قد يكون من المبكر تقييم الدور الإعلامي في دعم عملية عاصفة الحزم، ومن المؤكد أن هناك سباقا محتدما بين وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت المكتوبة أو الإذاعية أو التلفزيونية، فهذا تنافس مشروع أهدافه الأساسية دعم التحالف العربي كمنظومة متكاملة لمساندة الرؤية السياسية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، والتصدي للإعلام الموتور الذي يحاول من جهته تضليل المشاهد العربي. فالصراع الإعلامي محور من محاور الحرب القتالية ضد الأعداء الذين صنعوا المئات من المنصات الإعلامية واستقطبوا من خلالها الآلاف لخدمة أجندة التخريب في الوطن العربي، ومن المؤكد أن قطر تلعب دورا هو الأكبر في هذا الإطار تشترك معها إيران وتركيا، فالأجندات التخريبية واحدة والأهداف كذلك واحدة. برغم السنوات الثلاث التي مرت على الإعلام الموالي لعاصفة الحزم، فإنه تأثر بطبيعة الحرب ويومياتها التي انعكست بشكل مباشر على الأداء الإعلامي الذي اختلف تماما منذ مقاطعة النظام القطري (يونيو 2017)، فقد أظهرت قطر من خلال كل وسائل الإعلام التي تمتلكها شكلا عدائيا انطلق في جوهره من دعم جماعة إخوان اليمن وعمل على عدة توجهات منها تلفيق الأخبار وافتعال الأكاذيب، والأهم تنفيذ الأجندة الهادفة لمحاولة التأثير السلبي في العلاقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كهدف مباشر رصدت له الملايين من الدولارات والمئات من الكوادر من مختلف البلدان. تعقيدات الأزمة اليمنية لعبت دوراً في ما يمكن أن يوصف بالتكلس الإعلامي، فالجمود العسكري جمد المسار السياسي وفقد الزخم الإعلامي الذي بدأ مع انطلاق عاصفة الحزم (مارس 2015) قدرته في توصيف الوقائع، بل إن الطرف المعادي أصبح هو الذي يمتلك القدرة على افتعال الأحداث. فالحوثيون ومن خلال استهداف المدن السعودية بالصواريخ الباليستية، إلى تصفيتهم الجسدية للرئيس السابق علي عبدالله صالح كانوا فاعلين في صناعة الحدث، يقابلهم إخوان اليمن بافتعالهم سلسلة أزمات وصلت أقصاها باتهام التحالف بإدارة السجون السرية في عدن وحضرموت وحتى افتعال أزمة سقطرى. استعادت قناة سكاي نيوز عربية المبادرة الإعلامية مُجدداً لصالح التحالف العربي والمشروع العربي في اليمن، فالمتغير الأساس الذي تحدد عبر إطلاق عملية تحرير الحُديدة تطلب خطوات أساسية بدأت باستقطاب وجوه جديدة كالمراسل صلاح بن لغبر ومحمد العرب والإعلامي عبدالله البندر في تأكيد على نقطة الاهتمام بالمحتوى الإعلامي، ومع بداية العمليات كشفت المقاطع المصورة من داخل الحُديدة سواء في الميناء أو المدينة ادعاءات ميليشيات الحوثي الكاذبة ومنحت فضاء واسعا لإدارة المعركة الإعلامية. ارتبطت سكاي نيوز عربية في ذهنية المشاهد العربي بتغطيتها لثورة 30 يونيو المصرية، واشتهرت بنوافذها التفاعلية من مواقع الأحداث كالانتخابات الأميركية والقمة العربية الأميركية في الرياض وغيرها من المناسبات التي تعتمد فيها سياسة الانتقال إلى موقع الحدث. قد يكون هذا الأسلوب شائعاً في الإعلام العربي خاصة عند القنوات الإخبارية المتخصصة لكن ما حدث في اليمن مع قناة سكاي نيوز عربية كان استثنائيا، فقد أقدمت القناة على تجربة فريدة بنقل نافذة شبكة المراسلين الحربيين إلى أرض المعركة في تحد مختلف لم يعرف له الإعلام العربي الإخباري نموذجا سابقا بأن تدار شبكة المراسلين الحربيين بهذه التقنية. جانب آخر يجب النظر إليه بمقدار من الاحترام تجاه المسؤولية الإعلامية، خاصة في معركة تحرير الحُديدة، فهي شديدة التعقيد ولذلك كان المطلوب إدارتها إعلامياً بما يليق بها من مسؤولية وعلى هذا الاعتبار اعتمدت القناة على استضافة تشكيلة واسعة من الطيف اليمني لكن ما كان مهماً هو أن يستمع المشاهد إلى رأي الخبراء الأميركيين من واشنطن خاصة في ما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالأمم المتحدة ومواقف الدول الكبرى سواء من العملية العسكرية أو من ناحية إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. استخدمت سكاي نيوز واحدة من أدواتها القوية التي تمتاز بها وهي الأنفوغرافيك وقامت بتسخير المخزون المعلوماتي لتقديمه في أكثر من عرض على مدار الساعة ما يؤكد قيمة غرفة الأخبار وإدارتها ومؤهلات المحررين على استثمار هذا الكم من المعلومات وتقديمه باحترافية. هذه التجربة الإعلامية أكدت أنه يُمكن إفشال ما تقوم به قطر عبر العشرات من القنوات والمئات من المواقع التي عادة ما تعمل على التشويش الإعلامي إلا أنها هذه المرة تلقت ضربة قاضية.
مشاركة :