على مدى اليومين الماضيين، شهدت ايران احتجاجات واضرابات في العاصمة الايرانية طهران وعدة مدن بعد انهيار سعر الريال الايراني إلى مستوى قياسي منخفض جديد وسط مخاوف من عودة العقوبات الأميركية. وشهدت اجزاء كبيرة من بازار طهران امس اضرابا بعد أن وصل سعر الدولار والذهب إلى أرقام غير مسبوقة في عمر الجمهورية الإيرانية، حيث تخطى لأول مرة خلال 40 عاماً، 80 ألف ريال إيراني. وخرج المئات من أصحاب المحال والإيرانيين في تظاهرات، رفعوا خلالها شعارات سياسية واقتصادية، مثل: «اخرجوا من سوريا وفكروا في حالنا». وملأت احتجاجات التجار امس منطقة «جسر حافظ» في طهران، في حين أغلق الباعة المحال التجارية، احتجاجاً منهم على ارتفاع سعر صرف الدولار. وقالت وكالات الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «فارس» و«إسنا» و«تسنيم»، إن الاحتجاجات اندلعت بعدما انخفض الريال الإيراني إلى 90 ألفا مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء، بالرغم من محاولات الحكومة السيطرة على سعر العملة. وفي موشر على دخول ايران اجواء الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها في ديسمبر الماضي، اندلعت امس اشتباكات بين محتجين غاضبين مطالبين باستقالة الرئيس حسن روحاني وبين قوات الشرطة أمام مجلس الشورى الذي كان يناقش في جلسة مغلقة الانخفاض المستمر للعملة، وما ترتب على ذلك من أضرار على الاقتصاد. اشتباكات مع الشرطة وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، وفقا لتسجيلات مصورة على الإنترنت، في محاولة لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مبنى البرلمان. وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي المتظاهرين وهم يوبخون الذين رفضوا الإغلاق، ويصيحون بالفارسية: «جبان!». وبعد ذلك بوقت قصير، على بعد كيلومترين من البازار الكبير، أظهرت مقاطع مصورة بثها الإيرانيون على وسائل التواصل الاجتماعي حشودا تواجه الشرطة عند البرلمان. وتظهر المقاطع الغاز المسيل للدموع في الهواء، بينما يصرخ المحتجون «لقد هاجمونا بالغاز المسيل للدموع!»، وسمع رجل آخر يصيح بقوله: «عودوا». وفي نهاية العام الماضي، نظمت احتجاجات مماثلة في إيران وانتشرت إلى نحو 75 مدينة وبلدة، لتصبح أكبر تظاهرات تشهدها البلاد منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009. وتسببت الاحتجاجات في أواخر ديسمبر ومطلع يناير الماضي في مقتل 25 شخصا في الأقل واعتقال السلطات لما يقرب من 5 آلاف شخص. ومع ذلك، انتشرت تلك الاحتجاجات بشكل كبير في محافظات إيران على عكس طهران. ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية في إيران نبأ تظاهرة البازار الكبير، بينما كانت وكالة «فارس» هي الوحيدة التي أوردت احتجاجات البرلمان، مشيرة إلى أن أصحاب متاجر فقط يطلبون من «المشرعين وقف ارتفاع الأسعار». ولطالما كان «بازار طهران الكبير» في طهران مركزا للمحافظين في السياسة الإيرانية ويظل قوة اقتصادية داخل البلاد – بالرغم من بناء مراكز تسوق ضخمة حول المدينة. وعارض تجار البازار الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي ودعموا الثورة عام 1979 التي أطاحت به وأتت بحكومة دينية تحولت إلى دكتاتورية قائمة على نظام الملالي. حكومة عسكرية تزامناً مع هذه الاحتجاجات، أثارت صور منتشرة للرئيس الإيراني يظهر فيها وهو في نزهة بزي رياضي هجوم واستياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، حيث انتقد النشطاء الإيرانيون إهمال روحاني للأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تضرب البلاد. ونقل التلفزيون الرسمي عن محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف قوله امس إن الحكومة تعتزم إنشاء سوق موازية الأسبوع المقبل لمواجهة السوق السوداء. وفي غضون ذلك، دعا بعض المحافظين إلى إجراء انتخابات جديدة أو استبدال حكومة روحاني المدنية بأخرى عسكرية. ونشرت وكالة «فارس»، التي يعتقد أنها مقربة من الحرس الثوري الإيراني المتشدد، مقالا امس نقلا عن صحيفة «صبح نو» (الصبح الجديد) اليومية يقول إن الحكومة على استعداد «للاستسلام للتهديدات الخارجية والجلوس على طاولة المفاوضات». (رويترز، ا ف ب، سكاي نيوز)
مشاركة :