هناك عاملان يسهمان في تأجيج الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في إيران.. الأول يتعلق بالنظام الإيراني نفسه الذي أهدر ثروات وأموال الشعب الإيراني في حروب توسعية خارجية في الدول العربية مأخوذا بحلم التوسع الجغرافي والنفوذ السياسي على حساب معاناة الشعب الإيراني. أما السبب الثاني فيتمثل في العقوبات الأمريكية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، وتضع نظام الملالي في مواجهة الشعب الإيراني الذي ازدادت قناعته بأهمية انسحاب إيران من الدول العربية (المحتلة) وصرف الأموال على الشعب الإيراني.. والرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لم يكتفِ بفرض العقوبات الاقتصادية على إيران، بل قال منذ يومين: (إن الولايات المتحدة ستعاقب الشركات الأوروبية إذا تعاملت مع إيران). وقد لاحظنا تأثير ذلك على الشركات الأوروبية، حيث أعلن العديد منها وضع جدول زمني للانسحاب من السوق الإيرانية تحاشيًا للعقوبات الأمريكية ضدها. ويبدو أن النظام الإيراني صار يدرك خطورة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، ولذلك أعطت وزارة الاستخبارات الإيرانية الضوء الأخضر لبعض كبار الشخصيات في قطاع الأعمال والشركات لشراء (جوازات سفر) من بعض الدول الإفريقية، وذلك لتسهيل السفر والمعاملات المالية.. وقد ظهرت مؤخرًا فضيحة شراء جوازات سفر من (جزر القمر)! الأمر الذي دفع الحكومة هناك إلى إلغاء 100 إلى 155 جواز سفر مسجلة بأسماء إيرانيين.. كل ذلك يحدث حاليا في إيران للتحايل على العقوبات الأمريكية. ويبقى السؤال: هل كل هذه العقوبات الاقتصادية الأمريكية سوف تدفع بالنظام الإيراني إلى الانسحاب من الأراضي العربية (المحتلة) سوريا ولبنان والعراق واليمن وقطر؟ أستبعد حدوث ذلك، لأن عقلية نظام الملالي في إيران تقوم على عقيدة التوسع الجغرافي في الدول العربية، ولديه طموحات ليست إقليمية فقط، بل طموحات توسع عالمية (دولية)، ويكمن سر تمسكه بالحكم في لبنان من خلال مليشيات (حزب الله)، وبقاء قواعده العسكرية في سوريا، ومليشياته في العراق، في الحفاظ على طريق بري سريع يربط (طهران) بالبحر الأبيض المتوسط، ووضع القدم الإيرانية في مواجهة أوروبا وأمريكا برًّا وبحرًّا.. هذه هي عقلية حكام الملالي في إيران.
مشاركة :