في انتظار الحكومة العراقية المقبلة

  • 6/22/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حين أعلنت نتائج انتخابات الثاني عشر من مايو المنصرم النيابية في العراق تعرف كل كيان سياسي على حجمه، واتضحت طبيعة التحديات التي تواجه مَهمة تشكيل الحكومة والصعوبات القائمة أمام التوصل إلى الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الوزراء. هذه الكتلة وفق الأرقام التي حققتها مختلف الائتلافات لا يمكن أن ترى النور دون اتفاق ما لا يقل عن خمسة كيانات سياسية وتوحدها في ائتلاف واسع يستند إلى برنامج سياسي فضفاض ربما لو عُرض على الناخب قبل الانتخاب لما رحب به. تشكيل هذه الكتلة يتطلب تذليل العقبات والتضحية بالعديد من المبادئ إلى الحد الذي قد يتحول فيه شعار «التغيير» الأكثر شعبية خلال الحملة الانتخابية الذي رفعه ائتلاف سائرون مع كيانات مدنية أخرى إلى مجرد تطلع وأمل منشود. هذا على الرغم من أننا اعتدنا سماع تصريحات تصدر عن هذا الكيان أو ذاك بالانفتاح على الكيانات الأخرى طالما تتفق معه في الرؤى والمبادئ!! من جانب آخر قد لا تمتلك الكيانات التي ستشكل الكتلة الأكبر، وهو أمر لا شك فيه، رؤية موحدة لمستقبل العراق لأنها ترصده من خلال نوافذ مختلفة: عروبية أو كردية أو مذهبية أو علمانية، أما اللاعبون الخارجيون الذين لا يمكن التقليل من شأنهم في تداول الملف العراقي فهم يتطلعون إلى مستقبله من خلال نوافذ شرق أوسطية. جوهر الصراع يدور الآن حول هوية الكتلة الأكبر، فثمة ما يتداخل بقوة ويؤثر بسلبية على تشكيلها سبق أن شهدناه وخبرنا تداعياته على مدى الدورات النيابية السابقة، فتشكيلها لم يكن بمعزل عن دور خارجي يقرّب وجهات النظر بين فرقائها إن لم نقل يلزم بعضها على الانصياع لإرادات أخرى. فمن الثوابت في المشهد السياسي العراقي منذ التغيير في 2003 حضور أميركي وتدخل إيراني في التعامل مع شؤونه بشكل مستقل في بعض القضايا وبتوافق غير معلن في القضايا الأكبر. هذان الحاضران يواجهان صعوبات في رسم سيناريوهات التدخل في هندسة البيت السياسي العراقي في ضوء ما أفرزته الانتخابات إضافة إلى أن أجواء التوافق الصعبة أصلاً بينهما ازدادت صعوبة بفعل الانتكاسة الكبيرة في العلاقات بينهما بانسحاب واشنطن من الاتفاقية النووية. واشنطن لم تعد ميالة للاستثمار بعلاقة مع طهران في العراق وفي غيره، وهي تخطط لقصقصة أجنحتها واحتواء وجودها في عموم المنطقة، في حين ترى طهران من جانبها أن مرحلة خلق المتاعب للولايات المتحدة قد دخلت طوراً جديداً وأن الساحة العراقية هي الأكثر ملاءمة لذلك. شعار التغيير الذي تبناه أغلب الناخبين أطاح بـ 72% من أعضاء المجلس النيابي، إلا أن القيادات نفسها التي استهدفها الناخب لا تزال واقفة على المسرح السياسي وإن تفاوتت حجومها، لذلك تواجه عملية الإصلاح والتغيير على المستوى الإجرائي عقبات كبيرة من قبل هذه القيادات التي تسعى بشكل محموم لإعادة كتلة التحالف الوطني الميتة إلى الحياة تحت ضغوط خارجية شديدة تعمل على لي الأذرع المتمردة التي تقف لصالح استقلال القرار العراقي عن التأثيرات الإقليمية المجاورة. صحيح أن مقتدى الصدر قد تسيد الانتخابات تحت شعارات التغيير والإصلاح وتصدر المشهد السياسي حين أصبح المركز الذي تدور حوله الحوارات إلا أن من المستبعد أن تتغير قواعد المشهد وآليات مساراته. التيارات المدنية التي أثبتت قدرتها على التأثير في الشارع العراقي، لم تتمكن لأسباب عدة من فرض تأثيرات كبيرة على مسارات العملية السياسية، لأن مهامها قد انتهت مع نهاية يوم الانتخابات، فالقيادات لا ترجع لقواعدها للاستشارة في اختيار الشراكات وإبرام التحالفات، بل لا تبالي في اتخاذ قرارات محبطة لجمهورها الذي اقترع للتغيير وليس للاجترار وإعادة السيناريوهات الفاشلة. الإنجاز المتواضع لهذه التيارات المدنية يقلق القيادات التقليدية من منظور أن سنواتها المقبلة في الحكم قد لا تكون كسابقاتها. كاتب عراقيطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :