لقد كان لكلمة جنرال الحرب على الإرهاب التصريح السياسي الأبرز الذي تداولته وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع ما قبل الماضي دويّ كبير بحجم قهره لمخططات الإرهاب التي ظلّت تحاول استهداف أمننا واستقرارنا حينما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي " إن تنظيمات «إرهابية» هي «واجهات لدول وأنظمة تسخر إمكاناتها للنيل من أمننا واستقرارنا واستمرارية وجودنا» ومعرباً عن أسفه لاستغلال «فئة ضالة من الذين ينسبون أنفسهم للدين الإسلامي العظيم، حيث يحاربون الإسلام تحت شعارات الإسلام ويسفكون الدماء ويفسدون في الأرض». خلال العقدين الماضيين شهد المجتمع السعودي الكثير من التحولات الفكرية التي أثّرت في نمطية البناء الاجتماعي وسادت أفكار مختلفة عن السائد والتقليدي عربيا وخصوصاً مع صعود استغلال الجهاد كفكرة ثم كصفقة في بورصات المال والحرب والسياسة! لايمكن الفصل بين الأحداث الإقليمية الحاليّة وبين استهداف المملكة؛ كشفت مخططات ما سُمّي زوراً بالربيع العربي عن التحالف واستخدام ورقة الإرهاب والجماعات والتنظيمات الإرهابية كلاعب سياسي تتفاوض معه أنظمة واستعملتها وتحالفت معها دول وجماعات ودعاة سياسة لتنفيذ مخططات خفيّة تحت مسمى الجهاد. كتبتُ في هذه الزاوية منذ أن بدأ ما سمي ب"الربيع العربي" محذّرةً أنّ الربيع العربي لن يُنْهِ تنظيم القاعدة بل سيمنحه قوة إضافية ويتولّد عنها جماعات أو اسم بديل؛ لأن الشباب الذين سيزج بهم دعاة الإرهاب والسياسة تحت شعارات ورايات الجهاد المزعومة وسيشاركون في مناطق الصراعات والفتن سيصبحون جاهزين قتالياً، وستجد فيهم التنظيمات الإرهابية المعادية قوة ضاربة جاهزة للانقضاض على أوطانهم وتنفيذ مخططات أعدائها. صحيح لقد عانت المملكة من الإرهاب خلال العقدين الماضيين، ولكن أصبحت الخبرة في محاربة الإرهاب في السعودية كبيرة؛ ففي بحث حمل عنوان:" الشباب السعودي بين جدلية النقد الثقافي والوعي السياسي" وقدّمتُ ورقة فيها بجامعة لندن في وقت سابق كيف أن بعض الحركيين قد راهنوا على أحداث الثورات مدغدغين مشاعر بعض من عملوا على خداعهم باسم الدين ومن المفارقات المضحكة كيف كانوا يزايدون على الشعب السعودي وقيادته في دينهم وتطبيق شريعته بالتلميع لجماعات وتنظيمات إرهابية لإثبات صحة عقيدة من يؤيدهم والنفي لمن يعارضهم، وتجاهلوا أن الشعب السعودي متديّن بالفطرة قبل أن تولد أو توجد أي جماعة من تلك الجماعات والتنظيمات إلا أنّها حيلة غبية من حيل المفلسين الخائبين. ولعلّ من أبلغ ما كُتب " حينما راهن أهل الفتن على تويتر؛ وراهن الوطن على أبناء الوطن، وشتان بين الباطل والبطل" فإن الوعي الاجتماعي الذي أثبته الشعب السعودي وتمتعه به هو صمام الأمان ضد أي مدٍ حركي أو مخططات إرهابية تُحاك ضد الوطن.
مشاركة :