المملكة حققت توازناً دقيقاً بين الأصالة والمعاصرة في كافة المجالات

  • 9/8/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

المهندس عاطف حلمي باختصار وجه بشوش، وابتسامة مرحبة تغريك بدخول مباشر الى عالمه، وما أن تخطو خطوتك الأولى حتى تتملكك الدهشة، فخلف هذا الوجه الطيب منجزات تعجب كيف اتسعت لها سنوات محدودة منذ تخرج في هندسة القاهرة بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وحتى اليوم، مرورا بعمله في شبابه الباكر في شركة T&NCR / AT الى أن تقلد منصب المدير العام في نفس الشركة في الإمارات العربية المتحدة ، وبعمله بالشركة العالمية للبرمجيات اوراكل وما حققه من نجاح كبير في توسيع مجالات التشغيل للشركة، وتوسيع قاعدة الشراكة فأصبح المدير عام لأوراكل لمنطقة مصر وشمال أفريقيا، وبعديد من المناصب الرفيعة التي ربما لا يتسع لها المجال هنا، ولكنه في انتقاله من منصب الى آخر كان يترك توقيعا بمنجز خاص استطاع أن يحققه، وحول هذا كله يصطف خمسة آلاف متدرب من كليات الهندسة هم الذين يشغلون المناصب القيادية في مجالات الاتصالات. هو باختصار أيضا رجل يعرف كيف يختار أحلامه، وكيف يترجمها كما سنرى من خلال هذا الحديث . *معالي الوزير، اسمح لي بسؤال عام قبل أن تشغلنا زيارتكم للمملكة العربية السعودية وكثرة الاسئلة عنها: كيف ترون المشهد للحياة المصرية الآن ؟ _ نحن الآن في فترة للبناء، لا يشغلك بعض حوادث العنف هنا أو هناك لأنها ارتعاشات الاحتضار، لدينا أحلام كبيرة نريد أن نحققها، ولدينا رؤى واضحة للمستقبل، ولدينا استراتيجيات نلتزم بها في كل خطواتنا، قد لا تكون تلك الخطوات قد وضحت للناس وأعلنت عن نفسها وهذا أمر طبيعي، لأنك حين تقيم بناءً جديدا عليك أولا تصحيح الأخطاء لتضمن سلامة البناء، ونحن جادون في التصحيح وفي البناء معا. جامعة الملك عبدالله هي حدث القرن .. وجامعة الملك سعود استبقت العالم بإدخال الحرف العربي إلى الحاسب *ما هي من وجهة نظركم أبرز تلك الأخطاء ؟ _ بعض تلك الأخطاء فادح يصعب تصوره ولا تدري لماذا كان، وبعضها بسبب قصر النظر أو الجهل أو اضمار الشر. مثلا مصر كما نعلم بلد كبير وقوي بتراثها الحضاري وبجيشها وبالقوى العاملة فيها – شعبها – وبعض مؤسساتها كالقضاء والأزهر وغيرهما.. لكن هذه القوة لا تكتسب فاعليتها وتدب العافية في أوصالها دون ظهير عربي واسلامي يساندها، ولفترة طويلة كانت العلاقات بين مصر وأشقائها تكاد تستهلكها التقليدية والاعتياد .. نحن الآن نرغب في تكاتف السواعد بدلا من ادارة الظهور .. هذا مهم للتاريخ العربي. لقد مررنا بالتجربة على أرض الواقع حين بذلنا جهودا مضنية للحصول على قرض من البنك الدولي ولم نوفق، وعندما تغير توجهنا وبدا أننا نفسح المجال لمشاعرنا العربية الأصيلة لتعيد تواصلنا تدفقت علينا المساعدات العربية، بطبيعة الحال لا تستطيع أمة أن تعيش على المنح والمساعدات والقروض حتى وان كانت من الأشقاء، لابد أن تنتج، وانما تأمل : مصدر بالغ الأهمية من مصادرنا هو السياحة التي هربت من مصر لأن فئة من الناس أو فصيل ما يخل بالأمن في شوارعها، ولا تدري لأي الأسباب، يأتي وقت لا تعرف هل هؤلاء يريدون أن يحرقوا الأرض ويقتلوا الشعب، أم أنهم فئة ضالة لا تعرف الصالح من الطالح، لا تملك سلامة النظر