الشائع لدينا أن تطفيف المكاييل ونقص الأوزان محصور بسلع توزن أو تكال، والأرجح أن دلالات العبارة تتسع لتشمل قيمة العملات باعتبارها مشتقات يتم فيها غش العملاء بسبب نقص وعيهم بالمتغيرات التي تحدث في قيمة أصولهم وأموالهم قال تعالى(وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾ هود ، وقال: ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ الشورى. ولتبيين ذلك فإن المصارف الخاصة تكوِّن المال حينما تُسلفه لعملائها ومن سلسلة عمليات الاقتراض هذه تنمو الكتلة النقدية في الاقتصاد بتوليد مال جديد لم يكن موجوداً. والمقترض لهذا المال لا يحصل عليه كما نعلم، إلا برهنِ أصول تُستخدم في كل مرة كضمان مقابل استلافه وبينما يتم تقييم هذه الأصول في لحظة تقديم السلفية فإنها تتأثر سلباً بالوضع الاقتصادي مع الوقت مثلما تتأثر بنمو كتلة المال الذي يتولد من العمليات المصرفية، وقد تنخفض القيمة الشرائية للعملة بينما شروط القرض تلزم المقترض بأن التغير بالنقص في قيمة الأصول مسئوليته وعليه الوفاء به وإلا فإن المصرف من حقه الاستحواذ على الأصول وهنا تنشأ شبهة التطفيف والنقص في المكيال التي حرمها الله خاصة إذا قرأناها مع حقيقة أن المال الائتماني لم يسلف من مال يمتلكه المصرف وإنما من أموال تم تكوينها باعتمادات على شاشة الحاسب الآلي وفق آلية الفوائد التراكمية مما يعني دائماً وأبداً أن كمية المال المطالب بسداده يزيد عن كمية المال المكون، وبما أن الائتمان في تزايد فإن القوة الشرائية للعملة في انخفاض ولكن المصارف تصر على تطبيق شروط الاستحواذ على الأصول في ازدواج للمعايير تقود لممارسات تطفيف وتغيير في قيمة الأصل بحيل مصرفية وتلاعب يؤثر بقيمة الأصول ومعادلة استمرار البنوك في تكوين ائتمانات تعني أنه كلما زادت الائتمانات كلما تضاعفت الكتلة النقدية في الاقتصاد وبالتالي تآكُل قيمة الأصول، مما يفتح الباب واسعاً للربا الذي حرم الله. لاشك أن الحلول الاقتصادية لأي ممارسات تطفيفية ممكنة وإن استلزمت استعادة البنك المركزي لدوره وحقه بالمال من المصارف الخاصة فضلاً عن توفيرها بحيث يصيرالمال جاهزا بأي كمية وبسعر التكلفة والجدوى الاقتصادية ومقابلة طلب المقترضين دون تطفيف أو نقص في القيمة.
مشاركة :