لن ييأس الشعب العراقي من قطع اليد الأجنبية الممتدة داخل العراق. لقد فرحت مجموعات كبيرة من الشعب العراقي، بعد أن تأكد لها أن قائمة «سائرون»، التي يتزعمها مقتدى الصدر، جاءت في المركز الأول. ظناً منهم أنه سيسعى الى تحقيق الشعارات التي كان ينادي فيها، كمحاربة الفساد والفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة. ومدنية الدولة ومحاربة المحاصصة الطائفية المسؤولة عن الكوارث التي شهدها العراق. ونادى بحصر السلاح في يد الدولة. ولكن بعد ساعات من تسرب أنباء أفادت عن لقاء في النجف جمع قاسم سليماني مع مقتدى الصدر، وبعد هذا اللقاء تم التوصل إلى اتفاق بين قائمة سائرون وقائمة الفتح. وتضم قائمة الفتح فصيلين رئيسيين هما منظمة بدر، يرأسها هادي العامري، وحركة عصائب الحق بزعامة قيس الخزعلي، وهما من الموالين لإيران. من الواضح من خلال التفاهمات بين الكتل الفائزة في الانتخابات العراقية -إن ثبت صحتها- أن الكتلة الأكبر في ذلك المجلس والتي ستتكون منها الحكومة القادمة وغالبية مجلس النواب ستكون موالية لإيران، أي أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، قد نجح في تثبيت النفوذ الإيراني في العراق على الأقل في السنوات الأربع المقبلة. وانتقد كثير من الكتاب الوطنيين موقف الصدر، واتهموه بالتخلي عن حلفائه والشعارات التي كان يرددها أثناء الحملة الانتخابية، وما نادى به من محاربة النفوذ الإيراني بتحالفه الواضح مع الموالين لإيران. واتهمه البعض بعدم القدرة على فهم الوضع العراقي المضطرب، وبالتالي اتخاذ الموقف المناسب لإنقاذ العراق من محنته. ربما لأصحاب تلك الآراء بعض الحق في ما ذهبوا إليه، ولكن عليهم أن يدركوا أن الفوز الذي حققته قائمة الصدر لا يمكنه من تشكيل الحكومة منفردا، بل يحتاج الى ان يتحالف مع كتلتين على الأقل، ليتمكن من تكوين الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة. ويقال إنه كان يتخوف من تعرض العراق لحرب أهلية، فاضطر الى هذا التحالف ليجنب العراق مآسي الحروب الأهلية. ومع أنني أقدم الأعذار للزعيم الصدر، ولا أشكك في وطنيته أو أقلل من كفاءته وقدرته على تحمل المسؤولية وقيادة العراق للطريق السليم. إلا أنني كنت أتمنى لو أنه رجع الى قواعده الانتخابية واستشارها بأن يبقى تكتله معارضا في هذا المجلس، يدافع عن قضايا الوطن ويراقب الحكومة، ويطالب بعروبة العراق ومحاربة الفساد. ويتصل بالغالبية الشعبية التي قاطعت الانتخابات، ويقنعها بممارسة حقها الوطني، لكان أفضل له ولتكتله.. فالكتل المتعاونة مع إيران ضعيفة ويجب ألا يخشى بأسها. فالمطالبون بعروبة العراق ووطنيته هم الأقوى بالنسبة لمستقبل العراق. د. عبدالمحسن حمادة
مشاركة :