حضــور طــاغٍ لبطلة الــروايــة وغـيــاب للشخصيات الأخــــرى

  • 6/20/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أطلقت الكاتبة ندى نسيم باكورة إنتاجها الأدبي وهي رواية «بديع المحيا»، من إصدارات دار أفكار للثقافة والنشر. وقد أجري للرواية تدشينان، الأول في معرض البحرين الدولي للكتاب، والثاني في مركز عبدالرحمن كانو الثقافي، ولقد حضر حفلي التدشين جمهور كبير من المثقفين والمهتمين. تتمحور الرواية حول شخصية الشابة «غالية» التي تتزوج من زميلها في الجامعة «عارف عبدالعزيز» بعد قصة حبّ عفيف، وينتهي الأمر بهما إلى الطلاق. ويفترق الحبيبان السابقان هنا، ويأخذ كل منهما مساراً: عارف عبدالعزيز يتزوج بأخرى، وغالية تعيش حياة قريبة من الضياع بسبب موت أبيها وأنانية أمها، إلى أن تتعرّف على «عارف هارون» مدرب التنمية البشرية، وتظن لوهلة أنها وجدت ضالتها في الحب، وأن الحياة تفتحت لها من جديد، ولكنها تُخذل مجدداً منه، ويتضح أنّه مخادع، يتظاهر بالحبّ ليسرق الأموال من حبيباته.الرواية مكتوبة بلغة رشيقة، وتستهلّ دائماً كاتبتها الفصول بأحداث صادمة ومثيرة، تخلق حالة من التشويق لمعرفة ما سيأتي من الأحداث بعدها. مثل حدث الطلاق الذي تبدأ به الكاتبة فصلها الأول. وحدث زواج طليقها «عارف عبدالعزيز» الذي تستهلّ به الكاتبة فصلها الثاني. ولقد سعت الكاتبة إلى تصوير بطلة الرواية على أنها تتمسّك دائماً بالأمل رغم الخيبات المستمرة التي تتعرّض لها. فهي تتساءل بعد أن تعرّفت على عارف هارون: «هل حان الخروج من قوقعة الأمس؟ علّها تشرق من جديد شمس الأمل». وتقول بعد أن كبُرت علاقتها مع عارف هارون: «لقد ارتوت أوردتي بشيء من الأمل». ولم تكتف بالإشارة إلى هذا الأمل من خلال ما تقوله الشخصية الرئيسية «غالية»، بل ذكرت الكاتبة ذلك صراحة في سطر سمّته «إشراقة»، وكأنه تلخيص لما تريد الكاتبة أن تقوله مما لم يسع المجال لشخصيات الرواية أن تقوله، أو أن تبيّنه الأحداث، فتقول الكاتبة في هذه الإشراقة: «الحبّ الذي لا يشعل بداخلك شمعة أمل، أطفئه قبل أن يحرقك». أما شخصيات الرواية، فهناك شخصية محورية وحيدة هي «غالية»، أما بقية الشخصيات فهي هامشية أو أقلّ من هامشية. حتى عارف عبد العزيز زوجها السابق، وعارف هارون حبيبها اللاحق، فكان من المفترض أن يكون لهما حضور أكبر في الرواية، إلا أنّ الكاتبة جعلتهما شخصيتين هامشيتين، حضورهما أشبه بالغياب أمام ما يعتمل في نفس شخصية غالية وحالة الضياع التي تعيشها، والأحداث التي تمرّ بها غالية مع شخصيات أخرى أقلّ هامشية من العارفين، مثل شخصية أمها التي فضلت الارتباط برجل تونسي «مسيحي!!» اسمه طوني والسفر معه إلى أمريكا، أو شخصية الخالة فخرية التي أوتها في رحلة الضياع التي عاشتها في دبي بعد انفصالها، أو شخصية جميلة كريهة الشكل والطباع، أو نرجس الشابة المغربية التي اختارت أن تتغلب على صعوبة الحياة بامتهان الرقص، دون أن يكون لأي من هذه الشخصيات حضور أكبر في الرواية. فجميع المشاهد تبدأ بغالية وتنتهي بها. ربّما اختارت الكاتبة أن تكون «غالية» هي الراوية، لكي تتخلّص من مشقّة مدّ خطوط أخرى للرواية، أو إضفاء مزيد من الفاعلية على الشخصيات الأخرى، ومنحها دوراً أكبر في جريان الأحداث. فالأب كان هامشياً جداً في الرواية. فحضوره كان في صفحتين لا أكثر ذكرتهما الكاتبة للدلالة على حنانه وعطفه وقربه منها. والأم كذلك كان حضورها هامشياً جداً، رغم أنها المتسببة في حالة الضياع التي عاشتها البطلة بعد طلاقها، فهي اكتفت بالإشارة إلى أنّها كانت أنانية، وتزوّجت بعد وفاة أبيها، وفضلت الهجرة مع زوجها على رعاية ابنتها الوحيدة. ولقد كان بإمكان الكاتبة استخدام الإرجاع الفني «الفلاش باك»، وإضفاء المزيد من المشاهد أو الفصول لكي تشرح هذه المشاهد والفصول أنانية الأم وحنان الأب، بدل الاكتفاء بما تقرّره بطلة الرواية «كان أبي رجلاً وسيماً وشهماً» و«هل كانت أمي أنانية إلى هذا الحدّ المشين؟». وحتى الاستعراض السريع لبعض اللمحات التي تشير إلى شهامة الأب وأنانية الأم لم تكن كافية على الإطلاق.

مشاركة :