A A على خلاف ما استقر في الذاكرة الجمعية من تفوق الشاعرة الخنساء في فن الرثاء، ليس على مثيلاتها من الشاعرات؛ بل الشعراء أيضًا، قدّم الدكتور أيمن ميدان، وكيل كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، رؤية مخالفة بترجيح تفوق الشاعرة ليلى الأخيلية في هذا الفن على الخنساء؛ بإشارته إلى أن «رثاء ليلى لمحبوبها (توبة) يمثل تجربة إنسانية ثرية، بحيث تجعل من فقدها مرثية غزلية، فهي تحكي برثائها لحبيبها فقدها لقيمة وليس لرجل، بينما رثاء الخنساء سيطرت عليه فكرة الفقد ودموع الفراق». جاء ذلك في ورقته البحثية «شعر ليلى الأخيلية مقاربة نقدية»، التي طرحها يوم أمس الأول ضمن الندوة التي تناولت الشاعرة «الأخيلية»، حيث انتقد «ميدان» قلة ما هو محصل من شعر «ليلى»، مفترضًا الغزارة في إنتاجها الشعري، مستدلًا على ذلك بقوله «لو نظرنا إلى كتب تاريخ الأدب لوجدنا سمات وإشارات تفيد أن أكثر ما تركته ليلى من شعرها قد فقد وضاع، والأدلة كثيرة منها أن البحتري كان يتفاخر بأن شعره في المديح يزيد على شعر ليلى الأخيلية، وهي إشارة إلى أن ما وصلنا من شعرها أقل القليل». صورة إنسانية وكان الدكتور أحمد درويش، قد استهل الندوة بحديث عن الشاعرة ليلى الأخيلية، التي عاشت في القرن الأول الهجري، معتبرًا إياها أنموذجًا للمرأة العربية المؤثرة في الأحداث بإيجابية، مع محافظتها على تقاليد الدين والمجتمع، فهي من الملهمات في الشعر العذري، إلى جوار بثينة وعزة وليلى العامرية. وأشاد درويش بالصورة الإنسانية التي رسمتها الشاعرة من خلال شعرها قائلًا: «ضربت ليلى الأخيلية مثالًا إنسانيًا عظيمًا في الحب والشجاعة وقوة الشخصية، يشد الرواة ويجذب السامعين حتى اليوم». جماليات التكرار أما الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بكلية الآداب جامعة الطائف، فقد تتبع في ورقته: «جماليات التكرار في شعر ليلى الأخيلية»، في ضوء أمثلة ونماذج من شعرها متناولًا إياها بالنقد والشرح والتحليل، خالصًا من ذلك إلى أنها: - شاعرة تدرك حساسية الكلمة وقيمة التقنيات الفنية للشعر. - تعرف كيفية التأثير. - توظيف البنية التكرارية من أجل إثراء الدلالة والتأثير على ذائقة المتلقي. - مدركة لقيمة التكرار وطريقة توظيفه جماليًا لخدمة الغرض الشعري. دور سياسي ومن جانبها عالجت الدكتورة ندى يسري، أستاذ الأدب المقارن بجامعة الإسكندرية، الأغراض الثلاثة الأهم في شعر ليلى الأخيلية (المديح - الرثاء - الحب)، مرتئية أن «الأخيلية» لعبت دورًا سياسيًا بارزًا في عصرها مستغلة قريحتها الشعرية، عبر وفادتها لأمراء بني أمية، منوهة إلى أن «ليلى» عاصرت جملة من التحولات السياسية التي قلبت نظام الحكم لصالح بني أمية، حتى قيل إنها نالت مكانتها نتيجة لمدحها معاوية بن أبي سفيان والحجاج الثقفي. وحول طريقة «الأخيلية» في الرثاء، فتقول يسرى: تنتقل ليلى عبر الرثاء إلى شكل آخر استعارت فيه لغة الرجال لترثي محبوبها (توبة) بأعظم الصفات التي يحبها الرجال، وهي: الشجاعة، والكرم، كما استثمرت ذيوع قصة حبها لـ»توبة» لتدخل من خلالها قصور الحكام والولاة، وهي المرأة الأعرابية البدوية في عصر كانت فيه الأفضلية لأبناء الحضر من الرجال.
مشاركة :