التمريض هنا فأين أنتم

  • 1/26/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في تغريدة لأحد الأطباء، وهو الأستاذ الجامعي طبعا، في الموقع الأشهر «تويتر» ألا تعوّلوا على كلام «الممرضة»، ولا تأخذوا منها عن حالة المريض الصحية، ولعل له أسبابه في ذلك. أثارت تلك التغريدة ردود فعل واسعة من المغردين وأصحاب المهنة. حينها تذكرت مقولة المراسل المتألق محمد العرب في تغطيته الميدانية لعاصفة الحزم «نحن هنا... أين أنتم؟»، وينطبق الحديث السابق على الأطباء، فالتمريض حاضر، فأين أنتم أيها الأطباء؟ من عيادة حكومية إلى أخرى خاصة، بحثا عن المال، أو في برامج التدريب خارج وداخل الوطن، مستأثرين بكل شيء، من بعثات وبرامج تعليم فيما يهم وما لا يهم، لمجرد الحصول على استحقاق صرف بدل. أينما تصرف البدلات صُرفتم. لا شك أن الطب من أهم المهن وأسماها، ولا يقل التمريض عن ذلك أهمية وقيمة وعطاء، وتفانيا في تقديم الرعاية الطبية للمرضى والمصابين، فهم السباقون بكل شيء وفي كل شيء، كاستقبال الحالات ومعرفتها، وتقديم الإسعافات والرعاية الطبية المناسبة، سواء في المستشفيات أو مراكز الرعاية والزيارات المنزلية. لا أفهم لماذا التمريض في بلادنا ما يزال دون الممارسة المتقدمة، على الرغم من ابتعاث المئات من الممرضين والممرضات الذين تلقوا علومهم في أرقى المعاهد والجامعات، ولكن العقلية الطبية التي ما تزال تسيطر على مفاصل القرار، عقلية «طبيب»، والتي من أهم مهامها تحجيم التمريض ودوره والتقليل من أهميته، رغم أن القرار التمريضي أمر لا علاقة له بالطبيب، إلا خلال علاقة تكاملية لدائرة الرعاية الصحية. يذكر تقرير معهد جالوب العالمي، مؤخرا، مؤشر الثقة لدى الأميركيين أن مهنة التمريض حلّت في المركز الأول، فيما حل الأطباء في المركز الرابع، وهذا مؤشر على ما يمتلكه التمريض من كفاءة عالية، إذ حاز على الثقة لدى معظم الأميركيين، مع ما يقدم له هناك من مميزات ورواتب وممارسة متقدمة. مستقبل تطور الرعاية الصحية لدينا مرهون بتطوير الكوادر الوطنية بشكل عام، وتأهيلها والثقة فيها وتمكينها من خدمة وطنها. فأحد مراكز الخلل في الرعاية الصحية التركيز على الطبيب، وهذا يتسبب في اختلال المعادلة، فوجود أطباء أكفاء مع كوادر طبية مساعدة ضعيفة بيدها أو بيد غيرها خلل، وكوادر صحية مساعدة قوية مع أطباء غير أكفاء، يجعل الرعاية الصحية في وضع غير صحي. المشكلة الكبرى التي نعانيها هي سيطرة عقلية الطبيب على القرار وانفراديته به في منظومة الرعاية الصحية، دون النظر إلى التخصصات الأخرى المساعدة والمساندة.

مشاركة :