«العرب» تفتح ملف تقاليد حفلات الزاوج بالمجتمع بين الماضي والحاضر

  • 6/18/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتنوع الاحتفالات بعيد الفطر المبارك من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، ولكن قد يكون التشابه الذي عليه الإجماع هو أن هذه الفترات تتزامن مع موسم حفلات الأعراس. وبالطبع، تختلف المجتمعات العربية في مظاهر احتفالاتها بالعرس وتجهيز العروس وشراء المستلزمات، بل لا يكاد يخلو المجتمع الواحد من الاختلافات في تجهيزات الأعراس والمهور والهدايا. وفي مجتمعنا، تتنوع الاختلافات، وتحرص العائلات على التميّز والاختلاف في هذه الليلة باعتبارها ليلة العمر، سواء في التكاليف أو التجهيزات والطابع العام للعرس. ولكن في الوقت نفسه، يحرص مجتمعنا بالعادة على ربط الماضي بالحاضر، وخلق جو تراثي قديم ضمن أجواء العرس؛ حفاظاً على عاداته وتقاليده. ومن المتعارف عليه أن أكثر ملامح تراثنا قديماً تظهر في ليلة الحناء.ونظراً لتلك الاختلافات التي طرأت على نظام الأعراس في قطر حديثاً، استطلعت «العرب» آراء مجموعة من المواطنات والمتخصصين في مجال الأعراس وتجهيزاتها، لإلقاء الضوء على هذه الاختلافات ما بين الماضي والحاضر، حيث أكدوا أن حفلات الأعراس في الماضي تختلف عن الحاضر. وأشاروا إلى أن التمسك بالعادات والتقاليد ما زال موجوداً حتى مع التطور في عملية التجهيز للأعراس أو الاحتفال بليلة الحناء. كما اعتبروا أن زواج الأقارب كان الأكثر شيوعاً في الماضي، واختلف الوضع حالياً. مشيرين إلى أن المغالاة والبذخ في الصرف يُعتبر أبرز ما يسيطر على أعراس اليوم. وشددوا على أن قائمة الطعام القطرية يجب أن تكون حاضرة في هذا اليوم، وذلك بسبب العادات والتقاليد. وقالوا: «القاعة التي تُختار من أجل إقامة الحفل يجب أن تكون من اختيار العروس وعلى ذوقها». أم عبدالله: المغالاة والبذخ أبرز ما يسيطر على أعراس اليوم أكدت السيدة أم عبدالله، أن ليلة الحناء تشهد الكثير من الطقوس التي اندثرت بعضها حالياً، حيث تُدعى النساء من الأسرتين والأقارب والجيران لحضور الحناء، والتي تبدأ طقوسها بتغطية العروس بملابس خضراء تستر كامل جسدها ما عدا الكفين والقدمين للنقش عليها بالحناء. وتابعت: «تشارك أيضاً الفتيات العروس، فينقشن أيديهن وأرجلهن بالحناء، وتقوم مجموعة من المغنيات الشعبيات بترديد الأغاني التراثية القديمة الخاصة بالأعراس، بالإضافة إلى قيامهن ببعض الرقصات الشعبية وضرب الدفوف وإطلاق الزغاريد». ولفتت إلى أنه منذ أن تعلم العروس بموعد زفافها، لا تخرج من منزلها، وتقضي كل هذه الفترة فقط في إنهاء التجهيزات والترتيبات لهذا اليوم، حيث لم تكن فترة الخطوبة طويلة، فقط أسبوع أو أسبوعان، ويكون كتب الكتاب فقط بحضور الرجال دون النساء، وينتهي بوليمة للرجال الحاضرين. وأشارت إلى أن التكاليف قديماً كانت بسيطة، ولم يكن هناك كل هذا البذخ والمغالاة الموجودة حالياً، حيث كان مهر العروس قليلاً، ولم تكن هذه البساطة مؤشراً على قيمة العروس أو لا وسط أهل المعرس، بل كانت