دخلت ليلى الاخيلية على الحجاج، وقد أسنت وعجزت فقال لها: ما أتي بك يا ليلى؟ قالت: إخلاف النجوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرد. قال: أخبريني عن الأرض، قالت: الأرض مقشعرة، والفجاج مغبرة، وذو الغني مختل، وذو الحد منفل. قال: وما سبب ذالك؟ قالت: أصابتنا سنون مجحفة مظلمة لم تدع لنا فصيلًا ولا ربعًا، فقد أهلكت الرجال، وفرقت العيال، وأفسدت الأموال. ثم أنشدت فأعجب الجلساء، وقالوا ما رأينا امرأة أفصح، ولا ابلغ منها، ولا أحسن إنشادًا، فأمر الحجاج لها ولقومها بما يقيمهم حولًا كاملًا. (كلب البرد: اِشتدَّتْ بُرودتهُ وحِدتهُ، الفج: الطريق الواسع، انفل: انكسر وانهزم، الفصيل: ولد الناقة أَو البقرة بعد فطامه وفصله عن أُمه، الربع: مرعي الإبل، الحول: عام). هذه امرأة فصيحة بليغة شاعرة ورغم انها أسنت وعجزت إلاَّ أنها ما زالت تجمع خيوط الكلام، قالت فأجادت فوهبها الحجاج ولقومها ما يقيم أودهم عام كامل. صلاح عبدالستار محمد الشهاوي
مشاركة :