الحب والولاء والمال | سعيد محمد بن زقر

  • 12/8/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

يحتكر الشعراء العبارات الرقيقة ويحفل قاموسهم بها مثلما يتضمن هجاء قاسيًا على قطاع الأعمال وكأن سعيه لجني الأرباح وتحقيق النجاح سبة قد لا يلام الشاعر لافتراضه أن وسائل قطاع الأعمال خشنة ومتوحشة. بينما كل عمل ناجح تقف خلفه دوافع حب وعوامل ولاء للعمل ولنوعه. والإنسان ينجح في عمله لأنه يحبه. لا عجب أن كانت هناك علاقات حب متبادلة بين المنشأة والعاملين. بل إن النجاح والربحية ترجمة لتلك العلاقة. والقطاع العام ليس استثناءً لأنه عمل خدمي حيوي ينطبق عليه ما ينطبق على القطاع الخاص. لكن الفرق في الدرجة من حيث غياب جوانب معنوية كأن يحب الإنسان وظيفته والحب يكتسب بالتدريب أو بتعزيز ثقافته. والقطاع العام مقارنه بالقطاع الخاص يظل غير ربحي والموظف فيه بأمان من مديره فليس هناك معايير للربحية ولأن الفصل من العمل يعتبر في حكم الاستحالة، ولهذا الحماية وثقافتها بقدر ما تشكل حصانة للعاملين بالقطاع العام تدفعهم للامبالاة وعدم حب الوظيفة ونقص الولاء لها لأن من أمن العقوبة لا يخشى العاقبة وقد تنقصه خشية الله، ولهذا تنتشر ثقافة (تعال بكرة) في وجه الجمهور وهو أسلوب يرتبط بمشكلة الإنتاجية التي أشارت إليها دراسة وزارة التخطيط بأنها تكاد تقارب ساعة زمان باليوم. على أن ذلك رتب مخاطر تتجاوز القطاع العام إلى القطاع الخاص وللمواطن وثقافته، فمتى كانت ثقافة العامل بالقطاع الخاص بذلك النقص بالإنتاجية رتب النقص عوامل انهيار القطاع الخاص آجلًا أو عاجلًا، ولهذا إن صارت ثقافة الإنتاجية المتدنية راسخة فإنها تنتقل مع الأزمنة، ولهذا ورث معظم العاملين بالقطاع العام النقص (بثقافة الخدمة) وقلما أدرك الفرد أن تعيينه في موقعه إنما ليقدم خدمة للجمهور. ولهذا ثقافة اللامبالاة تقف خلفها فكرة وجود (حصانة) من المحاسبة مما تدفع لانتهاج سلوك سلبي، وهناك ضرورة للتأثير إيجابًا في هذه الثقافة لأن مخاطرها متعدية لحاملها وإن تعمقت ستشكل تهديدًا لأداء القطاع العام نفسه واستمرارية القطاع الخاص. القطاع الحكومي حاليًا في وضع مريح لفورات الذهب الأسود وخيرات باطن الأرض ولكن خطط التنمية تسعى لتجنيب الاقتصاد الوطني الاعتماد على مورد قابل للنضوب وتراهن على القطاع الخاص لتنويع الصادرات وتوظيف المواطن وتدريبه وإكسابه معايير رفع الإنتاجية وثقافة الربحية بتفعيل مفهوم الحب والولاء للوظيفة على النحو الذي حثنا عليه ديننا الحنيف (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). بينما صمت القطاع العام عن هذه الأبعاد يرسل رسائل خاطئة للعاملين بأن ما يعطيهم من دراهم معدودة هي تشجيع ليسارعوا للانضمام إليه باعتباره حضنًا دافئًا رؤومًا يؤمن العيش الكريم والحياة المستقرة مع أمان وظيفي لا يهتز أيًا كانت الإنتاجية وهذا التوجه مسؤول عن سلبيات الاتكال والتواكل وعدم المبادرة وقد يعطل الإنجاز وملكات الفرد في التفكير الإبداعي فضلًا عن أنه يتضمن منافسة مباشرة للقطاع الخاص لدرجة أنه يضع عنقه في حبل المشنقة. وللمفارقة المال الذي يدفعه القطاع العام لموظفه لن يدفعه لحب عمله لأن الحب لا يشترى وإنما ينبع من الإنسان ومفتاحه تحريك ثقافة حب العمل بتعميق مفاهيم الولاء وغرس قيمه ورعاية معانيه، فلنوفر الوظيفة إذن ونعزز حبها.

مشاركة :