دليلاً على التكافل وأهمية الزواج. وأضافت: «أما الأن، فأصبحت الفتاة تقيم عرسها في قاعات بمبالغ ضخمة جداً، إضافة إلى المهر الذي وصل إلى مبالغ كبيرة جداً؛ مما جعل ترتيبات الزواج عبئاً على الطرفين». آدم عفارة: نواجه مشاكل في اختلاف الأذواق ما بين الجيل القديم قال السيد آدم عفارة مصمم حفلات عالمي: «دائماً نواجه مشاكل من نوع اختلاف الأذواق ما بين الجيل القديم والجيل الجديد بين الأهل والعروس والعريس، باعتبار كل منهم ينتمي لجيل مختلف ولديه تصورات مختلفة لطابع العرس المفروض إظهاره». وأشار إلى أنهم غالباً ما تواجههم مشاكل في الوقت، خاصة في موسم العيد، موضحاً أنه دائماً ما يحصل تضارب في مواعيد الأعراس وأن بعض شركات التجهيزات لا تلتزم بمواعيد إخلاء القاعات لتعطي فرصة للتجهيز لعرس آخر في اليوم التالي. ولفت إلى أن جميع العائلات يحبون أن يظهروا بطريقة مميزة ومختلفة، وأكد أنه من المهم التأكد من توافر الحجوزات في القاعات قبل كل شيء، وذلك بسبب كثرة المناسبات والفعاليات في الفترة الأخيرة بالدوحة. وذكر أنهم دائماً يعملون على توفير كل ما قد يحتاجه العرس القطري على مستوى راقٍ وفخم. القاعة المختارة تُجهّز وفقاً لذوق العروس قالت إحدى مسؤولات تجهيزات الأعراس بأحد الفنادق: «تحرص العائلات القطرية عند اختيار قاعة العرس على أن يكون الفندق في مكان معروف ويستطيع أن يصل إليه الحضور، فضلاً عن فخامة المكان وجودة الخدمة». وأوضحت أنهم جميعاً يحرصون على أن تكون قوائم الطعام في الأعراس شاملة وترضي كل الأذواق، مشيرةً إلى أن ذلك يعبر بشكل كبير عن إكرام الضيف في عادات العرب. وأشارت إلى أن القاعة المختارة يتم تجهيزها وفقاً لما تحبه العروس ويتناسق مع الألوان التي تريدها، مضيفةً أن الورود التي تغطي ديكورات القاعة تعد هي الأساس والأكثر انتشاراً. وتابعت قائلة: «الورود تعبر دائماً عن الفخامة والرقي، لذلك فإن غالبية العرائس تختار الكوشة مغطاة بالورود مع ديكورات فخمة والبعض يختار ديكورات تراثية قديمة لاستحضار العادات القطرية القديمة». وأضافت أنه غالباً ما يختلف نظام الضيافة في القاعة من خلال توزيع بعض المأكولات الخفيفة والمشروبات وتوزيعات الهدايا التي تكون مجهزة من قبل أصحاب العرس. وأكدت أن التكاليف تختلف من حيث المفضلات لدى كل عروس وحسب اختياراتها وطلباتها في التحضيرات والديكورات. عائشة التميمي: قائمة الطعام يجب أن تتضمن المأكولات القطرية قالت الشيف عائشة التميمي: «أصبحت الأعراس في قطر الآن تحمل الطابع الغربي أكثر من كونها تعبّر عن ثقافة المجتمع القطري، ولم يعد هناك شيء مميّز بالشكل الملحوظ ما بين الأعراس الخليجية والقطرية». وأوضحت التميمي أنه حتى في نوعية الطعام المقدم وطريقة الضيافة والملابس، أصبحت مختلفة كثيراً عن الماضي. وأشارت التميمي إلى أن قائمة الطعام في العرس يجب أن يُقدّم بها المأكولات القطرية، بالإضافة إلى قائمة الطعام الخاصة بالفندق المقام به العرس. لافتة إلى أنه في الفترة الأخيرة، أصبح هناك مبالغة كبيرة في كمية الأكل