أو وضوح الرؤية .. هذا خلل آخر نجتهد في تصحيحه الى أن يعود للشارع المصري وللبيت المصري أمنه وسلامه واستقراره. نسعى إلى تكامل عربي في قطاع الاتصالات يطلق فعالية الإبداع العربي * دعني أسألكم عن بعض أحلامكم لهذا القطاع الهام " الاتصالات وتكنولوجيا الاتصال" - العالم يتحدث عن هذا المجال باعتباره أهم منجزات هذا العصر، الحاسب الآلي والانترنت والهاتف المحمول والأقمار الصناعية والفضائيات وما الى ذلك، لابأس هذه أدوات حضارية ينتجها الغرب وامريكا وبعض الدول الآسيوية ونحن نستخدمها، هنا حلم أن نكون منتجين ومبتكرين وليس مجرد مستهلكين، وهو حلم لا يتخبط في فضاء لأننا في المنطقة العربية نملك كفاءات نادرة وخبرات علمية وقادرون على تحقيقه بمجرد أن نضع لهذا " الاستراتيجية" المناسبة. دعني أذكرك بشيء ربما تذكره. في أوائل الثمانينيات مع بداية ظهور الحاسب الشخصي كان لا يستخدم الا الحرف اللاتيني (الانجليزية والفرنسية) ولم يكن بالامكان كتابة كلمة واحدة باللغة العربية، وفوجئنا بجامعة الملك سعود تطرح ملفا صغيرا أسموه (mu) يتم تحميله على الجهاز فيصبح الجهاز قادرا على الكتابة العربية واللاتينية معا. هذا استباق لجامعة الملك سعود وللمملكة لكل شركات الحاسب والبرمجيات في العالم، لكننا اعتمدنا بعد ذلك على ادخال تلك الشركات للحرف العربي فلم نطور ما ابتكرناه، كذلك انتجت السعودية شريحة خاصة أسموها " Arab ram " يتم توصيلها بأجهزة سنكلير لتكتب الحروف العربية، وكانت هناك محاولات مماثلة للشركات المنتجة لجهاز "الرائد" و" صخر" في الكويت وكلها لم تتم مشوارها. اذا كان هذا هو تاريخنا وكفاءتنا ألا ينبغي أن نصبح منتجين لأدوات هامة ومصدرين لها، فهذا هو ما يليق بتاريخنا وحضارتنا الملهمة والمعلمة ؟ . في مصر أنتجنا جهازا لوحيا، ثم رأينا أن ندخل عليه اضافات جديدة تجعله منافسا لأجهزة الآي باد في الامكانيات وفي السعر وأوشكنا على الانتهاء من تلك التعديلات وانتاجه. حلم آخر كبير يبسط أجنحته على الوطن العربي، أحلم بمنتج يكتب عليه " صناعة عربية " ، التكامل العربي الذي يجمع تحت خيمته كفاءات عربية من هنا وهناك باتجاه هدف واحد، فعالمنا العربي ملئ بالعقول العبقرية، وبالمؤسسات الراقية التي يمكن أن تسهم في مشروع عربي يستبق العصر. *بمناسبة زيارتكم للمملكة هل بسبب تلك القناعات تبدأون جولتكم العربية بالمملكة ؟ وما هي بعض بنود أجندة الزيارة؟ - الزيارة للمملكة العربية السعودية وبعدها الامارات والكويت، وبصرف النظر عن أنها زيارة الى بلاد نحمل لها كل الاحترام وكل التقدير للموقف الوطني والنبيل تجاه مصر، فربما تكون تكنولوجيا الاتصال هي آخر منجزات هذا العصر لقدرتها على اختزال الزمان والمكان، فاذا وضعت في اعتبارك القواسم المشتركة من الدين واللغة والثقافة والتاريخ، وكذلك ما حققه كل بلد من منجز علمي أصبحت لدينا قاعدة متينة للانطلاق.. ومنذ قليل كنت أحدثك عن جامعة الملك سعود التي استبقت العالم في ادخال الحرف العربي الى حاسب أعجمي، وما نعرفه أن المملكة متقدمة جدا في هذا المجال، وهناك مؤسسات عملاقة كجامعة الملك عبدالله بمناهجها وادارتها ورجالها، هذه الجامعة هي الحدث الأهم لهذا القرن، وهناك شركات للاتصال تقوم بعملها بشكل رائع.. وبالمقابل لدينا في مصر مؤسسات كبرى