينها: الرياض، الجزيرة، وعكاظ، تفرد مقالات نقدية مطولة للإنتاج الأدبي بمختلف أجناسه, وكان المبدعون يتقبلون هذا النقد بصدر رحب, وكان القارئ يستمتع بالمقالة النقدية كما يستمتع بقصيدة لمحمد الثبيتي أو لمحمد العلي. المجال الغنائي ومجال الشعر الشعبي والفنون التشكيلية والمسرح، كانت تتضمن إنتاجا فنيا، وخطا نقديا موازي, والخط النقدي برز فيه أسماء لا يتسع المجال لذكرهم, ولكن الخط النقدي كان واضحا ومصححا لكثير من المبدعين, حيث أسهم في توعية المتلقين وفي تطوير المبدع والمجال ككل. المجال الدرامي رغم حيوته وشعبيته لا يوجد به خط نقدي يعدل المسارات الخطأ ويعيدها لجادة الصواب, باستثناء إضاءات هنا وهناك, وأرجع هذا الغياب إلى هيمنة (المنتج) و(النجم ) حيث بات البعض ( أيقونة ) غير قابلة للنقد في عرف المناصرين لهم, إضافة إلى أن أي عملية نقدية كفيلة بأن تخرج المنتج من السوق وأن تسقط تاج النجم, فيه قطع أرزاق وتهشيم فلاشات. لذلك المجال الدرامي الوحيد الذي كثرت فيه تزوير المشاهدات والمتابعين والحملات الإعلامية المناصرة للعمل الفني أو للنجم والتي تسعى إلى توجيه الرأي العام لصالح الجهة المستفيدة, وهو الذي يتلقى فيه الناقد الفني ألف مكالمة من النجم في حال أصابته جرعة نقدية لا يريدها, أو يتلقى الناقد نقدا مضادا جارحا أو ساخرا. الدراما المحلية لن ينصلح حالها إلا بخطوط نقدية جادة متنوعة, قبل أن نعلق شماعة ارتباكها على النص.
مشاركة :