للعيد الثالث على التوالي، تستقبل أكثر من 13 ألف عائلة خليجية العيد بشعور يمزج بين الفرح والحزن، جراء استمرار دول الحصار في انتهاك حقها في لمّ الشمل الأسري، وزيارة أقاربها وفلذات أكبادها التي حُرمت منها، لا لشيء سوى لأن أحد أفراد أو أقارب تلك الأسر يحمل الجنسية القطرية.بعيداً عن أجواء الفرحة التي تعمّ قطر بعيد الفطر المبارك، تعاني عائلات قطرية وسعودية وإماراتية وبحرينية في صمت بعيداً عن الأضواء، وتعود أجواء الحزن لتخيّم على وجوه الأطفال والكبار، وهي تجر خيبتها ويغمرها الحزن مع كل عيد يحل، ولسان حالها يردد: «عيد بأي حال عدت يا عيد؟!». بعد عام من حصار قطر، لا تزال الآلاف من الأسر والعائلات المختلطة أو المشتركة -بموجب قرارات سياسية جائرة- محرومة من رؤية أبنائها؛ مما تسبب في أضرار نفسية ومعنوية لحقت بتلك الأسر والعائلات جراء الحصار، لا يمكن جبرها أو تعويضها مهما دفعت دول الحصار من تعويضات لتلك الأسر! ويبرز الأطفال والأمهات في مقدمة المتضررين من إجراءات الحصار، مع تواجد الكثير من القطريات المتزوجات من خليجيين، والقطريون المتزوجون من خليجيات، أُجبروا على العودة لبلدانهم، وترك عائلاتهم من أزواج وزوجات وأبناء. وفقاً لإحصائيات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بشأن الأسر المختلطة التي تقيم في قطر وحدها، تشير إلى أن 556 سعودياً متزوجاً من قطرية، و401 بحريني متزوج من قطرية، و380 إماراتياً متزوجاً من قطرية. إلى جانب 3138 سعودية متزوجة من قطري، و944 بحرينية متزوجة من قطري، و1055 إماراتية متزوجة من مواطن. هذه الأرقام الضخمة تخفي في ثناياها قصصاً لمعاناة أسراً كاملة، لا تزال تستغيث بالمنظمات الحقوقية الدولية لإنصافها وردع دول الحصار التي تتماطل في التجاوب مع النداءات الإنسانية الملحّة بضرورة وقف الحصار، والسماح لتلك العائلات باستعادة حقها في لمّ شملها الأسري. وفي ظل إجراءات دول الحصار القاسية، وجدت العائلات القطرية والسعودية والإماراتية والبحرينية، بل وحتى المصرية، ملاذاً لها في دول الكويت وتركيا والأردن وعواصم أوروبية، حيث تحولت تلك الدول إلى ملاذ آمن وملتقى يجمع الأسر المشتّتة نهاية كل أسبوع أو خلال الإجازات الموسمية. وعلى رغم تمسّك القطريين بقضاء إجازة العيد في حضن الوطن، فإن معاناة الأسر القطرية المختلطة دفعتها إلى انتظار إجازة العيد بفارغ الصبر للقاء أقاربها وأبنائها الذين حُرموا من العيش معهم تحت سقف واحد، فبات السفر إلى الكويت أو تركيا أو لندن وعواصم أخرى متنفساً لتلك العائلات للمّ الشمل، وقضاء العيد في جو أسري، ولو بعيداً عن حضن الدوحة التي كانت تجمعهم. 800 أسرة ممنوعة من رؤية الأبناء تشير إحصائيات لمركز «وفاق»، إلى أنه استقبل منذ بداية الأزمة -حتى الربع الأول من عام 2018- أكثر من 800 حالة، أكثر من نصفهم يعانون من إشكاليات تتعلق بعدم رؤية الأبناء، وتتعلق بحرمانهم من زيارة أبنائهم منذ بداية الحصار، جراء الإجراءات التعسفية المتبعة ضد القطريين في السعودية والإمارات والبحرين؛ الأمر الذي دفع مسؤولي «وفاق» إلى البحث عن حلول بديلة تمكّن تلك الأسر من محاولة التواصل ورؤية بعضهم البعض، وذلك من خلال التواصل معهم، وطمأنتهم بأن قطر ترحّب بهم؛ ما شجّع الكثير من تلك العائلات على زيارة قطر، أو الاستقرار بها لاحقاً؛ ما ساهم في لمّ شملهم الأسري. متضررون يستغيثون بمركز «أمان» يستقبل مركز الاتصال والخط الساخن لمركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان) عشرات الاتصالات اليومية عبر الخط الساخن (919) من أسر قطرية وخليجية، وجدت لدى المركز ملاذاً للتنفيس عن ضغوطات نفسية يعانون منها منذ أكثر من عام كامل، جراء حرمانهم من لمّ الشمل الأسري. ووفر مركز أمان كوادر مؤهلة للتعامل مع البلاغات الواردة، والمساندة، واستقبال شكاوى من حالات العنف الأسري الواقعة على الفئات المستهدفة من النساء والأطفال. وتتدفق على المركز عشرات بل مئات المكالمات خلال اليوم الواحد أحياناً، بين طلبات حماية أو استشارات أو إرشاد وتوجيه. جهود قطرية لتعويض المتضررين أمام تجاهل دول الحصار للنداءات الدولية، وإلى أن تُتوّج جهود اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وباقي الجهات القطرية بتعويض ضحايا الحصار، تتحرك العديد من المؤسسات الاجتماعية داخل دولة قطر لمحاولة التخفيف من معاناة تلك الأسر، وتوفير ما أمكن من تعويض مادي لتلك الأسر، وعلاج نفسي للحالات الإنسانية التي تعرضت وما تزال لصدمات قوية جراء إجراءات الحصار. وتشير إحصائية للمؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي إلى أن أعداد الذين استفادوا من دعمها من المتضررين جراء الحصار من مواطني الحصار من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بلغ أكثر من 1500 مستفيد خلال الربع الأول من عام 2018، حيث بلغ عدد المستفيدين من شهر يونيو 2017 إلى أغسطس 2017، 774 مستفيداً، بينما وصل العدد من شهر يونيو 2017 إلى شهر ديسمبر 2017 إلى 1036 مستفيداً؛ مما يعكس زيادة عدد المستفيدين والمتضررين من مواطني دول الحصار. وتشير المؤسسة إلى أن المستفيدين استفادوا من خدمات في المجال الاجتماعي، أهمها الخدمات الأسرية والتأهيلية والاستشارية القانونية والنفسية، وذلك عبر المراكز المنضوية تحت مظلة المؤسسة، وهي مركز الاستشارات العائلية (وفاق)، ومركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان)، ومركز الإنماء الاجتماعي (نماء)، ومركز الشفلح للأشخاص ذوي الإعاقة، ومركز رعاية الأيتام (دريمة)، ومركز تمكين ورعاية كبار السن (إحسان)، ومبادرة «بست باديز قطر». تمييز عنصري معاناة الآلاف من الأسر الخليجية لا تقل قسوة في إجراءاتها التمييزية والعنصرية عما تقترفه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تحرم الفلسطينيين في غزة من زيارة أقاربهم وذويهم في الضفة الغربية. وستعيد ذكريات من معاناة الأسر الألمانية قبل انهيار جدار برلين التاريخي. الأمر الذي جعل كثيراً من الحقوقيين يجزمون أن إجراءات دول الحصار في حق الأسر الخليجية التي تشتّتت ترقى بها إلى أحد أسوء حالات الانتهاكات التي شهدها التاريخ المعاصر.;
مشاركة :