بعد الغضب الشعبي الناجم عن الأوضاع الاقتصادية المتردية في إيران، وما أعقبه من إضرابات في «البازار الكبير»، أقدم الأمن الإيراني على تنفيذ سلسلة أعمال انتقامية لإرهاب التجار في طهران، أمس الثلاثاء. وأظهرت لقطات مصورة، نشرها ناشطون إيرانيون، رجال أمن يداهمون المحلات التجارية وسط العاصمة طهران، وذلك غداة إضراب عام شل البازار، ومظاهرات حاولت السلطات قمعها. ووثق الفيديو، الذي نشر على مواقع معارضة للنظام الإيراني، إقدام الأجهزة القمعية على تحطيم نوافذ المحلات التجارية، وإرهاب أصحابها عبر إشهار الأسلحة في وجوههم. وتحمل انتفاضة «بازار طهران الكبير» المترامي الأطراف في طهران، رسائل تحذير للنظام، لاسيما أنه كان مركزا للمحافظين في السياسة الإيرانية، ما ينذر بتحول كبير لصالح المعارضة في حال دخل في صدام مع السلطات. وعارض تجار البازار، وهو قوة اقتصادية داخل البلاد، الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي ودعموا الثورة عام 1979 التي أطاحت به، قبل أن يسرقها الملالي الذين أدخلوا البلاد في مرحلة جديدة من الديكتاتورية. وكانت طهران شهدت الاثنين صدامات بين محتجين غاضبين والأمن أمام البرلمان، في أحدث موجة من المواجهات منذ اندلاع مظاهرات مشابهة هزت البلاد، مستهل العام الجاري. وتشير المظاهرة إلى استياء واسع من القبضة الأمنية للنظام، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية عقب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، وإعادة تفعيل عقوبات على البلاد. وقالت وكالات الأنباء الإيرانية «فارس» و«إسنا» و«تسنيم» إن الاحتجاجات بالبازار الكبير اندلعت عقب تراجع الريال الإيراني إلى 90 ألفا مقابل الدولار في السوق السوداء. واعتقل الأمن، الاثنين، العشرات في محاولة لوقف المظاهرات، إلا أن تلك الخطوة باءت بالفشل مع تصاعد الغليان الشعبي ضد سياسات النظام الحاكم، الذي أدخل البلاد في نفق مظلم. وتعد المظاهرات مؤشرا على حالة واسعة من عدم الارتياح تحت السطح في إيران، تجسدت نهاية العام الماضي، حين نظمت احتجاجات في نحو 75 مدينة وبلدة عبر أنحاء البلاد. وأمس، اتسعت الاحتجاجات التي بدأت في طهران بالتزامن مع إضراب عام للبازار الرئيسي في العاصمة ضد انهيار عملة الريال، وارتفاع الأسعار بشكل مضاعف وتوقف البيع والشراء، حيث أغلقت المحلات في مختلف أسواق العاصمة محلاتها، وسط تصاعد الهتافات بإسقاط النظام وتنحي مرشده الأعلى علي خامنئي. وتظهر فيديوهات بثها ناشطون عبر مواقع التواصل امتداد المظاهرات من ساحة «سبزه» وسط العاصمة مع شعارات «اخرجوا من سوريا وفكروا بحالتنا»، إلى ميدان «شوش» جنوب العاصمة طهران، حيث أظهر مقطع اشتباك عدد من الشبان مع وحدات من قوات مكافحة الشغب، هناك. كما نشر ناشطون مقاطع وصوراً تظهر هجوم قوات الأمن الإيرانية على المحتجين بالقرب من سوق الذهب في طهران، الذي انضم أصحاب محلاته للاحتجاجات، حيث أطلقت العيارات المطاطية ضدهم. وفي أصفهان، وسط إيران، انضم البازار الرئيسي في المدينة وهو من أكبر أسواق البلاد إلى الإضراب العام. وفي مدينة أراك، مركز محافظة ألبرز، أغلقت كافة المحلات في السوق الرئيسي أبوابها، تضامنا مع الإضراب العام في البلاد. كما اندلعت احتجاجات وإضرابات في المحافظات التركية الأذرية والكردية، حيث أغلق باعة محلات سوق الذهب في مدينة تبريز، مركز محافظة أذربيجان الشرقية أبوابهم وأعلنوا تأييدهم لـ إضراب تام. كما أعلن أصحاب محلات سوق مدينة كرمنشاه الكردية غرب إيران، توقفهم عن العمل وأغلقوا محلاتهم صباح الثلاثاء. من جهته، دعا المحامي والناشط الحقوقي البارز، قاسم شعلة سعدي، المرشد الأعلى للنظام الإيراني إلى التنحي عن الحكم وتسليم السلطة للشعب قبل فوات الأوان. وقال شعلة سعدي في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر: «سيد خامنئي! هذا المسار يؤدي إلى انهيار النظام. سواء قبلتم شروط ترامب أو أردتم الحرب معه أو قمتم بقمع احتجاجات الشعب، فالنتيجة هي تغيير النظام بعامل خارجي. بقيت طريقة واحدة فقط! منح السلطة للمعارضة النابعة من الشعب بطريقة سلمية.
مشاركة :