يتوقع أن تلاقي أسعار النفط الخام خلال المرحلة المقبلة دعما جيدا من استمرار انتعاش الطلب بالتوازي، مع تشديد قيود العرض في ضوء التزام تحالف "أوبك+" بخطط خفض الإنتاج الطوعية القياسية وتمديدها. وساعد تقرير مخزون معهد البترول الأمريكي على دعم أسعار النفط الخام بعد أن أظهرت أحدث البيانات انخفاضا قدره 15.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي. وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، إنه لا يزال كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط يصعدان بقوة، وفق مستويات لم تحدث منذ منتصف أبريل الماضي، وهي مدفوعة بتخفيضات الإنتاج في تحالف "أوبك+" وتعافي الطلب وإجراءات التحفيز الاقتصادي في الصين. وأشار المحللون إلى ترقب السوق عقد اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لـ"أوبك+" غدا، لافتين إلى أنه إذا تم إعلان تمديد خفض الإنتاج فمن المرجح أن تحافظ أسعار النفط الخام على هذه المستويات المرتفعة. وأضاف المحللون، أن المكاسب الحالية يعضددها توقع انخفاض العرض في مناطق أخرى بما في ذلك نيجيريا وكندا، ما يدعم الاتجاه الصعودي، مشيرين إلى تقارير دولية ترجح التوجه الطويل إلى ارتفاع أسعار خام برنت. وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة، إن هناك عديدا من العوامل التي تدعم أسعار النفط الخام، أهمهما تقلص المخاوف من الركود إلى الحد الأدنى، كما أن تراجع الدولار الأمريكي يفتح الباب أمام مزيد من الاتجاه الصعودي للنفط الخام والعكس صحيح. ولفت إلى أن النفط الخام قد يتلقى دعما آخر من بيانات النشاط التصنيعي في الصين التي من المرجح أن تكشف عن تعافي وتيرة النمو وزيادة الطلب على الطاقة التقليدية، وذلك علاوة على توقعات تراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة وفق بيانات لمعهد البترول الأمريكي هذا الأسبوع. من جانبه، أوضح سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، أن مع استمرار ارتفاع أسعار النفط تراجعت وزارة الطاقة الأمريكية عن عرضها شراء ستة ملايين برميل من النفط الاحتياطي الاستراتيجي، مبينا أنه رغم سحب عرضها شراء النفط أكدت وزارة الطاقة أنها لا تزال ملتزمة بتجديد احتياطي البترول الاستراتيجي. وأضاف أن توقعات الطلب القوية وتخفيضات "أوبك+" والانخفاض الهائل في مخزونات الولايات المتحدة، أدت إلى زيادة الضغط الصعودي على أسعار النفط الخام، ما عزز المراكز المالية للمنتجين وزاد فرص نمو الاستثمار، ولكنه يزيد الضغوط التضخمية على دول الاستهلاك. ومن ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، إن انخفاض إنتاج أوبك من النفط مدفوعا بالتخفيضات الطوعية، وتعليق عمل محطة نيجيرية إلى ارتفاع قياسي جديد في أسعار النفط الخام، مشيرا إلى تخوف تقارير دولية من أن الأسعار المرتفعة يمكن أن تقوض الطلب وتؤدي إلى تأثير غير مرغوب فيه. وتوقع أن يدفع الطلب العالمي القوي على النفط خاصة من الصين، إلى جانب تقارير عن انخفاض مخزونات النفط الخام في جميع أنحاء العالم إلى مكاسب قياسية في أسعار النفط قبل نهاية العام خاصة إذا استمر تحالف "أوبك+" في تمديد خطط خفض الإنتاج في الشهور المقبلة. بدورها، تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، إن الطلب القوي على النفط الخام، ولا سيما من الصين وتقلص الإمدادات والمعروض النفطي العالمي بسبب تخفيضات "أوبك+" دفع السوق النفطية إلى توقع تخفيضات كبيرة في المخزونات في الأشهر المقبلة التي من المقرر أن تعزز أسعار النفط بشكل أكبر. وعدت أن تعافي أسعار النفط فرصة جيدة لتعزيز الاستثمارات وتأمين احتياجات الطاقة والتنمية في عديد من دول العالم، مشيرة إلى تأكيد شركة "ريستاد إنرجي" الدولية أنه في النصف الأول من العام الجاري وجد المستكشفون 2.6 مليار برميل من المكافئ النفطي، موضحة أن صناعة الاستكشاف والإنتاج تمر بمرحلة انتقالية، حيث تمارس عديد من الشركات مزيدا من الحذر وتحول استراتيجياتها لاستهداف مناطق أكثر ربحية. من ناحية أخرى، تراجعت أسعار النفط أمس بعد تحقيق مكاسب كبيرة ولكنها لا تزال بالقرب من أعلى مستوياتها منذ أبريل، وذلك بعدما أظهرت بيانات مخزونات النفط الخام ومنتجات الوقود طلبا قويا في الولايات المتحدة وهو ما عوض أثر المخاوف إزاء ضعف التعافي الصيني. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت في أكتوبر 36 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة إلى 84.55 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:54 بتوقيت جرينتش، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 38 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 80.99 دولار للبرميل. وارتفع الخامان القياسيين أكثر من دولار في وقت سابق من التعاملات، مدعومين بانخفاض المخزونات الأمريكية. وانخفض الخامان القياسيان عند التسوية الثلاثاء لتتوقف سلسلة من المكاسب التي استمرت ثلاثة أيام. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها (86.60 دولار) للبرميل الثلاثاء مقابل (86.45 دولار) للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق تاسع ارتفاع له على التوالي، وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي وسجلت فيه (84.64 دولار) للبرميل.
مشاركة :