تقود المملكة العربية السعودية المعسكر النفطي المطالب بزيادة إنتاج النفط في «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) في وجه معارضة إيرانية شرسة، خصوصاً أن الأخيرة لا تستطيع زيادة إنتاجها، نظراً إلى العقوبات الأميركية الأحادية الجانب، التي فرضت إثر انسحاب أميركا من الاتفاق النووي. ومن المقرر أن تبدأ اجتماعات المنظمة غداً الجمعة وتستمر إلى السبت، للبحث في سياسة الانتاج، وسط دعوات من المستهلكين الكبار، مثل الولايات المتحدة والهند لتهدئة أسواق النفط والأسعار وزيادة الإنتاج، ما من شأنه دعم الاقتصاد العالمي. ومن غير المستبعد الوصول إلى اتفاق بشأن خفض زيادة الإنتاج لأقل من مليون برميل يومياً في الساعات الأخيرة، وفقاً لما ألمحت إليه مصادر في المنظمة، خصوصاً أن إيران أبدت بعض الليونة في موقفها المعارض لزيادة الانتاج، من خلال وضع شروط لموافقتها على هذه الزيادة. ولكن قد يتخذ أيضاً القرار، على رغم رفض إيران مثلما حدث سابقاً في المنظمة. وفي هذا السياق، أكد وزير النفط العماني محمد الرمحي، أنه يلحظ تشكل توافق آراء بخصوص اجتماع «أوبك»، وهو يعتقد أن إيران «ستوافق على زيادة الانتاج». في وقت قال وزير النفط النيجيري ايمانويل ايبي كاتشيكو، إن «أوبك متحدة جداً على نحو يجعل من الصعب عدم التوصل إلى توافق». وكانت روسيا اقترحت زيادة الإنتاج من «أوبك» ومن خارجها بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً، وهو ما ينهي من الناحية العملية لخفوضات الإنتاج الراهنة التي تصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً، وساهمت في إعادة التوازن للسوق على مدى الشهر الـ18 الماضية، ورفعت أسعار النفط إلى 75 دولاراً للبرميل. وكان سعر النفط انخفض إلى 27 دولاراً للبرميل عام 2016. وتعارض إيران وفنزويلا والجزائر والعراق الأعضاء في «أوبك»، أي تخفيف في خفوضات الإنتاج خشية أن يؤدي ذلك إلى تعثر الأسعار. وقال محافظ إيران في «أوبك» حسين كاظم بور أمس: «على المنظمة أن تُبقي على الاتفاق الراهن في شأن خفض إمدادات النفط حتى نهاية العام الحالي، نظراً إلى معارضة إيران لزيادة الإنتاج»، مضيفاً أن «لدينا اتفاق ما زال سارياً»، وذلك رداً على سؤال حول ما إذا كان الاتفاق سيخضع لتعديل يوم الجمعة. ويسري اتفاق خفض الإمدادات حتى نهاية هذه السنة. وأوضح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح رداً على سؤال عما إذا كان يتوقع اجتماعاً سهلاً الجمعة: «سنرى. ابقوا متأهبين». وأكد وزير النفط الإيراني أن صادرات بلده النفطية تجاوزت 2.5 مليون برميل يومياً في أيار (مايو)، مؤكداً أنه «سيحضر اجتماع لجنة المراقبة الوزارية اليوم». ولا تشارك إيران عادة في هذه اللجنة التي تشمل روسيا والسعودية والإمارات وسلطنة عمان والكويت والجزائر وفنزويلا. وفي السياق، أمل وزير النفط العراقي جبار اللعيبي «في التوصل إلى اتفاق عندما تجتمع «أوبك»، لكن أضاف أن «سوق النفط لم تصل إلى مستوى الاستقرار». وتأتي هذه الانقسامات في الآراء بين دول المنظمة، بعد دعوات من المستهلكين مثل أميركا والهند لـ «معالجة ارتفاع أسعار النفط». وحضت الهند ثالث أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، الدول الأعضاء في «أوبك»، على سد نقص في الإمدادات، وضمان استدامة أسعار النفط، إذ تؤثر السياسة في إمدادات بعض المنتجين. وسيواجه العالم على الأرجح انخفاضاً في صادرات النفط من إيران ثالث أكبر منتج في «أوبك»، بسبب تجديد العقوبات من قبل أميركا، في وقت تُعد الهند أكبر مشتر للنفط الإيراني بعد الصين. وقال وزير النفط الهندي دارمندرا برادان خلال جلسة نقاش في فيينا، إن «الظروف السياسية، والتي تكون في بعض الأحيان داخلية وفي أحيان أخرى خارجية، تسفر عن نقص في إمدادات بعض الدول. ونتوقع من أوبك وأعضائها التزاماً بالتدخل وسد الفجوة بأكثر من المطلوب لضمان استدامة الأسعار». وذكر أن «أسعار النفط المرتفعة حالياً تخفض النمو الاقتصادي في دول كثيرة»، لافتاً إلى أن «النمو الاقتصادي العالمي الهش بالفعل، سيكون مهدداً إذا استمرت أسعار النفط عند هذه المستويات. خوفي هو أن يؤدي هذا إلى فقر في الطاقة في أنحاء كثيرة من العالم». وتستورد نيودلهي نحو 80 في المئة من حاجات البلد من النفط الخام، وتدعو إلى تسعير مسؤول للخام يُحدث توازناً بين مصالح المنتجين والمستهلكين ويدعم الاقتصاد العالمي. وقال الوزير: «عالمياً، تجاوزت أسعار النفط العتبة التي يمكن أن يتحملها العالم في شكل مستدام، خصوصاً دول مثل الهند التي تعد قاطرة أساسية لنمو الاقتصاد العالمي». وعلى إثر التطورات الضخمة في سوق النفط، ارتفعت الأسعار مدعومة بانخفاض في مخزون الخام التجاري في الولايات المتحدة وفقد سعة تخزين في ليبيا المنتجة للنفط. وانخفض مخزون الخام الأميركي ثلاثة ملايين برميل إلى 430.6 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 15 من الشهر الجاري وفقاً للتقرير الأسبوعي لمعهد البترول الأميركي أول من أمس. وازدادت العقود الآجلة لخام «برنت» 0.5 في المئة إلى 75.48 دولار للبرميل مقارنة بأحدث إغلاق لها الثلثاء. وارتفعت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 0.6 في المئة لتسجل 65.43 دولار.
مشاركة :