لماذا عادت بريطانيا للخليج؟ - أيمن الحماد

  • 12/9/2014
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن منطقة الخليج العربي تأبى إلا أن تكون محط أنظار القوى الكبرى واهتمام وتطلع القوى الصاعدة، فالأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين يبدو أنه سوف يستقبل جاراً جديداً في الأيام المقبلة، إذ قررت بريطانيا العظمى إعادة التموضع في هذه المنطقة التي أهملتها - على حد قول وزير دفاعها مايكل فالون – لأكثر من أربعين عاماً عندما قررت أن تتوارى هناك في أقصى شمال أوروبا. الاتفاقية العسكرية التي وقعتها بريطانيا والبحرين قبل أيام تعكس عدة أمور لا يجب إغفالها، فالدول الكبرى لا تقدم على مثل هذه الخطوة الاستراتيجية إلا وقد وضعت أمامها أهدافاً محددة. أولاً تدرك المملكة المتحدة أن حليفتها أميركا عازمة على نقل 70% من أسطولها البحري العالمي إلى المحيط الهادئ في عملية اسمتها "المحور الآسيوي"، وأن تلك الخطوة من شأنها الإخلال بميزان القوى في الخليج والشرق الأوسط، لذا كان لا بد لها أن تتحرك لممارسة دور سياسي وعسكري في المنطقة، التي اصطبغت بالصبغة الأميركية منذ حوالي السبعين عاماً، ولم يكن بمقدور بريطانيا في ذلك الوقت منافسة الولايات المتحدة التي للتّو خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية في وقت كانت المملكة المتحدة تشهد انحساراً في النفوذ بعد أن شاخت وترهلت بفعل الأحداث والتوسعات العالمية. الأمر الثاني الذي يشعرنا بإستراتيجية التحرك البريطاني هي أن الراهن والحاجة إلى الطاقة ما زال قائماً، وأن منطقة الخليج العربي لم تفقد بريقها بل مازالت في ريعان شبابها وأمامها الكثير لتقدمه، خصوصاً بعد أن أثبتت تماسكها واستقرارها في وجه أكثر الأزمات السياسية شدة وتأثيراً. الأمر الثالث وهو ذو صلة بسابقه هو التخوف من نشوء وتشكل بؤرة إرهابية أشد ضراوة من تلك التي تشكلت في أفغانستان كون عدد من الدول العربية تشهد مناخاً سياسياً مضطرباً هو الأكثر تفضيلاً وخصوبة لتكاثر الجماعات المتطرفة، التي تعد أحد أخطر ما يهدد أمن الدول الغربية، لذا كانت جملة "أمنكم أمننا" من الكلمات التي رددها وزيرا الدفاع والخارجية البريطانيان في حوار المنامة الذي أقيم قبل أيام، فالدول الكبرى علاوة على خشيتها من خطر الإرهاب تخشى من نشوء نزاع عسكري بين دول المنطقة، لاسيما وأن العلاقات بين دول ضفتي الخليج متأزمة تاريخياً، وهي بذلك تريد ضمان أمن تدفقات الطاقة. الأمر الرابع إجهاض أي طموحات توسعية للقوى الصاعدة سواء الهند أو الصين، واللتان انخرطتا في عمليات عسكرية بحرية لم تكونا قد اعتادا على الاضطلاع بها تحت غطاء المناورات العسكرية أو الحرب ضد القرصنة، وحتى روسيا التي ترغب في تسجيل حضور سياسي وعسكري في المنطقة من خلال استغلال الأزمة السياسية التي تمر بها، خصوصاً وأن قاعدتها الأخيرة في الشرق الأوسط والتي تتمركز في طرطوس تعيش أيامها الأخيرة بفعل تداعي النظام السوري. الخطوة التي اتخذتها بريطانيا بإنشاء قاعدة عسكرية بحرية، وإن بدت بشكلها وإطارها العام بناءة وذات جدوى، إلا أن من شأنها أن تعزز وتذكِي حدة التنافس، وتزيد من حدة الاستقطاب بين الدول الكبرى أو حتى تلك التي ترى في التواجد العسكري الأجنبي في مياه الخليج أمراً غير مرحب به.

مشاركة :