حتى لا تتكرّر مشاهد الإرهاب - بينة الملحم

  • 12/8/2014
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

بالأمس القريب وفي مدة وجيزة لم تتجاوز الأربع والعشرين ساعة ألقت القبض وزارة الداخلية السعودية على مرتكبي جريمة دالوة الأحساء من الإرهابيين وفكّكَت الخلية الداعشية بعد ضبط والقبض على جميع أعضائها وإحباط مخططاتهم. لم تمضِ أسابيع طويلة ويتكرّر المشهد الإرهابي في جزيرة الريم سوى أنّه قد تمكنّت كذلك الأجهزة الأمنية الإماراتية من إلقاء القبض على المتهمة في مدة وجيزة لم تتجاوز الأربع والعشرين ساعة وأحبطت مفعول القنبلة التي حاولت المتهمة كذلك بها استهداف ضحية أخرى بزرعها في البناية التي يقطنها. تساءل الأستاذ عبدالرحمن الراشد في مقاله بالشرق الأوسط مستنكراً استهداف الجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش لدول بعينها دون أخرى:»«داعش» نفسه مجرد عنوان للإرهاب المستمر، تنظيم ملتبس له علاقات بأنظمة إقليمية لكنه لا يخرج بعيدا عن التنظيم الأم: «القاعدة»، والذي عرفناه في الماضي يستهدف دولا محددة بعينها، وهي نفسها التي تستهدف اليوم: الإمارات والسعودية». كتبتُ في هذه الزاوية محذّرة من الاستخدام الأمني الاستخباراتي لداعش أو لجماعات ترفع شعارات الجهاد من قبل أنظمة تعاني من انفلات سلطتها على الأرض سيكون من إرهاصات ما خُطّط لما أسموه زوراً بالربيع العربي؛ وهو يعتبر من أخطر ما يجب الوعي به والانتباه إلى خطره. تنظيم القاعدة يعاني من التشتت والتفكك، والخلايا والجماعات التي وُلدت منه تأخذ شكلاً مستقلاً في التحرك في أحايين كثيرة، وبالذات تلك التي تنشأ من خلال اضطراب الأرض وتخبط الميدان، من أجل ذلك فإن الوعي بالخطر الذي تنتجه التحالفات والصفقات بين الأنظمة المضطربة، وهذه الجماعات المخادعة بات ضرورةً من أجل تحصين المجتمع من خطر تلك الصفقات الدموية والتي يدفع ثمنها أفراد المجتمع بأموالهم وتبرعاتهم أو الشباب بالتغرير به تحت مزاعم وجوب الجهاد وشعارات الدفاع عن الأمة زوراً وبهتاناً. مع بدء الثورات العربية، وبعد أفول نجم القاعدة بمقتل أسامة بن لادن أراد التنظيم إعادة تشكيل نفسه من خلال استغلال الثغرات الموجودة في البلدان التي تعيش حالاتٍ أمنيةٍ منفلتة من خلال استراتيجيات عدّة إحداها أن يكون للقاعدة مناصرون في الدول ذات الأمن المضطرب، بحيث تدخل بكل ثقلها محاولةً العثور على مدنٍ تكوّن فيها إماراتها. والأنصار الذين تريدهم القاعدة حالياً ليسوا بالضرورة مقاتلين، بل تريد أكبر عددٍ ممكن من الممهّدين أو الحلفاء لتمكينها من إقامة إماراتها وفعلاً رأينا كيف تحالفت مع جماعات سياسية أو أفراد من ذوي الطموح السياسي. أشرت إلى أن مشكلة التيارات أنها لا تعيد تشكيلاتها وتحالفاتها إلا في الأزمات. لقد كان لأحداث الثورات العربية رومانسية غريبة، انسحر بها البعض، وكانت مبهجةً للحركيين، أيقظت لديهم رومانسية التغيير الذي يحلمون به، فجاء التحالف الذي تشكّل بين جماعة الإخوان وبعض من ينسبون أنفسهم إلى خطاب الحقوق والإصلاح من الناشطين والناشطات، ومن بعد ذلك التشخيص رأيتُ أن تحليلي قد تشعّب وأصبحت التحالفات بين المنتسبين إلى الحقوق قد أخذت تشقّ طرقاً متعددة. سوى أنّه منذ أن بدأت الثورات العربية وقد أدركت المملكة أن المنطقة تنذر بالتصدّع على مستوياتٍ كثيرة، من بينها تغيّر الخرائط، وتبدّل المحاور، وتحوّل التحالفات! ولا يمكن الفصل بين الأحداث المحيطة وبين استهداف المملكة والإمارات والبحرين؛ وقد كشفت مخططات ما سُمّي زوراً بالربيع العربي عن التحالف واستخدام ورقة الإرهاب والجماعات الإرهابية اللاعب السياسي الأساسي لتنفيذ أجندة ذلك المخطط. وقد حذّرت في هذه الزاوية منذ بداية اشتعال شرارة الفوضى والاضطراب العربي أن ما ادعوه زوراً بالربيع العربي لن ينهي القاعدة ولا الإرهاب بل سيمنح التنظيم قوة إضافية لأن الشباب الذين سيزج بهم دعاة الإرهاب والسياسة تحت شعارات ورايات الجهاد المزعومة، وسيشاركون في العمليات ضد أنظمة دول الثورات وفي مناطق الصراعات سيصبحون جاهزين قتالياً، ستجد فيهم التنظيمات الإرهابية المعادية لدول الخليج وللمملكة قوة ضاربة جاهزة للانقضاض على أوطانهم وتنفيذ مخططات أعدائها. والفرد الإرهابي - لا يتشكّل بين يوم وليلة، وإنما يعيش ويكمن في وجدان الإنسان أولاً، ثم يترجمه إلى سلوك وأفعال وممارسات ثانياً، وما بين الحالتين، قد يمر زمن طويل أو قصير يتوقف على طبيعة الإنسان وعلى ظروف وعوامل التنشئة الأسرية والبيئة التعليمية والعملية، بحيث يكون هذا الفرد مهيأً للاختراق الفكري من خلال عملية ممنهجة سواء أكانت بصورة مباشرة أو خفية يلعب الخطاب الدعوي والإعلامي والتعليمي المخترق منها الدور الأكبر في تمكنه من ذلك الفرد كصيد سهل الاستدعاش. نحن في زمن القوة؛ ولا شك ما تتمتع به قوة المملكة الدفاعية وأجهزتها الأمنية وهي قادرة على التعامل مع أي تحدٍ أمني مهما كان شكله، ولكن نحتاج لمراجعات تربوية وتعليمية وتقويمٍ للخطاب الدعوي والإعلامي يجعلنا بعد عقد من الزمان مهما توالد عن تنظيم القاعدة من جماعة إرهابية لا تجد من شبابنا صيدا سهلا كما حصل وحدث على الرغم من كل خبرتنا ونجاح المملكة الأمني في القضاء على القاعدة على مرّ أكثر من عقد من الزمن إلا أن جماعات إرهابية كالإخوان والنصرة وداعش وجدت من السهل ولاء البعض لها أو قنبلة جاهزة لتلبية شعاراتها الزائفة وللتفجر تحقيقاً لمآربها ومصالحها السياسية!

مشاركة :