الإبداع ربما يكون بذرة لمأساة أو حزن عميق، تنمو وتترعرع ويكون ثماره فنًّا يطرب العالَم سنوات ما دامت الدنيا باقية، فكانت قصيدة الأطلال التي تغنّت بها كوكب الشرق أم كلثوم، حصاد حزن أضمره قلب الشاعر إبراهيم ناجي سنوات طويلة، أحب ناجي بنت الجيران وهو ابن 16 سنة، سافر ليدرس الطب، وعند رجوعه تزوجت، لكنه لم يستطع أن ينسى حبه لها، ولم يعرف لها مأوى.مرت 15 سنة وما زال حبها يداعب قلبه، يئن له تارة، وأخرى يأنس به، وفي إحدى الليالي بعد منتصف الليل التقى رجلا أربعينيا يستغيث به لينقذ زوجته التي كانت في حالة ولادة عسيرة، في بيت الرجل كانت الزوجة مُغطّاة الوجه، وكانت في حالة خطرة جدًّا وهو يحاول أن ينقذها، فجأة بدأت أنفاسها تقل وتغيب عن الوعي، عندها طلب "ناجي" منهم أن يكشفوا وجهها حتى تتنفس، وكانت الصدمة هي حُب عمره التي لم ينسها يومًا.ورغم مُضي سنوات طويلة على هذه القصة فإنه انفجر باكيًا عندما رآها بين يديه، حبيبته التي سكنت قلبه، وأبى حبها فراقه، وسط ذهول المتواجدين، ولا أحد يفهم ما يحدث.بعد قليلٍ رُزقت بمولودها وأصبحت بخير، وانصرف الشاعر الطبيب، وكتب قصيدته الرائعة الأطلال، التي غنّتها كوكب الشرق، وظلّ العالم يتغنى بها لهذه اللحظة.يا فؤادي لا تسل أين الهوى، وفي الأصل قبل تعديلها لتناسب قافية الغناء، يا فؤادي رحم الله الهوى.ويا حبيبي كل شيء بقضاء، ما بأيدينا خلقنا تعساء ربما تجمعنا أقدارنا، ذات يوم بعد ما عزّ اللقاء.- ناجي بعد كل الحب هذا لم يكتفِ، فطلب من أم كلثوم أن تغني القصيدة، وغنّت أم كلثوم "الأطلال" وقالت "هل رأى الحب سكارى مثلنا". التي هزت قلوب ملايين العشاق في العالم جيل بعد جيل بعد جيل، لا أحد يعرف سر السحر في القصيدة والأغنية المستمدة من قصة حب مدهشة، وهكذا يعيش الحب ولو بالاطلالبعض من أبيات قصيدة الأطلال:يا فؤادي لا تسل أين الهوىكان صرحًا من خيالٍ فهوىاسقني واشرب على أطلالهواروِ عني طالما الدمع روىكيف ذاك الحب أمسى خبرًاوحديثًا من أحاديث الجوى.
مشاركة :