المقدم، سواء في البوفيه الرئيسي أو في الضيافة على طاولات الحضور. وقالت: «من وجهة نظري، أنا أرى أن العرس للمة والفرحة وتبادل التهاني وليس للأكل». كما تحدثت عن مظاهر الاحتفال بليلة الحناء القطرية. مؤكدة أن ليلة الحناء تحمل الطابع المحلي بكل تفاصيلها. وأضافت أن العروس في ليلة الحناء ترتدي زياً قطرياً باللون الأخضر للاستعداد لوضع الحناء، وجميع المأكولات المقدمة للحضور في هذه الليلة تكون من المطبخ الشعبي القطري، وكذلك الضيافة تكون شعبية وتعبّر عن العادات القطرية الأصيلة. وذكرت أن جميع الحاضرات تأتين مرتديات زياً شعبياً والجلابيات القطرية. موزا البدر: بكاء العروس يوم زفافها كان ضمن طقوس الماضي قالت السيدة موزا البدر راوية عن التراث القطري، إن العرس قديماً كان يُقام على مدار أسبوع كامل، حيث يتجمع الأقارب والجيران من أهل الفريج لمشاركة العروس في التجهيزات وفرحة العرس. حيث يبدأ العرس بكتب الكتاب، ثم الدزة، ثم ليلة الحناء، ثم يوم العرس. مضيفة أن ذهاب العروس من بيت الأب إلى بيت الزوج لا بد أن تبكي فيه؛ حتى لا يكون عيباً عليها، خاصة أنها تاركة بيت الأب. وكان بكاء العروس قديماً دليلاً ومؤشراً على خجل العروس. ولفتت إلى أنه قديماً كان من الضروري أن يُقام العرس والحناء في بيت العروس، ولا تخرج من بيتها إلا على بيت زوجها أو ما يُعرف بـ «الخلة»، وكانت عبارة عن حجرة معدّة للزواج، والتي أعدتها الزوجة في بيت أهل الزوج في حال بقائهم في البيت نفسه. لافتة إلى أن إعداد الخلة يكون في بيت المعرس. وكان من المتعارف عليه أن يقضي الزوج مدة أسبوع أو 8 أيام قبل الانتقال إلى بيته الزوجي إن وُجد، أو يستكملان العيش في «الخلة». وكان من الضروري تزيين هذه الغرفة بشكل يضفي البهجة على العروسين، وكانت الأم تهتم بتزيين ابنتها العروس بتعطيرها بالعطور والمشموم (نبات الريحان) ودهن العود والبخور، كما تقوم «العجافة» وهي سيدة يُستعان بها لتزيين العروس لمدة أسبوع كامل لتجهيزها للعرس. ولفتت إلى أن هناك عادة يقوم بها العريس قديماً أيضاً، وهي تقديم هدية إلى زوجته في صباح أول يوم بعد الزواج؛ نوعاً من التقدير لها والتعبير عن الحب. ولا يزال البعض يحافظ على هذه العادة. كما يقوم أهل العروس بعمل وليمة في بيت والدها، يحضرها الجيران والأقارب، وتقوم أم العروس بتوزيع بعض الهدايا على الحضور. للدزة مراسم جميلة اندثرت حالياً.. لولوة النعيمي: زواج الأقارب كان الأكثر شيوعاً قديماً قالت الأستاذة لولوة النعيمي -باحثة في التراث القطري- إن عادات الأعراس حديثاً تختلف بشكل كبير عما كانت عليه في السابق، حيث كانت الفتاة قديماً تقوم بترتيبات الزواج بشكل أيسر وأبسط عما هو عليه الآن، وقد كان العريس يقوم بكل تجهيزات العرس لتخفيف الأعباء عن العروس، وكانت الفتيات عادة تُخطب لابن العم أو ابن الخالة؛ أي لأحد من الأقارب. وأضافت: «كان العريس يُهدي العروس ما يُعرف بـ (الدزّة)، وهي عبارة عن صرة كبيرة تحتوي على ملابس للعروس وجهازها، إلى جانب صرة صغير تحتوي على مبلغ مناسب من الريالات