بدا خطاب وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في مؤسسة «هيريتيج»، والذي تمحور حول آفاق تطبيق إجراءات قاسية من أجل وقف السياسات العدائية الإيرانية، أنه يطرح سؤالاً جوهرياً بشأن السياسة الخارجية الأميركية: هل يمكنها تحقيق أهداف رئيسية من دون تحالف يضم أقوى حلفائها؟ وبدوره، حاول وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون أن يكون لطيفاً ودبلوماسياً قدر الإمكان في تقييمه للخطة «البديلة» لإدارة ترامب للتعامل مع إيران ما بعد فترة الاتفاق النووي، حيث تطرق إلى نقطتين أساسيتين، حيث قام في النقطة الأولى بوصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي أعلن الخطة الجديدة التي تهدف إلى مواجهة إيران بأقوى العقوبات في التاريخ، بأنه «إنسان عظيم»، في حين تركزت النقطة الثانية على حاجة الخطة الجديدة لإشراك المجتمع الدولي لتزداد فاعليتها، في تقييد وتعديل السلوك الإيراني. ربما أمل بومبيو بتحقيق الأفضل، لكن الواقع يفيد بأن اختلاف وجهات النظر بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي كانت طرفاً في الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، كان يلوح بظلاله الواسعة مع تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مدى العام الماضي بالخروج من الاتفاق إذا لم يكن بالإمكان إصلاحه بما يرضيه. الآن بما أن الولايات المتحدة أصبحت خارج الاتفاق، بدا بومبيو يدرك ضرورة التوافق مع حلفاء يشاركون الولايات المتحدة نظرتها إلى خطر السلوك الخبيث لإيران على المنطقة والعالم، بدعوته إلى تشكيل ائتلاف عريض من الدول يحل محل المجموعة الصغيرة من القوى العالمية الست التي توصلت إلى اتفاق مع إيران عام 2015. استخدم بومبيو ظهوره في مؤسسة «هيريتيج» في واشنطن للإشارة إلى الفروقات مع الأوروبيين بشأن كيفية التعامل مع مجموعة كاملة من «السلوك المؤذي» لإيران، ولتحويل التركيز إلى شركاء آخرين يقول إنهم يتفقون مع الولايات المتحدة حول إيران.وقال بومبيو: «نركز على الأوروبيين، لكن لدينا العديد من الشركاء حول العالم تراودهم مخاوف مماثلة مثلنا». يقول روبرت اينهورن، المستشار الخاص السابق لوزارة الخارجية بشأن منع انتشار الأسلحة النووية: «ما جلب إيران إلى طاولة المفاوضات هو الوحدة الصلبة والعقوبات الصارمة للغاية من قبل المجتمع الدولي». ويضيف: «إيران سوف تفعل كل ما في وسعها لدحض الاتهامات التي تواجهها تجاه سلوكها العبثي والمقوض للاستقرار، سواء من الولايات المتحدة أو جيرانها العرب، واستغلال الانقسامات داخل المجتمع الدولي الذي كان قد واجهها فيما مضى بموقف موحد». وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد فترة وجيزة من خطاب بومبيو: «لن يقبل» العالم بالنزعة الأحادية الأميركية، قائلاً «إن حقبة اتخاذ الولايات المتحدة للقرارات عن بقية العالم قد انتهت». لكن في الخيار بين الولايات المتحدة وإيران، فإن معظم الدول، بما في ذلك الأوروبية بالتأكيد، سوف تمضي في اختيار الولايات المتحدة، يقول محللو السياسة الخارجية، مؤكدين بأن هذا يفتح الباب أمام مشاركة الولايات المتحدة دبلوماسياً في تقديم قضيتها وبناء «التحالف الواسع» الذي يتصوره بومبيو. يقول مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو مركز أبحاث في واشنطن يؤيد العقوبات الصارمة على إيران: «لا أقول إن الأمر سيكون سهلاً، لكن حتى تحت قيادة دونالد ترامب لا تزال الولايات المتحدة دولة لا غنى عنها.. ولكثير من الدول الشريك الاستراتيجي والتجاري له أهمية» ويضيف: «في أي تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، لن يخاطروا بتلك الروابط الحيوية من أجل النظام الإيراني». ينبغي أن تركز إدارة ترامب على الفوز بالقادة الوطنيين لحلفائها الأوروبيين، على عكس قادة الاتحاد الأوروبي مثل موغيريني، يقول دوبويتز مضيفاً: «إذا كان الأمر عائداً لي، لوافقت على قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعقد هذا «التحالف الواسع» في باريس مع دعم قوي من الولايات المتحدة»، مضيفاً: «قال ماكرون أيضاً إنه يريد خطة شاملة للتعامل مع إيران، فدعونا نشجع على ذلك». - مراسل صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :