هاري كين القناص.. منقذ "الأسود الثلاثة"

  • 6/24/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

فولغوغراد (روسيا) - بات لإنكلترا أمير جديد اسمه أيضا… هاري. لكن الأمير الأشقر ليس سليل عائلة ويندسور الملكية الحاكمة، ولا يرتبط بأي شكل من الأشكال بحفيد الملكة إليزابيت الثانية. الحديث هنا عن هاري كين الذي قاد بهدفيه منتخب “الأسود الثلاثة” لكرة القدم إلى الفوز في المباراة الأولى له في مونديال روسيا 2018 على حساب تونس. دشن كين (24 عاما) سجله مع إنكلترا في بطولة كبرى مساء الاثنين، مسجلا هدفين في مرمى المنتخب التونسي (2-1)، أحدهما رأسية قاتلة في الوقت بدل الضائع منحت منتخب “الأسود الثلاثة” بداية مثالية في المجموعة السابعة. وأضحى المهاجم فارع الطول أول لاعب يسجل في مباراة واحدة ضد حارسين (معز حسن الذي خرج بسبب الإصابة، وفاروق بن مصطفى)، منذ الأوروغوياني دييغو فورلان ضد جنوب أفريقيا المضيفة في مونديال 2010. رفع كين بهدفيه الأولين في كأس العالم رصيده إلى 15 هدفا في 25 مباراة دولية. وآخر لاعب إنكليزي يسجل 15 هدفا أو أكثر في هذا العدد من المباريات هو غاري لينيكر الذي سجل 20 هدفا في مبارياته الـ25 الأولى. وأثبت كين قدرته على تحمل عبء القيادة في ثاني مشاركة له مع المنتخب في بطولة كبرى بعد كأس أوروبا 2016 حيث فشل في بلوغ الشباك خلال أربع مباريات. ورغم تألقه اللافت وتسجيله 59 هدفا في الدوري الممتاز خلال موسميه الأخيرين، عجز كين حتى الآن عن الفوز بأي لقب، وأفضل نتيجة له مع توتنهام كانت نهائي كأس الرابطة الإنكليزية 2015. فشله في إحراز أي لقب حتى الآن كان محور اهتمام أحد الصحافيين الروس بعد مباراة الإثنين ضد تونس، فكان جواب كين “قد أكون جالسا هنا بعد أربعة أسابيع ومعي الذهبية الكبرى”، في إِشارة إلى كأس العالم التي لم تحرزها إنكلترا منذ تتويجها الأول والأخير بها عام 1966 على أرضها. وأظهر كين مرة أخرى غريزته التهديفية القاتلة لأن هدفيه كانا من محاولتيه التهديفيتين الوحيدتين، ما دفع بمدرب تونس نبيل معلول إلى الإشادة به بالقول إنه “كان دائما متواجدا في الوقت المناسب” وفي المكان المناسب. ونجح التونسيون في احتواء كين طيلة اللقاء بشتى الطرق حتى إن لزم الأمر طرحه أرضا كما حصل في الشوط الأول من اللقاء دون أن يمنحه الحكم ركلة جزاء أو يستعين بتقنية المساعدة بالفيديو “في.ايه.آر”. أفلت مهاجم توتنهام العملاق مرتين من رقابة الدفاع التونسي ودفع “نسور قرطاج” الثمن غاليا، ما دفع معلول إلى القول بأنه “المهاجم المثالي”. تخطى روني Thumbnail لم يكن كين راضيا عن طريقة معاملته من قبل الدفاع التونسي، لا سيما ياسين مرياح الذي تولى مراقبته طيلة اللقاء، وقد أعرب عن امتعاضه بعد المباراة بالقول “من المخيب للآمال ألا يصدر أي قرار من الحكم بشأن الذي كان يحصل خلال ركلات الركنية، لم يكن باستطاعتي إزاحتهم (المدافعون) عني”. وأردف “كل ما بإمكاني فعله هو مواصلة اللعب”. كان بالإمكان احتساب أكثر من ركلة جزاء لا سيما إذا نظرتم إلى ركلة الجزاء التي حصلوا عليها”، في إشارة إلى هدف تونس الذي سجله الفرجاني ساسي من ركلة جزاء حصل عليها فخرالدين بن يوسف إثر ما بدا أنه ضربة بالكوع من المدافع كايل ووكر، وشدد الأخير على أنه كان يقوم بالالتفاف على نفسه فقط. وذكر كين “اعتقدنا أنه سيكون أحد الأيام التي تعاكسك فيها الأمور. لكن لهذا السبب تعمل بجهد كبير، لكي تتمكن من تحقيق الفوز حتى بعد مرور الدقائق التسعين. حالفنا الحظ وحصلنا على الهدف في نهاية المطاف”. ومنذ مباراته الأولى في كأس العالم، دون كين اسمه إلى جانب أساطير الكرة الإنكليزية، لأن اللاعب الأخير الذي سجل ثنائية للمنتخب الوطني خلال مباراة في كأس العالم كان لينيكر عام 1986 ضد الكاميرون في طريقه لإحراز جائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف (6). هاري كين العملاقهاري كين العملاق وفي مباراة واحدة، تفوق كين على واين روني، أفضل هداف في تاريخ المنتخب الوطني بـ53 هدفا، إلا أنه سجل واحدا فقط في ثلاث مشاركات في كأس العالم (2006 و2010 و2014). أرقام كين لافتة، فقد سجل 8 أهداف في 6 مباريات خاضها وشارة القائد على ساعده، و11 في مبارياته الثماني الأخيرة بقميص “الأسود الثلاثة”. بالنسبة للمدرب غاريث ساوثغيت “لو لم يسجل، كنت مضطرا للإجابة على تساؤلات بخصوص قدرته على التسجيل في البطولات”، في إشارة إلى عجزه عن الوصول إلى الشباك في مبارياته الأربع خلال كأس أوروبا. ويأمل كين في مواصلة هوايته التهديفية في الاختبارات المقبلة، أولها ضد بنما ولاعبيها المشاكسين الأحد في نوفغورود، ثم ضد بلجيكا ونجومها “الإنكليز”، ومنهم زملاؤه في توتنهام المدافعان توبي ألديرفيرلد ويان فيرتونغن ولاعب الوسط موسى ديمبيلي. ولد كين في 28 يوليو 1993 بلندن وهو من أصول إيرلندية وبدأ مسيرته الاحترافية مع توتنهام هوتسبر الإنكليزي في 2009 لكنه احتاج إلى 4 سنوات لفرض نفسه في الفريق بعد أن لعب معارا لأندية ليوتن وميلوال ونورويتش وليستر سيتي. وأصبح كين لاعبا أساسيا في توتنهام في موسم 2014-2015، حيث سجل 31 هدفا، 21 منها في الدوري، وتم اختياره كأفضل لاعب شاب في إنكلترا، ولعب دورا مهما في تأهل فريقه للعب في دوري الأبطال في موسمي 2015-2016 و2016-2017. وحصل على جائزة لاعب الشهر في الدوري الإنكليزي الممتاز ست مرات، وتم اختياره في فريق العام من رابطة المحترفين الإنكليزية في كل من المواسم الأربعة الماضية، وسجل 108 أهداف لتوتنهام، ويحتل المركز التاسع في قائمة أفضل هدافي الفريق عبر التاريخ. وعلى المستوى الدولي، لعب كين لجميع منتخبات المراحل السنية في إنكلترا تحت 17 وتحت 19 وتحت 20 وتحت 21 سنة، وسجل هدفاً في أول مشاركة دولية له في مارس 2015 وتم ضمه إلى الفريق المشارك في بطولة أمم أوروبا 2016، وصنفته الغارديان خامس أفضل لاعب كرة قدم في العالم لعام 2017. لعب كين بديلا عن واين روني نجم المنتخب الإنكليزي سابقا في الشوط الثاني من المباراة الودية ضد ليتوانيا وتمكن من تسجيل هدف بعد 8 ثوان من دخوله، ما دفع المدرب السابق للمنتخب الإنكليزي هودجسون إلى إشراكه جنبا إلى جنب مع روني طيلة 90 دقيقة في مباراة أمام إيطاليا حسمها التعادل 1-1. وفي سياق متصل قال غاري نيفيل إن هاري كين هو اللاعب الإنكليزي الأوحد الذي يصنف ضمن الصف الأول من لاعبي كرة القدم في العالم، وهو ما يجعله مناسبا لأي فريق في كأس العالم. وتابع “كين سجل هدفين في مباراة منتخب إنكلترا الافتتاحية بكأس العالم، كما أحرز 41 هدفا خلال 48 مباراة خاضها مع توتنهام الموسم الماضي”. وواصل حديثه “أكبر أندية العالم تتطلع للحصول على مهاجم من طراز كين إذا أتيح بالطبع في سوق الانتقالات، وأعتقد أنه سيقدم أداء عظيما رفقة الحارس جوردان بيكفورد مع إنكلترا في المونديال”. واختتم بقوله “كين لاعب عالمي، وهنا السؤال ‘هل يمكنه اللعب لأي فريق؟’.. أعتقد أنه كذلك، فالفرق الأخرى ستبحث له عن مكان لإقحامه في تشكيلاتها الأساسية”. ويمكن التأكيد على أن الأداء الذي ظهر به كين على مدار آخر عامين في الدوري الإنكليزي الممتاز وكذلك إنكلترا، يجبر الأندية الأوروبية الكبرى على التحرك لضمه إذا كان متاحا في السوق، وعلى رأسها ريال مدريد ومانشستر يونايتد والأندية القادرة على دفع 100 مليون جنيه إسترليني للتعاقد معه. ويمتلك كين مستوى ثابتا وعقلية قوية، فضلا عن قوة بدنية، لذا فهو بالنسبة إلى الجميع لاعب مبهر من طراز رفيع، وهو ما يصب في مصلحة المنتخب الإنكليزي خلال مشاركته في مونديال روسيا. تعزيز آمال المونديال عانى المنتخب الإنكليزي لكرة القدم من حجم الضغوط والتوقعات التي ترافق الفريق في مشاركاته بالبطولات الكبرى في ظل المستوى الهائل للدوري الإنكليزي وانتظار وتوقعات الجماهير ووسائل الإعلام لتطور مماثل في مسيرة المنتخب الإنكليزي على الساحة العالمية. ولكن النتائج لم تقترب من هذه التوقعات منذ أن أحرز الفريق المركز الرابع في بطولة كأس العالم 1990 بإيطاليا. وتراجعت نتائج الفريق في البطولات الدولية الكبيرة منذ ذلك الحين حيث خرج المنتخب الإنكليزي (الأسود الثلاثة) من دور الستة عشر في بطولتي كأس العالم 1998 و2010 ومن دور الثمانية في بطولتي 2002 و2006 بينما كانت النسخة الأسوأ للفريق في مونديال 2014 بالبرازيل حيث ودع فيها البطولة من دور المجموعات بعدما أنهى مبارياته في المركز الأخير خلف منتخبات كوستاريكا والأوروغواي وإيطاليا. وبعد الخروج من دور الـ16 في بطولة كأس الأمم الأوروبية الماضية بفرنسا على يد أيسلندا، حل المدرب سام ألارديس مكان روي هودجسون ولكنه ظل مع الفريق لمباراة واحدة فقط ثم استقال من تدريب الفريق لتبدأ حقبة جديدة في تاريخ منتخب الأسود الثلاثة. وتولى غاريث ساوثغيت تدريب الفريق في نوفمبر 2016 بعدما تولى المسؤولية في البداية بشكل مؤقت. وأجرى ساوثغيت المدافع السابق لفريق ميدلسبروه الإنكليزي عملية فحص شامل للفريق. كما لجأ إلى تغيير طريقة لعب الفريق إلى 3-5-2 واستعان بالعديد من اللاعبين الشبان. واجتهد ساوثغيت مع طاقم معاونيه في تخفيف الضغوط على لاعبي الفريق. ويبدو مقر إقامة الفريق في ريبينو شمال مدينة سان بطرسبرغ نموذجا جيدا لتغيير الأجواء وتوجه الفريق تحت قيادة ساوثغيت. وقال ساوثغيت “نريد الاندماج والارتباط بالمجتمع المحلي. ولكن، بنفس القدر، من المهم أن يكون لدينا مقر يمنح اللاعبين الراحة والابتعاد عن الإزعاج”. منذ مباراته الأولى في كأس العالم، دون كين اسمه إلى جانب أساطير الكرة الإنكليزية، لأن اللاعب الأخير الذي سجل ثنائية للمنتخب الوطني خلال مباراة في كأس العالم كان لينيكر عام 1986 ضد الكاميرون ورغم الفوز على نسور قرطاج بصعوبة وبهدف متأخر بضربة رأس من هاري كين قـدم المنتخب الإنكليـزي في هـذه المبـاراة أحـد أفضل عروضه منـذ سنـوات طـويلة حيث صنع العديد من الفرص لهز شباك المنافس. ويقيم الفريق في فندق يتسم بالهدوء وسط غابات كثيفة ولكنه بالقرب من مدينة ريبينو نفسها وأيضا من شاطئ البحر. وتبدو المنشآت في مقر الإقـامة أقل كثيرا من الفنادق الفخمة التي اعتادها الفريق من قبل مثلما كان الحال في راستنبرغ بجنوب أفريقيا في مونديال 2010. ولكن المنشآت تبدو أيضا مريحة ومشجعة حيث تساهم في إبعاد الجدل بشأن التوقعات المتعلقة بالفريق كما تمنحه العزلة النسبية. وخلال المونديال البرازيلي في 2014، كان على الفريق أن يقطع رحلة بالسيارة تمتد لساعتين من أجل الانتقال من مقر الإقامة إلى ملاعب التدريب والعكس، ولكن مقر الإقامة خلال المونديال الروسي منح اللاعبين فرصة أكبر للاسترخاء والراحة. هاري كين جلاد من طينة الكبارهاري كين جلاد من طينة الكبار كما يقع المركز الإعلامي على بعد دقيقتين فقط من مقر إقامة الفريق، ويستمتع اللاعبون بالذهاب إليه لاستخدام غرفة الألعاب التي تتضمن ألعابا مثل البولينغ والهوكي الطائر وعدد من الأنشطة الترفيهية الأخرى. ودخل اللاعبون في منافسة مع الصحافيين بلعبة السهام المريشة. وحتى الآن، حقق اللاعبون الفوز في جميع المواجهات الأربع مع الصحافيين حيث اكتسح جاري كاهيل وجوردان بيكفورد وديلي آلي وإيريك داير منافسيهم من الصحافيين. وحتى الجلسة الاستشفائية التي خضع لها اللاعبون في حوض السباحة بعد مباراة تونس شهدت حرص جيسي لينغارد نجم الفريق على استعارة كاميرا أحد الصحافيين من أجل التقاط الصور. ويبدو هذا كله على النقيض تماما من العلاقة المتوترة التي كانت تجمع اللاعبين بالصحافيين في بطولات كأس العالم الماضية.

مشاركة :