كالقرية الذكية وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) ومعهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) والمعهد القومي للاتصالات(NTI) والمركز القومي لتوثيق التراث الحضاري والطبيعي (CULTNAT) وجامعة النيل وغيرها. هنا مجال هائل لتبادل الخبرات وتلاقح المعارف وتبادل دورات التدريب، وهنا أيضا – على صعيد اقتصادي – فرصة مواتية للاستثمار العربي في هذا القطاع، فقد أثبتت الدراسات أن الاستثمار في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ترتفع جدواه عن غيره من أشكال الاستثمار، كأننا نضرب مائة عصفور بحجر واحد كما يقولون. *هل زيارتكم الرسمية مقصورة على لقائكم ومعالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي المهندس محمد جميل بن أحمد ملا ، أم ستمتد الى بعض الجهات التي ذكرتموها؟ - الزيارة تهدف إلى دفع آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واستعراض النجاحات والتنافسية التي حققها القطاع في كلا البلدين وسبل استثمار هذه النجاحات في تبادل الخبرات والمعلومات والتدريب وتقديم الخدمات التكنولوجية، وتشجيع الاستثمارات في هذا القطاع، وكذلك ما يمكن أن يسهم به هذا في ازكاء نشاطات التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال ما توفره لها من خدمات كالتطبيقات التي تنعكس على الاقتصاد أوالسياسة أو المجتمع فيما يمكن ترجمته – يدخل ضمن ذلك طبعا خدمات التعليم والصحة والتدريب التي تترجم الى تطبيقات وتطرح للاستخدام عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصال (التكنولوجيا الرقمية) وهو ما نطلق عليه " التنمية الاجتماعية والاقتصادية الرقمية" وبالتالي فبعد لقاء معالي الوزير سأقوم بالاجتماع مع مجلس الغرف التجارية السعودي كما أقوم بزيارة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ، وزيارة لشركات الاتصالات السعودية . * هل يصب هذا التعاون والشراكة في النهاية في صالح المؤسسات، أم أن ذلك سينعكس بشكل ما على المواطن العربي في المملكة وفي مصر ؟ - بل ثلاثة أطراف، المواطن واحد منها – وهو الطرف الأهم - اذ ستنخفض بشكل لافت تكلفة ما يقدم له من خدمات اومنتجات وفي مقدمتها خدمات الانترنت فائق السرعة والهاتف وغيره، فضلا عن الارتفاع بمستوى الخدمة، والمؤسسات هي الطرف الثاني بطبيعة الحال، لكن قبل ذلك كله ما أشرت لك اليه عرضا، التكامل العربي في هذا المجال مما يجعل منه فعالية مبدعة تحقق لنا طموحنا في أن نكون منتجين لا مستهلكين، والحقيقة أن المملكة واعية لهذا الأمر وليس في مجال تكنولوجيا المعلومات فقط بل في مختلف المجالات، تأمل المشهد في المملكة في مجمله لترى كيف تقيم توازنا دقيقا بين " الأصالة" و"المعاصرة" ، فهي قبلة المسلمين وهذا يحتم عليها أن تحافظ على هويتها العربية والاسلامية فتتأكد لها أصالتها، وهي واعية لضرورة ضبط خطوها على ايقاع العصر فتكتسب حداثتها، واذا أردت مثلا قريبا منك فخذ الحياة الثقافية، ستجد الاهتمام بالتراث مواكبا ومسايرا للتعرف على أحدث التيارات والاتجاهات، وفي الوقت الذي تتوفر دراسة علوم الحديث والتفسير والشريعة تتوفر الدراسات العلمية المتخصصة، وما لا يتوفر منها من تخصصات نادرة أو دقيقة تجد في اثره نشاطات الابتعاث.

مشاركة :