أو الروبيات، بالإضافة إلى كل ما تحتاجه العروس من عطور، وبخور، وذهب». وتابعت: «للدزة مراسم جميلة اندثرت حالياً. ومن بينها، دعوة والدة العريس جميع قريباتها ومعارفها إلى منزلها قبل صلاة العشاء، وقد أُحضرت الدزة التي تُحمل إلى منزل العروس في موكب يحمل من يسير فيه المصابيح المنيرة ويمشي بالتهليل والصيحات والزغاريد، وما إن يصل الموكب إلى بيت الخطيبة ويدخله حتى يجد النساء في استقبالهن جمعاً كبيراً من نساء أهل العروس ليشاركن في هذه المناسبة، فيفتحن الدزة والصرة ويتجاذبن الملابس ويدققن فيها، فمنهن من تمدح ومنهن من تنتقد، وتقدّم والدة العروس الشراب والقهوة وباقي أصناف المأكولات للحضور من أهل الفريج. وأضافت النعيمي أن من ضمن العادات المتعارف عليها سابقاً ما يُعرف بــ «العنية»، وهو قيام الجيران والأقارب بمساعدة العريس في تجهيزات العرس، من خلال تقديم مبالغ مالية له كل حسب قدرته المادية، وكذلك تقديم الولائم له يوم عرسه، بالإضافة إلى تموين المنزل من طعام وشراب يكفي بيت العرس لمدة مناسبة. مؤكدة أن مثل هذه العادات كان لها دور كبير في تطبيق التكافل الاجتماعي بين الناس؛ مما كان له دور في توثيق العلاقات المجتمعية بشكل طيب. حذّرت من السهر.. نورا استايل: جمال العروس يظهر عندما تكون على طبيعتها بزينة خفيفة قالت خبيرة التجميل نورا استايل، أم بدر: «تحضيرات العروس الشخصية تختلف حسب ذوقها الشخصي وعاداتها، فبعضهن يفضلن الظهور الناعم البسيط، بينما تفضل أخريات المظهر القوي الملفت، وتختلف الأذواق في الماكياج والدارج خلال الفترة الأخيرة، هو الذوق الناعم والهادئ البسيط». وأضافت أم بدر أن جدول العروس دائماً ما يكون مشغولاً ويجب أن تتبع جدولاً خاصاً للعناية بنفسها قبل موعد العرس لتظهر بمظهر حيوي وبشرة جميلة ونضرة. وأكدت أن العروس يجب أن تحرص كل الحرص على شرب كمية كبيرة من الماء والنوم مبكراً لمنع شحوب الوجه والتجاعيد. وأشارت إلى أن خبيرات الماكياج دائماً ما يحذرن العرائس من السهر وينصحونهن بالاهتمام ببشرتهن. وأوضحت أم بدر أن العروس في يوم عرسها تكون لافتة لأنظار جميع الحضور، لذلك يجب ألا تتكلف بالفستان والمكياج والذهب، مؤكدةً أن جمال العروس يظهر عندما تكون على طبيعتها بزينة خفيفة وشكل مرتب وراقٍ بنفس الوقت. بخصوص المكياج أكدت أم بدر أنها تفضل أن تكون الألوان ناعمة وهادئة من درجات البيج والدرجات وألوان تنساب بشرتها وملامحها، مضيفةً أن ألوان الكوشة ومسكة الورد، يجب أن تتناسق مع المظهر العام للعروس وألوان الماكياج. أما عن تسريحة الشعر فقد أشارت أم بدر إلى أنه من الأفضل أن تكون بسيطة وغير مبالغ فيها، إما أن يكون منسدلاً على الظهر أو تسريحة مرفوعة تبرز ملامح العروس وتناسبها. أما بخصوص التكاليف للأعراس، فقد لفتت أم بدر إلى أن هناك الغالي وهناك المناسب الذي يكون في متناول الجميع، ويرجع ذلك لمقدرة أصحاب العرس وظروفهم المادية، مؤكدةً أنه من الأفضل ألا يتكلف العرس كثيراً حتى لا تتراكم الديون على العروس والعريس بنهاية الأمر.;

مشاركة :