كوباني تلملم جروحها بعد طرد «داعش» وتأمل بالاستقرار

  • 6/14/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ينهمك أدهم عليكي بإزالة أوراق يابسة وري زهور تزين ضريح ابنه في مقبرة على مدخل مدينة كوباني (شمال سورية)، مكان أمسى مصدر راحته الوحيد بعدما أنهى لغم زرعه الإرهابيون حياة فلذة كبده قبل سنوات. عند الوصول إلى مدخل كوباني في ريف حلب الشمالي، سرعان ما يلفت الأنظار نصب تذكاري هرمي الشكل، يرتفع قربه علمان لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية بينما تنتشر حوله عشرات القبور، حيث دفن مقاتلون ومدنيون سقطوا خلال المعارك ضد تنظيم «داعش» خلال السنوات الماضية. في العام 2015، فقد أدهم (54 عاماً) ابنه، ولم يكن تجاوز 12 عاماً بعد، إثر انتهاء أولى أبرز المعارك التي خاضتها «وحدات حماية الشعب» ضد «داعش»، والتي ذاع صيت مدينة كوباني على أثرها. ومنذ ذلك الحين، يتردد أدهم يومياً إلى المقبرة. وقال: «أتي إلى هنا يومياً وأهتم بحديقة المقبرة... باتت أكثر من بيتي، أشعر بالراحة قرب قبر ابني». وشارك الوالد المفجوع إلى جانب «الوحدات» في معركة كوباني التي استمرت طيلة أربعة أشهر وانتهت بطرد «داعش» منها في كانون الثاني (يناير) 2015. ويقول: إن «آثار شظايا أصيب بها لا تزال واضحة على جسده». على الشواهد الرخامية المتراصة والمترامية داخل المقبرة، تتكرر كلمة «شهيد» محفورة إلى جانب أسماء المسلحين الأكراد مع ألقابهم، بالإضافة إلى مكان وتاريخ الولادة والمعركة التي قتلوا فيها. وتتنوع بين كوباني ومنبج والرقة وسواها من المدن حيث تصدت الوحدات الكردية للتنظيم. وعُلّقت على بعض الأضرحة صور القتلى أو حتى رُسمت وجوههم، ورفعت فوق بعضها الآخر أعلام «الوحدات». جال أدهم بناظريه بين عشرات القبور المزينة بالورود. وقال بغصة: «هنا دفنت كثيرين من أصدقائي المقاتلين». وأضاف بنبرة حاسمة: «تعبنا من الحرب ويجب أن يعم السلام ويتم القضاء على داعش في شكل نهائي لنشعر أننا حاربنا لأجل الأمان والاستقرار وحصلنا عليهما». قبل نحو ست سنوات، تأسست هذه المقبرة إلا أن حجمها ازداد في شكل لافت منذ بدأ المقاتلون الأكراد التصدي لـ»داعش» على جبهات عدة في شمال سورية وشمال شرقها. وقال عارف بالي المسؤول عن مؤسسة محلية تتولى رعاية عائلات المقاتلين: «بلغ عدد الشهداء في المقبرة 1230 شهيداً» قتلوا في معارك «كوباني ومنبج والرقة وسد تشرين» ومناطق أخرى. وينهمك عمال في إنشاء قبة كبيرة ستكون بمثابة نصب جديد تعلق عليه صور القتلى، وفوقه ترتفع نجمة حمراء كبيرة مشابهة لتلك التي تزين علم الوحدات الكردية. ومع سقوط كل مقاتل في المعارك، تُنظم جنازة عسكرية في المقبرة حيث يتجمع زملاؤه بثيابهم العسكرية وأقرباؤه ويرددون معاً هتاف «الشهيد لا يموت». في إحدى نواحي المقبرة، تلهو ليلى التي لم تتجاوز العام ونصف العام قرب جدها وعمتها اللذين أحضراها لزيارة قبر والدها الذي قتل العام الماضي جراء انفجار لغم خلال معركة مدينة الرقة، أبرز معاقل «داعش» في سورية سابقاً. مسح جدها محي الدين حمي (60 عاماً) دموعه وقال: «ألمنا برحيل أولادنا كبير جداً، قدمنا أرواحهم في سبيل هذا الوطن لتحريره». وزاد الوالد، الذي يقاتل اثنين من أبنائه حالياً في صفوف الوحدات الكردية: «سنلاحق داعش حتى لا يبقى واحد منهم في أرض الكرد... سنلاحقهم حتى نهايتهم... هذه الدماء لم تذهب سدى، كلها لأجل الأمان والاستقرار». في مكان قريب، يتجمع حمد أيبش (56 عاماً) مع عائلته حول قبر شقيقه الذي قتل في معركة كوباني. ويتذكر كيف قاتلا معاً لطرد التنظيم موضحاً «كنا نتولى حماية الخط الجنوبي للجبهة جنباً إلى جنب. دائماً ما كنا نتعرض لهجمات ونسمع أصواتهم يقولون: يا كفار نحن قادمون إليكم». وخلال هجوم استمر ثلاثة أيام على نقطتهم، قتل شقيق حمد مع 12 من رفاقه. إلى جانب شقيقه، خسر حمد أولاد عمه، شاب وصبية، حملا السلاح في معركة كوباني أيضاً. ويقول «قدمنا الكثير من الشهداء، كل عائلة قدمت شهيدين أم ثلاثة. رأسنا مرفوع بشهدائنا. أنا سعيد بانتهاء داعش». شارك المقال

مشاركة :